متلازمة طيف التوحد: التوتر العائلي

يبلّغ أفراد عائلات الأطفال الذين يعانون من التوحد في كثيرِ من الأحيان عن مستويات مرتفعة من التوتر والضغط. هذا جزء طبيعي ممّا تمر به العائلة عندما يعاني أحد أفرادها من التوحد. ستكتشفون في المقال التالي كيف تطوّرون طرقا لمواجهة فترات التوتر في العائلة.

العلاقة بين التوتر في العائلة والولد الذي لديه توحد

يمر كل واحد من أفراد العائلة بتوتر ويتعامل معه بطرق مختلفة. ليست هناك طريقة صحيحة يمكنكم اتباعها في التعامل مع ابنكم الذي يعاني من التوحد، ولكن يجب أن تتفهموا مشاعر أفراد العائلة الآخرين وتهتموا بها.

المشاعر والتوتر

من الطبيعي أن تشعروا بمشاعر مختلفة. قد تشعرون في مراحل معيّنة من حياة ابنكم بصدمة، حزن، غضب، إنكار، عزلة، وتقبّل. تشكل هذه المشاعر مصدر توتر لديكم ولدى سائر أفراد العائلة. مع ذلك، تذكّروا أن هذه هي مراحل الحُزن التي يمر بها أحيانا الوالدون الذين لديهم طفل يعاني من احتياجات خاصة بعد التشخيص. من الطبيعي جدا أن تشعروا بهذه المشاعر في لحظات مختلفة.

في النهاية، من المرجح أنكم تخيلتم كيف تعلمون ابنكم القراءة، تحتفلون بعيد ميلاده، تشاهدون ألعابا رياضية، أو تساءلتم كيف سيكون حين يكبر.  يبدو أن ما تخيلتموه سيكون مختلفا عن الواقع، وفق قدرات ابنكم، وقد تحتاجون إلى ملاءمة توقعاتكم.  سواء كان الحديث يجري عن مشاعر معيّنة، من المهم أن تكتشفوا هذه المشاعر، وتعترفوا بحقيقة أنه يجوز لكم أن تشعروا بها.

مشاعر مختلفة لدى أفراد العائلة المختلفين

قد تكون المشاعر التي تمرون بها مختلفة عن تلك التي يمر بها الزوج أو الزوجة في مراحل مختلفة، ما يؤدي إلى توتر. كما أنه يجدر بكم أن تتذكروا أن رد فعل الأشخاص يكون مختلفا على الأحاسيس والمشاعر، وقد يشعر بعضهم إثر ذلك بتوتر.

مثلا: تشعر الأمهات عادةً بتوتر أكثر من الآباء – ربما لأنهن يعتنين بالأطفال أكثر. تتضمن مصادر التوتر لدى الأمهات أنماط نمو لا يمكن توقعها لدى الأطفال، صعوبات في المهارات الاجتماعية، قدرات محدودة على التعبير عن المشاعر، ورفض تناول الطعام. يشعر الآباء بتوتر بسبب سلوكيات الأطفال المثيرة للتحدي.

ويشعر إخوة الأطفال الذين يعانون من التوحد هم أيضًا بتوتر. فهم يكونون قلقين أحيانا بسبب صعوبات سلوكية يعاني منها إخوتهم – تكون هذه السلوكيات محرجة أحيانا أو تمنعهم من دعوة الأصدقاء لزيارتهم في المنزل.

قد يشعر أفراد العائلة الموسّعة بتوتر كبير عندما يشاهدون ردة فعل عائلة الطفل الذي يعاني من التوحد. لا يؤثر التوتر في كل واحد من أفراد العائلة  على حدة فحسب، بل في علاقاتهم معا أيضا.حافظوا على علاقاتكم داخل العائلة لمواجهة التوتر بشكل أفضل.

التوتر العائلي والتوحد: أسباب شائعة

يبلّغ أفراد عائلة الأطفال الذين يعانون من التوحد أحيانا عن توتر وصعوبات كثيرة مقارنة بعائلات أخرى. قد يحدث التوتر لأنهم:

  • يتعلمون تقبّل التشخيص
  • يشعرون بتوتر بسبب كل الأمور التي لا يعرفونها أو يفهمونها عن المتلازمة وكيف ستؤثر في ابنهم
  • يشعرون أنّ سيطرتهم محدودة على مستقبل ابنهم
  • يصعب عليهم مواجهة سلوكيات ابنهم المثيرة للتحدي، بما في ذلك طريقة التواصل بين الأولاد، تناول الأكل، أو النوم
  • يصعب عليهم التعامل مع المنظومة البيروقراطية الصعبة المتعلقة بالمتلازمة
  • يصعب عليهم مواجهة الحياة اليومية للطفل المتوحد – قد يستغرق القيام بأعمال معيّنة مع الطفل الذي يعاني من التوحد وقتا أطول بكثير، وتكون هذه الخطوة مثيرة للإحباط في كثيرِ من الأحيان
  • يخافون بشأن مَن سيعتني بابنهم في المستقبل

كيف يمكن تجنب التوتر

رغم أن التوتر هو جزء من الحياة، إلا أن هناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها بهدف تجنب كثرة التوتر منذ البداية.

المحافظة على النظام

يكون التوتر أحيانا مرتبطا بالشعور بعدم السيطرة. المحافظة على النظام والترتيب هي طريقة ناجعة جدا في استعادة السيطرة ومستوى توتركم.

يمكن في الحياة اليومية التركيز على نقطة واحدة في كل مرة. حاولوا إدخال بعض الروتين العائلي . يمكنكم ملاءمة الروتين لابنكم ذي الاحتياجات الخاصة  مثل التوحد.

خلال تعاملكم مع المنظومة التي تعالج الأولاد مع التوحد، ابحثوا عن معلومات حول الدعم الذي يمكن أن يحصل عليه ابنكم. يمكن أن تستعينوا بموقع  مركز التوحد ، الذي يتضمن معلومات كثيرة عن المتلازمة، حقوق والدي الطفل الذي يعاني من التوحد، وطرق العلاج، وكذلك في موقع ”  وموقع مركز “كيشر” (Kesher) للعائلة.

الاعتناء بأنفسكم

عندما تهتمون بابنكم الذي يعاني من التوحد، من السهل أن تنسوا أنفسكم. رغم ذلك، يمكن تقليص مستويات التوتر في العائلة إذا تأكدتم أن كل أفراد العائلة – وأنتم من ضمنهم – يكرسون وقتا كافيا للقيام بأمور يحبونها.

اطلبوا من كلّ أفراد العائلة أن يحضّروا قائمة بالأمور التي يحبونها. حاولوا أن يقوم كل واحد منكم بخطوة واحدة من القائمة يوميا، أو مرة كل بضعة أيام. يمكن أن تتضمن القائمة نشاطات ذات تكلفة وأوقات مختلفة، بحيث يتمتع كل واحد من أفراد العائلة بعمل يحبه، حتى في فترات الضغط. يمكن أن يساعدكم جدول تخطيط أسبوعي على متابعة النشاطات. علّقوا الجدول في مكان يمكن أن يشاهده الجميع – مثلا: على الثلاجة – لتتذكروا إدخال المتعة إلى حياتكم اليومية.

تعزيز التقاليد العائلية

تمنح التقاليد العائلية شعورا بالاستقرار، حتى في حالات التوتر. وقد تحتاجون إلى ملاءمة تقاليدكم مع احتياجات ابنكم – مثلا: يُرجَّح ألا يكون القيام برحلة خارج المنزل تتطلب السفر بضع ساعات ملائمًا لكم، لذا يكون عليكم اختيار موقع تنزه قريب من المنزل يتطلب سفرًا أقل.

مواجهة التوتر

رغم أن التوتر هو جزء من حياة العائلة، يمكن تعلم مواجهته بشكل إيجابي أكثر.

الحصول على دعم من الأسرة والأصدقاء

عند تشخيص ابنكم أنه يعاني من طيف التوحد، يُستحسن أن تشاركوا أفراد العائلة والأصدقاء بالمعلومات.

كذلك، تعلموا كيف تطلبون المساعدة وتحصلون عليها. قد تكون المساعدة بسيطة، مثلا: أن تطلبوا من أحد أفراد العائلة الموسّعة أن يعتني بابنكم لبضع ساعات في إحدى الليالي، أو أن تطلبوا من ابن أو ابنة الأخ أو الأخت الأكبر سنا أن يأخذا ابنكم إلى حديقة الألعاب عندما تقومون بالمشتريات. يتمتع الأطفال بالنشاطات مع أفراد العائلة الموسّعة، وأنتم تتمتعون بالاستراحة التي تحتاجون إليها.

يمكن الاستعانة بالدعم المحوسب ومشاركة مشاعركم مع والدين آخرين  في منتديات إلكترونية للوالدين والعائلات التي يعاني أحد أفرادها من طيف التوحد. يمكن أن تعثروا عليها في الإنترنت مثلًا في مواقع جمعيات ومنظمات تُعنى بهذا المجال.

الوقت المستقطَع

قد يؤدي الاعتناء اليومي بالطفل الذي يعاني من طيف التوحد، إضافة إلى روتين الحياة المتوتر وتلبية احتياجات المنزل والعمل، إلى الإرهاق. قد تشعرون أحيانا أنكم، الوالدين، تحتاجون إلى الاستراحة. يقترح جزء من الجمعيات التي تُعنى بالأطفال والعائلات التي لديها أطفال ذوو احتياجات خاصة استجماما أو مخيمات، يمارس فيها الأطفال نشاطات ويتلقون علاجات في إطار محميّ ومراقب. تتيح لكما هذه الخدمة وقتا للاستراحة كزوجَين، أو كوالدَين لأولادكما الآخرين.

التفكير الإيجابي والكلام الذاتي الإيجابي

التفكير الإيجابي والكلام الذاتي هما طريقتان ناجعتان لمواجهة التوتر، تزيدان الشعور الإيجابي وتحسنان القدرة على مواجهة حالات الضغط.

مثلا، يخطر على بالكم تفكير سلبي مثل: “لا شك أن الآخرين يعتقدون أني والد سيء”. بهدف مواجهة هذا التفكير، استخدموا تفكيرا إيجابيا أكثر، مثلا: “لا يهمني بمَ يفكّر الآخرون”، “يمكن أن أقوم بهذه الخطوة”، أو “سأظل هادئا”.

كلما تدربتم على الحديث الذاتي الإيجابي أكثر، يزداد الاحتمال أن يصبح جزءا من حياتكم. ابدأوا بالتدرب على هذه الطريقة في ظرف تشعرون فيه بالضغط، ثم اتبعوها في الحالات القادمة.

الاسترخاء وتقنيات التنفس

حاولوا التدرب على تمارين التنفس وتقنيات إرخاء العضلات. تدربوا واستخدموا تقنيات الاسترخاء هذه فورًا عندما تشعرون بتوتر، أو عندما تعرفون أنكم ستواجهون ظروفا تسبب التوتر، لكي تهدأوا بسرعة أكبر.

يمكن أيضا أن تكرّسوا بعض الوقت يوميا للاسترخاء أو التأمل. في البداية، يمكن أن تقوموا بذلك لمدة عشر دقائق في نهاية اليوم، ما يساعد على النوم أفضل والشعور بمشاعر إيجابية أكثر خلال النهار.

اقرأوا المقال مواجهة التوتر لمزيد من المعلومات حول علامات التوتر والحصول على نصائح للمواجهة.

طرق لمواجهة السلوك الاستفزازي

تسبب السلوكيات المثيرة للتحدي لدى الأطفال الذين يعانون من  التوحد توترا كبيرا لدى الكثير من العائلات والوالدين.

يجدر الانتباه بشكل خاص إلى حالات معينة تؤدي إلى سلوك ابنكم بهذه الطريقة، كيف تؤدي إلى التوتر، ولماذا. يساعد التعرف مسبقا إلى هذه الحالات على تجنبها أو تغييرها.

كذلك، من المهم أن تحاولوا اتباع طرق السلوك المخطط لها مسبقا لابنكم. إذا كان يصعب عليكم تطبيقها، حاولوا التفكير في سبب الصعوبة. مثلا: هل تشعرون أن ابنكم لا يستجيب لهذه الطرق؟ أو أنه يصعب عليكم معرفة ماذا يتعين عليكم القيام به؟

على أية حال،  يمكن أن تطلبوا المساعدة من الاختصاصيين الذين يعتنون بابنكم.

الحصول على مساعدة

إذا كنتم تحتاجون إلى مساعدة للتغلب على التوتر، فهناك عدة إمكانيات:

  • الاستشارة أو العلاج – يمكن أن تطلبوا توصيات من طبيب العائلة أو الجمعيات والمنظمات التي تُعنى بالتوحد
  • المساعدة المالية – اتصلوا بالتأمين الوطني أو بالعامل الاجتماعي في المجتمع المحلي أو في صندوق المرضى لكي تحصلوا على مخصصات للطفل ذي الإعاقة
  • مجموعات الدعم.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.