الاكتئاب قبل الولادة

يسبب الحمل تغييرات عاطفية إضافة إلى التغييرات الجسمانية الواضحة. غير أنّ الاكتئاب قبل الولادة يختلف عن التغييرات العاطفية الأخرى، وهو يتضمن مشاعر سلبية تستمر أكثر من أسبوعين، وتزعج قدرتكِ على القيام بأعمالكِ اليوم.

مشاعركِ خلال الحمل

يتوقع الكثيرون من النساء الحوامل بأن يشعرون بشعور معين، ويميلون إلى ذكر أقوال مثل “لا شك أنكِ مسرورة”، أو “ممتاز، كم أنا سعيدة من أجلكِ”.

ولكن قد تشعرين بعدم اليقين وعدم الثقة. فربما حملتِ في فترة تجبركِ على تأجيل أهدافكِ المتعلقة بالعمل لوقت لاحق، أو فيما تواجهين صعوبات مادية. إذا كنتِ غير واثقة فيما يتعلق بدوركِ الجديد كأم، إذا كنت تخافين بسبب الحمل أو من مواجهة المخاض والولادة – تزيد كل هذه المخاوف من مشاعر الذنب لأنكِ لستِ سعيدة، لأن الجميع يتوقع أن تكوني فرحة. هذه المشاعر ليست استثنائية، وهي جزء من التغييرات الشائعة التي تطرأ على المشاعر في فترة الحمل.

إذا كنتِ تشعرين بالارتباك والضياع، وكنتِ لا تنجحين في مواجهة الحياة اليومية، أو إذا شعرتِ بنوبات قلق، تحدثي فورًا مع الطبيب. اتصلي بخدمة خط المساعدة النفسية الأولية (عيران) على هاتف ‏1201‏ التي تعمل 24 ساعة في كل أيام الأسبوع. لا يشهد التوجه إلى اختصاصي نفسي أو طبيب نفسي على الضعف – بل هو إشارة إلى أنكِ تعملين من أجل الحفاظ على صحتكِ وأمانكِ أنت وطفلكِ.

الأحاسيس والتغييرات في المزاج في الثلث الأول

تطرأ التغييرات على المزاج في الأسابيع الـ 12 الأولى من الحمل بشكل أساسي، إضافة إلى التغييرات الجسمانية الكثيرة مثل التعب، التقيؤ، الغثيان، والحساسية في الثديين. تكون المشاعر غير مستقرة، وتشعر نساء كثيرات بمزاج سيء. قد تتراوح الحالات المزاجية بين سعادة كبيرة ويأس عميق. قد تبكين أحيانا دون معرفة السبب. في بداية الحمل، تسبب التغييرات التي تطرأ على مستويات هرموني الإستروجين والبروجستيرون تغييرات في المزاج في أحيان كثيرة.

الأحاسيس والتغييرات في المزاج في الثلث الثاني من الحمل

بشكل عامّ، يمر الثلث الثاني بسلاسة أكبر. فالتقيؤ في الصباح يزول بشكلٍ عامّ، والخوف من الإجهاض يقلّ. وبدءا من الأسبوع العشرين من الحمل تقريبا، تبدأين بالشعور بحركات الجنين. والإدراك أنّ الجنين حقيقي يمكن أن يجلب حماسة كبيرة. في كثيرِ من الأحيان، يزداد مستوى الطاقة لديك ويتحسن مزاجكِ أيضا في الثلث الثاني من الحمل، ولكن لا يحدث هذا دائما.

الأحاسيس والتغييرات في المزاج في الثلث الثالث من الحمل

في الثلث الثالث من الحمل، قد تشعرين بقلق بشأن الولادة نفسها، لا سيما إذا كانت لديكِ ولادة صعبة سابقا، أو إذا كانت هي ولادتكِ الأولى ولم تعرفي ماذا ينتظركِ. خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، قد تزداد هذه المخاوف.

قد تشعرين بقلق لأنكِ ستصبحين أما، وبسبب التغييرات التي تطرأ على علاقتكِ مع الآخرين، ومن ضمنهم الأقارب. ربما تعانين من نقص النوم، أو يصعب عليك أن ترتاحي. هناك نساء تشعر في هذه الفترة بمشاعر سيئة إثر الرفض، الفقدان، أو الإهانة.

يمكن أن تتحدثي عن صحتكِ، نمط حياتكِ، وخيرك وصحتك الجسمانية والنفسية خلال زيارات متابعة الحمل. يُستحسَن التحدث عن مخاوفكِ من أن تصبحي أما، أو عن المشاكل في العلاقات، بما فيها العنف في العائلة.  في الواقع، سوف يسألكِ معظم مقدمي الخدمات خلال الحمل إذا كنتِ تتعرضين للعنف داخل العائلة، لكي تحصلي على دعم عند الحاجة.

علامات الاكتئاب قبل الولادة

نحو 10% من النساء الحوامل يواجهن صعوبات شعورية مثل القلق، الخوف، والحزن أثناء الحمل. إذا شعرتِ بمشاعر سلبية شبيهة بالمشاعر المذكورة أعلاه لمدة تزيد عن أسبوعين، وبصعوبة في أداء نشاطاتكِ اليومية، فربما يجري الحديث عن اكتئاب قبل الولادة. في كثيرِ من الأحيان، من السهل عدم اكتشاف الاكتئاب قبل الولادة، لأنه من الصعب اكتشافه، وهو معروف أقل من الاكتئاب بعد الولادة.

ربما تشعرين بالاكتئاب قبل الولادة إذا كان:

  • يصعب عليكِ التركيز وتذكر الأمور
  • يصعب عليكِ اتخاذ القرارات أو القيام بنشاطاتكِ اليومية
  • تشعرين بقلق ونوبات هلع
  • تعانين من مشاعر سيئة
  • كنتِ عصبية بشكل خاص
  • كنتِ تحتاجين إلى الابتعاد عن العائلة والأصدقاء
  • تعانين من صعوبات في النوم
  • كنتِ متعبة بشكل خاص أو دون توقف
  • تشعرين بالحاجة إلى تناول الأكل كل الوقت أو لا تأكلين أبدا
  • يزداد وزنك أو ينخفض لأسباب غير متعلقة بالحمل
  • لا ترغبين بممارسة العلاقة الجنسية
  • تشعرين أنكِ لا تتمتعين بأي شيء
  • تشعرين بالفشل أو الذنب
  • كنتِ حزينة دائما
  • تفكرين في الموت أو الانتحار

قد يسبب الحمل مشاعر قوية، عميقة، وغير متوقعة لدى النساء والرجال. في الواقع،  يشعر الرجال بالاكتئاب قبل الولادة أيضا.

العوامل التي تؤثر في الاكتئاب قبل الولادة

تساهم الهرمونات التي تُفرَز خلال الحمل في مشاعر معظم النساء الحوامل. إليكم بعض العوامل الإضافية التي قد تؤدي إلى الاكتئاب قبل الولادة:

  • ماضٍ عائلي أو شخصي من الاكتئاب: إذا عانى أحد أفراد عائلتكِ من الاكتئاب، أو إذا كنتِ تعانين من نوبات من الاكتئاب، من المتوقع أن تشعري به خلال الحمل أيضا.
  • التوقف عن تناول الأدوية: إذا كنتِ تتناولين أدوية لمعالجة حالة نفسية في الماضي وتوقفتِ عن تناولها بسبب الحمل – لا سيما إذا توقفتِ عن تناولها فجأة، قد تشعرين بتفاقم الأعراض. يُستحسَن دائما التحدث مع اختصاصي قبل أن تقرري إيقاف الأدوية قبل الحمل أو خلاله.
  • صعوبات في العلاقات: قد تؤثر كثيرا المشاكل التي تواجهينها في علاقاتكِ مع زوجكِ، أو الخوف من قلة الدعم عندما تلدين، في خيركِ النفسي.
  • مناسبات مثيرة للتوتر: قد يؤدي أي تغيير هام تمرّين به، مثل الانتقال إلى شقة جديدة، الطلاق، الإقالة من العمل، أو وفاة قريب، إلى الاكتئاب.
  • مشاكل أثناء الحمل: قد تؤدي الفحوص الطبية الكثيرة أثناء الحمل، المشاكل أو المرض مثل التقيؤات الحادة أو الآلام الحادة، إلى تأثيرات شعورية.
  • مشاكل في الإخصاب أو الإجهاض خلال حمل سابق: إذا مررتِ بصعوبات كي تحملي أو بإجهاض أو ولادة صعبة، من المتوقع أن تعاني من مخاوف بشأن مستقبل الحمل.
  • الحمل غير المخطط له أو غير المرغوب فيه: قد يؤدي توقيت حدوث الحمل إلى توتر كبير إذا لم يكن مخططا له أو إذا كنتِ غير متزوجة.
  • تاريخ شخصي من التعرض للعنف: قد يشكل الحمل محفزا لذكريات مؤلمة لدى النساء اللواتي مررنَ بعنف شعوري، جنسي، جسماني، أو كلامي.
  • نقص الدعم الاجتماعي: قد يساهم نقص الدعم مقابل تحديات الأمومة، أو العزلة الاجتماعية، في لتسبب باكتئاب.
  • صعوبات مادية: قد تزيد المشاكل المادية التوتر الذي تشعرين به خلال الحمل.

تأثيرات الاكتئاب قبل الولادة على الطفل

أصبح يشير المزيد من الأبحاث إلى أن التوتر، القلق، أو الاكتئاب خلال الحمل ليست مثالية للطفل. من المتبع التفكير أن التغييرات التي تطرأ على وتيرة القلب لدى الجنين وردود فعله على التوتر نابعة من الاكتئاب الخطير قبل الولادة الذي لم تتم معالجته، ولكن ما زالت هناك حاجة لإجراء بحث عميق أكثر.

يجب أن يُؤخَذ في الاعتبار خير الجنين عند اتخاذ قرار فيما يتعلق بعلاج الاكتئاب قبل الولادة، بهدف تجنب هذه التأثيرات.

ما الذي يمكن القيام به

العلاج المبكّر للاكتئاب والقلق هو الطريقة الأنجع للتعافي. قد تصعّب عليكِ المواجهة الشخصية لهذه المشاعر طوال وقت طويل التغلب عليها قُبيل الولادة. نقدم لكِ بعض النصائح التي تساعدكِ:

  • لا تبذلي جهدًا أكثر من اللازم.لا يتعين عليكِ أن تُحضِّري غرفة خاصة لطفلكِ، تنظفي منزلكِ، أو تعملي عملا صعبا قبل أن تخرجي لإجازة الولادة. خصصي وقتا لنفسكِ يوميا: اقرأي كتابا، شاهدي التلفزيون، أو تمشّي. إذا كان لديكِ أطفال، اطلبي من العائلة أو الأصدقاء أن يراقبوهم لوقت معين بهدف أن تخرجي للتنزه والاستراحة قليلا.
  • كُلي جيّدًا ومارسي الرياضة.من المهم أن تعتني بنفسكِ كما تعتنين بطفلكِ. من الصعب تناول الأكل الجيد أو ممارسة الرياضة عندما تشعرين بشعور سيء وعدم ارتياح. تناولي وجبات صغيرة خلال اليوم، ومارسي الرياضة الخفيفة مثل المشي أو السباحة.
  • شاركي زوجكِ قدر المستطاع.يكتشف الأزواج التغييرات قبل أن تفهم الزوجات أو يعترفن أنه طرأت تغييرات لديهن. يُرجَّح أن يكون زوجكِ قلقا من الحمل والحياة المستقبلية، وكذلك على صحتكِ. يُستحسن أن تتحدثي معه بانفتاح، لأنكِ سوف تحتاجين إلى دعمه. يمكن أن يدعمكِ زوجكِ فقط إذا شاركتِه بمشاعركِ. شجعي زوجكِ على قراءة معلومات عن الاكتئاب قبل الولادة وكيف يمكنه دعمكِ بأفضل طريقة.
  • تحدثي عن مشاعركِ.أتيحي للأصدقاء والعائلة فرصة لدعمكِ، وأخبريهم بمخاوفك وقلقكِ. عندما تبدأين بالتحدث، سوف تكتشفين كم من الأشخاص مروا أو يمرّون بتجارب شبيهة. يمكن أن تخططي معهم كيف يدعمونكِ بعد الولادة، مثلا: أن يشاركوا في تحضير الوجبات أو المشتريات.
  • شاركي الممرضة التي ترافقكِ أثناء الحمل وطبيب النساء بمشاعركِ.أخبري الاختصاصيين الذين يعالجونكِ خلال الحمل بأفكاركِ ومشاعركِ. فيمكن أن يساعدوكِ على معرفة ما يحدث، يدعموكِ، أو يوجهوكِ للحصول على دعم ملائم، ويفحصوا حالتكِ أثناء الحمل.
  • توجهي لتلقي العلاج.إذا حاولتِ التغلب على مشاعركِ وأفكاركِ وحدكِ ولكنكِ لم تنجحي، يُستحسن أن تتوجهي لتلقي العلاج. عليكِ البحث عن شخص تعتمدين عليه وتشعرين بارتياح معه.
  • تحدثي مع الطبيب عن تناول أدوية مضادة للاكتئاب.قد تساعدكِ الأدوية المضادة للاكتئاب، لا سيما إذا كان خيركِ وخير طفلكِ معرضَين للخطر. وقد تخشين من تناول الأدوية خلال الحمل، ولكن هناك أدوية مضادة للاكتئاب ملائمة وآمنة أثناء الحمل. تحدثي مع الطبيب عن الاحتمالات المتاحة أمامك.
  • اقرأي عن الاكتئاب بعد الولادة.لا تؤدي مواجهة الاكتئاب قبل الولادة بالضرورة إلى اكتئاب بعد الولادة، ولكن إذا حدث من المهم أن تعرفي ماذا عليكِ أن تبحثي، لا سيما إذا استمرت المشاعر مثل الخوف، القلق، والحزن بعد الولادة. شاركي الممرضة التي ترافقكِ أثناء الحمل وطبيب النساء بمشاعركِ، لكي يقدما لكِ الدعم المطلوب.

ماذا يحدث بعد الولادة؟

لا يؤدي الاكتئاب قبل الولادة إلى الاكتئاب بعد الولادة بالضرورة. يعاني نحو نصف النساء اللواتي يصبن بالاكتئاب أثناء الحمل من الاكتئاب بعد الولادة أيضا.

قد يقلل تلقي علاج من اختصاصي نفسي أثناء الحمل احتمالات الإصابة بالاكتئاب بعد الولادة. خلال الحمل، من المهم تحضير شبكة دعم تتضمن العائلة، الأصدقاء، طبيب النساء، اختصاصيا نفسيا، وربما مجموعة دعم، بهدف جعل الفترة بعد الولادة أسهل.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.