التخطيط المُسبَق: أداة لإدارة السلوك

يمكن أن يكون التخطيط الدقيق أداة قوية جدًّا لإدارة السلوك، تساعدكم أنتم وأولادكم على اجتياز أوضاع مُستفِزّة بأقلّ ما يمكن من الضغط. يمكن أن يساعد التخطيط الجيّد أيضًا على تدبير لطيف وسلِس لشؤون المنزل.

لماذا يساعد التخطيط المُسبَق على إدارة السلوك

المشتريات، السفر بالسيارة، المحادثة الهاتفية، اللقاءات الهامّة، زيارة الأصدقاء – كلّ هذه هي أوضاع قد تشكّل تحدّيًا من حيث الاهتمام بحاجات الولد وتحقيق كلّ ما تريدونه معًا. يمكن التفكير في ما سبق كـ “أوضاع تحدٍّ للأبوّة – حالات يكون فيها خطر تصرّف ابنكم بشكل مُستفِزّ، وخطر إصابتكم بالإحباط، الضغط، والغضب. تحدث أوضاع التحدّي بشكلٍ عامّ حين يتحقق واحد من الظروف التالية أو أكثر:

  •  حين تحاولون الاهتمام بابنكم وفِعل أمر آخَر.
  •  حين تكونون ملزَمين بالقيام بأمر ما أو التواجد في مكان ما في ساعة محدّدة.
  •  حين يملّ الأولاد.

في الحالات التي قد يستصعب فيها الأولاد إشغال أنفسهم، أو حين يمكن أن يكون إظهار سُلوك صعب أمرًا متحدّيًا وضاغطًا أكثر، يجدر تبنّي توجّه فاعل أكثر لمنع الملل.

النشاطات المُخطَّط لها

لمساعدة الوالدين على مواجهة الحالات التي تثير التحدي، طوّر عالما نفس نمساويان، البروفسور ماثيو ساندرز والبروفسور مارك دادس روتين نشاطات مخطّط لها. أنواع الروتين المختلفة مؤسسة على ثلاثة مبادئ بسيطة:

  1.  خطِّطوا مُسبقًا لتقليل خطر المشاكل.
  2.  علِّموا الأولاد أن يتعاملوا بشكل فعّال مع متطلبات الوضع.
  3.  ابحثوا عن طُرُق لمساعدة الأولاد على البقاء مشغولين وفعّالين، بدل أن يملّوا أو يُزعِجوا.

هكذا تحوّلون المبادئ إلى عمل، وتبنون روتين نشاط مخطَّط له، تساعدكم وأولادكم في حالات الأبوّة الاستفزازية.

  1.  هذا هو الوضع الاستفزازي.
  2.  أوضِحوا لابنكم ما تتوقّعون.
  3.  فكِّروا في ابنكم كشخص “متعلِّم”.
  4.  فكِّروا كيف يمكنكم مُساعَدة ابنكم على البقاء مشغولًا.
  5.  عزِّزوا السلوك الحسَن.
  6.  استخدِموا العواقب للسلوك غير المرغوب فيه.
  7.  أجروا محادثة متابعة.

كلّ من هذه الخطوات موضّحة بالتفصيل لاحقًا.

1. هذا هو الوضع المُستفِزّ

قبل أن تبدأوا بالتخطيط، عليكم تحديد ماهيّة الأوضاع “الخطِرة/ الاستفزازية” بالنسبة لكم، مثلًا: حالات تكونون فيها مضغوطين، مُحبَطين، أو مرتبكين بسبب سُلوك ابنكم. حاوِلوا فهم ما يصعّب الوضع. هل هناك طلبات أكثر من اللازم، وقت ضاغط، أو بيئة مُملّة؟ هل هذه بيئة تمّت ملاءمتها خُصوصًا للتسبّب بسُلوك استفزازيّ، مثلا: صندوق الدفع في الدكّان، الذي تُعرَض بجانبه سكاكر وألعاب في متناول يد الولد؟ اقرأوا المقالة حول تعزيز السلوك الحسن بمساعَدة تغيير بيئة ابنكم.

كما يجدر فهم أية خطوات عملية يمكنكم اتخاذها في وضع معيَّن. هل يمكن الامتناع عن النشاط كلّيًّا؟ هل يمكنكم تلقي المُساعَدة؟ هل يغيّر تلقّي المُساعَدة شيئًا؟ إذا لم يكن ممكنًا تجنُّب الوضع، أو ظننتم أنّ البقاء في الوضع سيساعد ابنكم على تعلُّم كيفية مواجهته بشكل أفضل، يمكن أن يساعدكم روتين النشاطات المُخطَّط لها.

2. أوضِحوا لابنكم ما تتوقّعون 

تكلّموا مع ابنكم قبل مواجهة وضع مُستفِزّ. فسيساعدكم توضيح التوقّعات من الوضع والسلوك المقبول أنتم وأولادكم معًا. إذا كان أولادكم صغارًا، قولوا لهم فقط ما تتوقّعونه، للتقليل من الارتباك والإحباط. للأولاد الأكبر سنًّا أفكار خاصّة بهم، لذا يحسُن بكم أن تضعوا معًا قواعد معيّنة. في حالةٍ كهذه، تعتمد خطوة توضيح التوقّعات أكثر على التفاوض. مع ذلك، أنتم الوالِدون، ومن حقكم أن تقولوا الكلمة الأخيرة.

تذكّر القواعِد الناجعة أولادكم بما تتوقّعونه منهم، وتذكّركم بما تتوقعونه وكيف يكون ردّ فِعلكم. يجب أن تكون القواعد واضحة، بسيطة، ومرتبطة بالسلوك المرغوب فيه. على سبيل المثال، تشمل القواعد المُعَدّة لغرفة الانتظار في العيادة “التكلّم بهدوء”، “طلَب إذن قبل لمس أيّ شيء”، “التعامل بنعومة مع الألعاب والجرائد”، و”اللعب على الأرض بجانبي”.

إضافة إلى ذلك، يحسُن اتخاذ قرار مُسبقًا حول ما يحدث إذا التزم الأولاد بالقواعد وما يحدث إذا انتهكوها. مثلًا، يمكنكم أن تقولوا في العيادة: “إذا بقيتَ قريبًا منّي وطلبتَ إذنًا منّي قبل أن تلمس شيئًا، يمكنك اللعب بالألعاب أو قراءة الكتب. إذا نسيتَ أنّ عليك البقاء قريبًا منّي أو لمستَ شيئًا دون طلَب، عليك الجلوس على الكرسيّ بجانبي لمدّة دقيقة”.

افحصوا إذا فهم ابنكم، واطلبوا منه أن يوضح لكم القواعد والعواقب. افعلوا ذلك مجدّدًا قُبيل الدخول في وضع خطر مرتفع، مثلًا: مباشرة قبل دخولكم إلى العيادة. يمكن أن يساعد بعض القواعد العائلية أفرادَ الأسرة على تدبّر أمرهم بشكل أفضل واحدهم مع الآخر، وعلى جعل حياتهم أهدأ.

3. فكِّروا في ابنكم كشخص متعلِّم

يمكن أن يعرب ابنكم عن “سُلوك استفزازيّ” لأنه لم يُنمِّ بعد المهارات المطلوبة لمواجهة الوضع. اسألوا أنفسكم ما يمكنكم فعله لمساعَدته على تعلّم ما يجب فعله في حالات الخطر المرتفع. إليكم بعض الاقتراحات.

قلِّلوا الضغط حين يتعلّم ابنكم

فكِّروا في ما يمكن القيام به للتقليل من الضغط على ابنكم في وضع جديد، وأتيحوا له أن يتدرّب على قدرات المواجهة لديه في حالات أسهل. وحين يتعلّم مهارة جديدة، أعطوه فرصًا عديدة ليجرّب أن ينجح. حين ينجح في المواجهة بطريقة أفضل، يمكن وضعُه في تحدٍّ أكبر. إليكم بعض الأمثلة:

  • المشترَيات: خطّطوا لبعض رحلات الشراء القصيرة التي تشترون خلالها منتَجات قليلة فقط.
  •  الزيارات/ الزوّار: أجروا بضع زيارات قصيرة لأصدقاء أو أقارب، أو اطلبوا منهم أن يزوروكم.
  •  المحادثات الهاتفية: خطّطوا لبضع محادثات هاتفية قصيرة.

فكِّروا في التوقيت الصحيح

إحدى طُرُق مساعدة ابنكم على مواجهة وضع مُتطلِّب هي التأكّد من أنه ليس جائعًا أو مُتعَبًا. لا يفهم الأولاد أحيانًا أنهم جائعون أو مُتعَبون، ويتصرفون بعصبية فقط. إذا أمكن، خطِّطوا للوضع ذي الخطر المرتفع وفق روتين ابنكم، فتكونون بمزاج أفضل. دعوه يأكل شيئًا صغيرًا قبل أن تذهبوا للشراء مثلًا.

افهموا أية مهارات على ابنكم أن يتعلمها

على سبيل المثال، إذا حدثت المشاكل أثناء التحدّث بالهاتف، يُحتمَل أن يحتاج ابنكم إلى تعلُّم كيفية القول “آسف”، انتظار ردّكم، تلقّي جواب، ومتابعة ما يفعله بهدوء. يمكنكم أن تتكلموا معه حول كل هذه الأمور. إضافة إلى ذلك، يمكنكم أن تُروا ابنكم كيف يفعل هذه الأمور، وتمدحوه حين ينجح.

4. فكِّروا كيف يمكنكم مُساعَدة ابنكم على البقاء مشغولًا.

بالنسبة للأولاد الصغار جدًّا، خطّطوا لبضعة نشاطات تشغلهم في الأوقات المستفزّة للوالدين. أعِدّوا “حقيبة للطريق”، تحتوي على مشروبات، وجبات خفيفة، وبعض الأمور الصغيرة للمثيرة للاهتمام، مثل الورق والألوان، فقاعات الصابون، أو اللاصقات.

يستطيع الأولاد الأكبر أن يخطّطوا لنشاطات مثيرة للاهتمام هم بأنفسهم بمساعدتكم. إضافة إلى ذلك، يمكن جعلهم ينشغلون بالوضع نفسه. مثلا، أثناء الشراء في الدكان، يمكنكم أن تطلبوا من ابنكم أن يجد أغراضًا معيّنة على الرفوف ويضعها في العربة، أو يميّز الألوان أو الكلمات المكتوبة على بطاقات الأغراض. حين تقفون في الدور في البريد، يمكنكم أن تلعبوا لعبة هادئة مثل “أنا أرى” أو “مَن أنا؟” يمكن التخطيط لنشاطات خصوصية للسفر بالسيّارة أو للمحادثات الهاتفية، مثل قصص أو أغانٍ خصوصية في أسطوانة (ديسك)، أو بازل خصوصي. أعِدّوا مُسبقًا بضع أفكار أو نشاطات تساعد ابنكم على ألّا يملّ أو يُزعِج.

5. عزِّزوا السلوك الحسَن

خلال وضع مُستفِزّ، ميّزوا السلوك المرغوب فيه وعزّزوه. لا تقعوا في الفخّ وتردّوا فقط على السلوك الذي لا تحبّونه. بدلًا من ذلك، توقّفوا أحيانًا عمّا تفعلونه، لتُروا ابنكم أنكم تحبّون ما يفعل.

على سبيل المثال، خلال الشراء، يمكنكم مدح ابنكم على أنه قريب منكم، يتحدث بهدوء، أو يساعدكم على إيجاد أغراض من القائمة. إذا كان الوضع ذو الخطر المرتفع هو محادثة هاتفية، يمكنكم إيقاف المحادثة لحظةً لتمدحوا ابنكم على أنه يلعب بهدوء.

6. استخدِموا العواقب للسلوك غير المرغوب فيه

أفضل طريقة للتعامُل مع سُلوك استفزازيّ هي تجنّبه مُسبقًا، بدل معالجته حين يحدث. فإذا عملتم وفق الخطوات الآنفة الذكر، قد يصبح ابنكم أقلّ عصبيّة. مع ذلك، يحسُن ويجدُر التخطيط مُسبقًا لما ستفعلونه إن تصرّف ابنكم بطريقة إشكالية، وذلك لعدّة أسباب. أوّلًا، يصعُب استخدام العواقب حين يحدث السلوك الاستفزازي في مكان غير منزلكم. ثانيًا، يمكن أن يكون الوضع الصعب ضاغطًا أكثر إذا حاولتم أن تقرّروا ما عليكم فعله في اللحظة نفسها. فمشاعر كالضغط، الارتباك، أو الخزي قد تساهم في شعوركم بفقدان السيطرة.

المبشّر بالخير هو أنّ معظم العواقب التي يمكن أن تستخدموها في البيت لمعالجة السلوك الإشكالي تنفعكم في الخارج أيضًا، مع تغييرات طفيفة. مثلا: إذا كنتم تستخدمون الوقت المستقطَع في البيت، يمكنكم ملاءَمة الطريقة لوقت الشراء، كأن تطلبوا من ابنكم أن يجلس بهدء على مقعد خارج الدكان لفترة من الوقت، أو أن تجلسوا معه في السيارة. لا تتركوا أبدًا طفلًا وحده في السيّارة.

7. أجروا محادثة متابعة

يحسُن التحدّث إلى ابنكم بعد الوضع المُستفزّ. خلال المحادثة، شدّدوا أمامه على الأمور التي فعلها بشكل صحيح، واذكروا التقدّم الذي توصّلتم إليه معًا. يمكنكم أيضًا أن تُشيروا إلى أمر أو اثنَين عليه فعلهما بشكل مختلف في المستقبل. يمكن أن يكون هذان هدفَيكم للمرة القادمة.

معلومات إضافيّة حول حالات مُستفِزّة للوالدين

قد تشمل الحالات المُستفِزّة للوالدين إحدى الميزات التالية أو أكثر.

كثرة المتطلبات في الوقت نفسه

كثرة المتطلبات في الوقت نفسه هي ما يحدث حين تحاولون الاهتمام بابنكم وفِعل أمر آخَر في آنٍ واحد، مثل التحدّث مع الموظّف في البنك، التكلّم بالهاتف، قيادة السيارة، إجراء المشتريات، أو تناوُل الطعام مع الأصدقاء.

ضغط الوقت

قد يكون الوضع صعبًا حين تكون ملزَمين بالقيام بأمر ما أو التواجد في مكان ما في ساعة محدّدة. فالشعور بالزمن لدى الأولاد الصغار ليس مماثلًا لما هو لدى البالغين. بعض الأمثلة على ضغوط الوقت هي ساعات الاستعداد للمدرسة والعمل صباحًا، الوصول إلى موعد في الوقت، الاستعداد للنوم، وما إلى ذلك.

الأماكن المُملّة للأولاد

الكثير من الأماكن والأوضاع ليس مُعَدَّا جيّدًا للأولاد – مثل السفر في السيارة، الجلوس في غُرَف انتظار، الوقوق في الدور، أو القيام بالمشتريات، ممّا يجعلهم يملّون بسُرعة. ليس الملل سيّئًا دائمًا. فأحيانًا، يؤدي الملل إلى تفكير إبداعي لدى الأولاد. يمكنكم أن تقترحوا عليهم بضعة اقتراحات لمساعدتهم على التفكير في طُرُق للتحرّر من الملَل بأنفسهم.  مثلًا، يمكنكم أن “تكتبوا” قصّة بصوت عالٍ، أو تذكروا أسماء حيوانات تبتدئ بأحرف مختلفة.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network