من الصعب أحيانا على المرأة أن تعترف أنها تعاني من الاكتئاب أو القلق بعد ولادة الرضيع. قد تكون هذه الحالة صعبة للزوجين، العائلة، والأصدقاء. هكذا تساعدون المرأة التي لا تعترف بالاكتئاب بعد الولادة.
الأمهات: الواقع الذي يعِشنه
يُصعّب المُجتمَع على النساء أن يعترفن أنهن قد يعانين من الاكتئاب بعد الولادة. الرسالة التي تُنقَل فيما يتعلق بالأمهات هي أنهن سعيدات، وفي أحيان بعيدة فقط هناك تطرق إلى الواقع والتحديات التي تواجهها كل امرأة وزوجها.
يحاول الإعلام تعزيز التوقّعات غير الواقعية من الأمهات الجديدات. مثلا، تُنشَر في أحيان كثيرة مقالات وصور لنساء مشهورات، وهن يبدون كأنهن ينجحنَ في مواجهة الواقع بشكل رائع.
بسبب الآراء المقولبة التي تصاحب الاكتئاب، يوصف الاكتئاب بعد الولادة غالبا بطريقة سلبية جدا. وقد تشعر المرأة التي لا تتغلب على مشاعرها السلبية بعزلة كبيرة، وأنها تختلف عن النساء الأخريات في بيئتها القريبة.
الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم الاعتراف بالاكتئاب بعد الولادة
- لا يعرف الكثير من النساء وأزواجهن ما هو الاكتئاب بعد الولادة أو كيف يميّزون علاماته.
- تمنع الآراء المقولبة التي ترتبط بالاكتئاب النساء أن يتوجهن لتلقي المساعدة، كما تمنعهن حاجتهن أن يبدون عاديات قدر الإمكان وكأمهات صالحات وقويات من التوجه للحصول عليها. يمكن من خلال بذل جهود كثيرة إخفاء الاكتئاب بعد الولادة، حتى عن الزوج في بعض الأحيان.
- يصعب على المرأة التي تعاني من الاكتئاب بعد الولادة أن تعترف بأنه تصعب عليها المواجهة وتطلب المساعدة، لأن هذا يلزمها بالاعتراف أنه يصعب عليها مواجهة مشاعرها وأنه طرأت حالة خطيرة لديها. ولكن التجاهل هو العدو الأكبر للتعافي.
- يقلص الاكتئاب بحد ذاته قدرة المرأة على التواصل، اتخاذ القرارات الصحيحة، ومساعدة نفسها. وقد يصعب عليها العثور على الكلمات الملائمة لوصف أفكارها السلبية والمؤلمة، لأنها تشعر أن لا أحد يفهمها أو أن الآخرين سوف يُصدَمون من أفكارها.
- في الأسابيع الأولى بعد الولادة، تحدث أمور كثيرة أخرى، وقد تستخدمها الوالدة لتعليل سبب مشاعرها (ابني لا ينام، طرأت تغييرات على نومه، هناك تأثيرات من جهة زوجي). وقد تفترض أن الوضع سوف يتحسن بعد أن تسير الأمور كما ينبغي.
- قد تكون المرأة حاولت التعبير عن مشاعرها أو طلبت مساعدة من العائلة أو من مراكز الخدمات، ولكن هذه المشاعر لم تلق اهتماما. تؤدي هذه الحالة إلى زيادة مشاعر الفشل، عدم الأهلية، والشعور بالذنب، لا سيما إذا قيل لها إن عليها أن تكون فرحة أو إن والدتها نجحت في القيام بكل الأمور وحدها. في مثل هذه الحال، قد لا تحاول التوجه ثانية لتلقي المساعدة حتى يؤدي الاكتئاب إلى تقليص قدرتها على القيام بواجباتها اليومية.
- قد تتهم المرأة زوجها بمشاعرها، ما قد يؤدي إلى نزاعات بين الوالدين الجدد.
- من الصعب على بعضنا الاعتماد على الاختصاصيين ومشاركتهم بمعلومات شخصية. عندما تصل المرأة التي تعاني من الاكتئاب إلى الطبيب أو إلى الممرضة في مركز رعاية الأم والطفل، قد تبذل جهدها لتبدو فرحة لأنها لا تريد أن يعرفا مشاعرها الحقيقة.
- قد تخشى المرأة من أن عليها أن تتناول أدوية مضادة للاكتئاب إذا تحدثت عن مشاعرها، أو قد تخاف من تأثير العلاج الدوائيّ عليها إذا كانت حاملا أو مرضعة.
- في حالات استثنائية، قد تخاف الوالدة التي ولدت طفلها مؤخرا من أن تأخذ السلطات ابنها لأنها تعاني من الاكتئاب بعد الولادة ولا تنجح في التغلب والمواجهة، لا سيما إذا لم تحصل على دعم من البيئة القريبة. وقد تخشى من أن يُنظر إليها نظرة الأم العاجزة عن القيام بواجبها.
- يمكن ألا يكتشف الخبراء الاكتئاب بعد الولادة، لا سيما إذا لم تُجِب المرأة إجابات صريحة فيما يتعلق بحالتها.
- قد لا تعرف المرأة ما هي الخدمات التي يمكنها التوجه إليها لتلقي المساعدة، أو تعتقد أن لا أحد قادر على مساعدتها.
ما يجب فعله إذا لم تعترف الوالدة بالاكتئاب بعد الولادة
قد ينتبه الزوج، العائلة، أو الأصدقاء إلى أنه طرأت تغييرات لدى المرأة أو أنها لا تنجح في القيام بدورها كأم. من الصعب توقع هذه التغييرات ومعرفة كيف يجب معالجتها، لا سيما إذا لم تكن المرأة مستعدة للتحدث عن مخاوفها أو لتلقي العلاج.
عندما تشعر الوالدة التي ولدت طفلها مؤخرا أنه طرأت تغييرات، يُستحسن أن تتحدث مع زوجها، عائلتها، أصدقائها، ومُعَالجيها، لكي تحصل على المساعدة الملائمة.
ولكن هناك نساء قد يبذلن جهودا كبيرة تجنبا للتحدث عن الصعوبات النفسية التي يواجهنها أو التعامل معها. بمرور الوقت، تتدهور حالة المرأة، وتشهد علاقاتها مع طفلها، أولادها، زوجها، وعائلتها توترا كبيرا. قد يكون الزوج، العائلة، والأصدقاء قلقين أكثر، وقد يشعرون بغضب إذا تحدثوا عن مخاوفهم. قد ترفض هؤلاء النساء بشدة الحصول على مساعدة أو متابعة العلاج.
التأثير على الزوج، العائلة، والأصدقاء
إذا لم تكن المرأة مستعدة للاعتراف بأنها تعاني من الاكتئاب بعد الولادة، تزداد المعاناة التي يمر بها الزوج، العائلة، والأصدقاء. على الزوج أن يأخذ إجازة من العمل لدعم زوجته وللاعتناء بالطفل. قد تزداد المخاوف بشأن سلامة المرأة، الطفل، والأولاد الأكبر.
استنادا إلى الرغبة في العثور على حل للمشكلة، قد تتهم الزوجة زوجها، عائلتها، أو أصدقاءها بما يحدث. في نهاية الأمر، قد تقطع علاقتها مع عائلتها وأصدقائها، أو قد تطلب الانفصال عن زوجها. فقد تشعر أن زوجها هو سبب ضائقتها، وأنه المسؤول عما تمر به. قد تركز المرأة على الصعوبات التي واجهتها في علاقتها في الماضي. وقد تفكر أنه إذا ابتعدت عن زوجها تتحسن حالتها.
في مثل هذه الحال، قد يشعر الزوجان بتوتر كبير. يعرف الزوج أن حالة زوجته ليست جيدة، ولكنها ترفض تلقي المُساعَدة. يعني ذلك أنه ليس في وسع الزوجين القيام بأية خطوة لمنع الطلاق. في هذه الحالة، قد يشعر الزوج أيضًا بالاكتئاب والقلق. على الزوجين أن يواجها فقدان الأمان وعدم القدرة على تقييم الوضع تقييما صحيحا.
الانفصال هو حادثة مأساوية كبيرة عندما يكون ناتجا عن الاكتئاب بعد الولادة الذي لا يحظى باعتراف وعلاج.
استراتيجيات لدعم النساء اللواتي يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة وأزواجهن
يمكن أن يستخدم الزوج، العائلة، والأصدقاء الاستراتيجيات التالية لدعم ومساعدة المرأة التي تعاني من الاكتئاب بعد الولادة، وللاعتناء بأنفسهم.
- اعرفوا أكثر قدر من المعلومات حول الاكتئاب بعد الولادة.هكذا يمكن أن تعرفوا تأثيرات الاكتئاب على المشاعر، السلوكيات، وعملية اتخاذ القرارات لدى الزوجة. حاولوا أن تميزوا بين ما تعلمتموه وبين ما تعرفونه عن الزوجة قبل أن تعاني من الاكتئاب.
- احصلوا أنتم أيضًا على دعم. أخبروا شخصا آخر كيف تشعرون واعتنوا بأنفسكم عبر الاستراحة، الرياضة، والتحرر من مسؤولية الاعتناء بالمنزل والعائلة.
- تجنبوا اتخاذ قرارات هامة في هذه الفترة. قد لا تفكرون تفكيرا صحيحا وواضحا حاليا. تذكروا أنه من المرجح أن يؤدي الاكتئاب بعد الولادة لدى المرأة إلى شعورها بالتعاسة. ولكن إذا حصلت على مساعدة وتعافت، سوف تتغلبون على جزء كبير من النزاعات بينكم.
- حاولوا أن تكونوا صبورين.ليست الزوجة في أفضل أحوالها ولا يمكنها التفكير بوُضوح. وقد تحتاجون إلى الإصغاء إلى مخاوفها وإلى تقديم الدعم لها، رغم أنها ليست قادرة على الإصغاء والمساعدة مثلكم. قد تكون هذه الحالة صعبة ومُحبِطة، لذا تقاسموا العبء بين أفراد العائلة والأصدقاء.
- تجنبوا النزاعات. قد تقول الزوجة أقوالا وتقوم بأعمال تلحق ضررا بكم أو تؤدي إلى نزاعات – يُرجَّح أنها تشعر بغضب وذنب بدرجة كبيرة. قد تشعرون بأنّ الأمر غير منصف وأنه مربِك جدًّا. ابتعدوا عنها في تلك اللحظة وتجنبوا زيادة حدة النزاع. إذا لم تنجح هذه الطريقة أو ازدادت حدة النزاع أو تعرضتم أنتم أو أولادكم إلى عنف جسماني، آن الأوان للتوجه لتلقي المساعدة من العائلة وخدمات الصحة النفسية.
- ثِقوا بمشاعركم ومخاوفكم.قد تحتاجون إلى المخاطرة وخوض نزاع على الأمد القصير لكي تحصل الوالدة على المساعدة التي تحتاجها – لا سيما إذا كنتم قلقين جدا على حالتها وحالة الطفل. اتصلوا بالطبيب أو ممرضة مركز رعاية الطفل، أخبروهما بمخاوفكم، واطلبوا مساعدتهما. كما يمكن أن تتصلوا بخدمات الصحة النفسية، أو أن تتوجهوا عند الحاجة إلى غرفة الطوارئ القريبة.
كيف تشجعون الأم على التحدّث عن مشاعرها
اهتموا بتهيئة أجواء تتيح التحدث
في البداية، اعترِفوا أن الحديث يجري عن وضع حرِج. وفروا جوا يتيح التعبير عن المشاعر والصعوبات مهما كانت. بهدف القيام بهذه الخطوة، بينوا أنكم تعرفون التحديات التي تواجهها الأمهات عموما، والتحديات الخاصة بكم على وجه الخصوص. يمكن أن تقولوا مثلا: “التأقلم مع الأمومة هو أحد أكبر التغييرات التي تواجهها النساء، ولكن نادرًا ما نتحدث عن مدى هذه الصعوبة”.
أكدوا مشاعر الزوجة وادعموها
يمكن أن يبدو أنها لا تصغي إلى محاولاتكم لدعمها. بينوا لها أنكم تفهمون أن مشاعرها حقيقية، بغضّ النظر عن أي مدى تبدو سيئة أو غير منطقية. لا تقولوا لها كيف يُفترَض أن تشعر. تحدثوا بشكل إيجابي عن الأمور الصغيرة التي تقوم بها جيّدًا. مثلا، يمكن أن تقولوا: “أنتِ تواجهين أمورا كثيرة (مثل قلة النوم، الدعم الكافي، والعيش بعيدا عن العائلة). يشعر كل إنسان في هذه الحالة بصعوبة”. أو “أنتِ تقومين بعمل رائع”.
شجعوها على التحدّث عن مشاعرها
ربما تشعر بمشاعر وتفكر في أمور كثيرة ومختلفة أثناء التعافي بعد الولادة، وقد تعاني من قلة النوم ومخاوف جديدة طرأت بعد الولادة. اسألوها أسئلة مفتوحة، وشجعوها على الإجابة بشكل مفصل، بدلا من أن تجيب بنعم أو لا. حاولوا أن تسألوا: “أشعر أنكِ تواجهين صعوبات. يواجه الكثير من الأمهات صعوبات ويخشين التحدث عنها. أعرف أن الجميع يتوقع منكِ أن تكوني سعيدة، ولكنكِ لا تشعرين بشعور جيد وتشعرين بأنك تخيبين أمل الجميع، حتى نفسكِ. هل تشعرين بمشاعر مشابهة؟”
أصغوا لأقوالها
حاولوا الإصغاء إلى مخاوفها، أفكارها، أو نصائحها دون أن تزعجوها. رغم أنه من المغري تقديم النصائح والقول لها ماذا عليها أن تفعل، عليكم أن تُظهروا لها أنكم تصغون.
شجعوها على أن تقرر وحدها
في الوقت ذاته، عليكم تشجيعها على طلب المساعدة. إذا لاحظت المرأة أنكم تصغون إليها، يمكن أن تفهم شؤونها أفضل – الخطوة الأولى في اتخاذ القرار للاعتناء بنفسها. أحيانا، قد تستفيد من معرفة الإمكانيات التي لديها. ولكن في حالات معينة، قد تحتاج إلى أن تكونوا مشاركين أكثر في اتخاذ القرارات.
بيّنوا لها أنكم تؤمنون بأنها سوف تتعافى
ساعدوها على أن تتوقع التعافي، وتأملوا أنتم أيضا أنها ستتعافى (مع الدعم والمساعدة). بشكل عامّ، من الصعب على المرأة أن تصدق أنها سوف تعود كما كانت قبل الولادة. كونوا الضوء في نهاية النفق وقولوا لها إنها ستتعافى. يساعدها دعمكم في جهودها الكثيرة من أجل التعافي.
اهتمّوا بأنفسكم وبالأولاد
قد تشعرون أحيانا أنكم لا تنجحون في القيام بأية خطوة بنجاح. وقد تحتاجون إلى الانتظار حتى تكون الزوجة مستعدة للتحدث ومعرفة أنها تحتاج إلى مساعدة. إذا كنتم قلقين بشأن خير أو خير الطفل والأولاد الكبار، عليكم العمل وتلقي المساعدة، حتى إذا تعرضتم لنزاع مع الزوجة.
ابحثوا عن مقالة قصيرة أو كتاب يتناولان الاكتئاب بعد الولادة
من الأسهل على الأشخاص أن يتقبلوا ظروفهم إذا عرفوا أنهم ليسوا الوحيدين الذين يمرون بظروف كهذه. يمكن أن تفهم الزوجة من خلال قراءة كتاب أو مقالة أن الحديث يجري عن ظاهرة شائعة، يمكن معالجتها، وأن احتمالات النجاح في التعافي جيدة جدا.
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.