في السنوات التي يكون ابنكم خلالها في الروضة، يتعلم وينمو كل الوقت، ويعزز ثقته بنفسه وتقييمه الذاتي. من أجل أن تتواصلوا بشكل أفضل مع ابنكم في هذه السنوات، من المهم أن تفهموا كيف يتطور من ناحية عاطفية واجتماعية.
فهم الأولاد في سنّ الروضة: مبادئ أساسية
تُعتبَر السنوات التي يقضيها ابنكم في الروضة من بين الفترات الأهم في حياته من حيث النمو الحسي. يبني ابنكم الآن ثقته وتقييمه الذاتي اللذَين بدآ منذ صغره. الطريقة التي يشعر بها الأولاد حول قدراتهم الآخذة في النموّ بسرعة ومواجهتهم المشاعر الأكثر تعقيدا تؤثر في قدرتهم على مواجهة الضغط أثناء حياتهم.
دوركم في هذه السنوات هو مساعدة ابنكم على تطوير تقييم ذاتي، مهارات مواجهة، مهارات حل المشاكل، ومهارات اجتماعية. تساعد هذه المهارات على مواجهة التغييرات الشعورية التي يمر بها ابنكم، والاستمرار رغم الإحباط، تطوير الأمل، السيطرة على الدوافع العاطفية المتطرفة، والشعور بالرأفة والتعاطف. كل هذه المهارات هي جزء هام من النجاح والرفاه في الحياة.
يحدث معظم عمليات التطور والتعلم لدى ابنكم بواسطة اللعب – في المنزل، كجزء من اللعب وحده أو معكم، وكذلك في الروضة، كجزء من اللعب مع الطاقم في الروضة والأولاد الآخرين.
تنمية احترام الذات لدى ابنكم
يعني تقدير الذات جيدا النظر إلى أنفسكم وقدراتكم بشكل إيجابي. يشعر الأولاد ذوو التقييم الذاتي الجيد أنهم يحظون بتقدير الآخرين ويستطيعون مواجهة العالم. يساعد التقدير الذاتي الجيد على مواجهة الإحباط والمشاكل في الحياة. يتيح لنا فهم الحقائق أن الأمور لا تسير دائما وفق رغبتنا ويساعدنا على تقبلها، فنكون قادرين على الرد عليها بشكل إيجابي – مثلا، “كيف يمكن أن أصحح هذا الأمر السيء الذي حدث لي؟”، أو “الأمور السيئة قد تحدث لدى الجميع. أستطيع التغلب على هذا”.
هكذا يمكن أن تساعدوا ابنكم على تطوير تقييمه الذاتي:
تعزيز النظرة الذاتية لدى ابنكم
ينبع التقييم الذاتي لدى ابنكم من حقيقة أنه يعرف أنه مرتبط بكم، محبوب، ويحظى بالتقدير والقبول كما هو. إليكم بعض الأفكار لتعزيز هذه المشاعر:
- علموا ابنكم مَن هو: دعوه يتعرّف على أفراد العائلة الموسعة، اخبروه عن صلة العلاقة بينكم وبينهم، وما الذي قمتم به عندما كنتم صغارا.
- حضروا ألبومات صور عائلية واطلبوا من ابنكم أن يجمع تذكارات عائلية، كأغراض من مناسبات.
- احتفظوا بالصور والرسائل الخاصة بابنكم، واعرضوها بفخر. هكذا يمكن أن يرى أيضا إلى أي مدى قد كبر وتغير مع مرور السنوات.
ساعِدوا ابنكم على تطوير ثقته الذاتية بقدراته
- شجعوا ابنكم على حل المشاكل واتخاذ القرارات بنفسه. رغم ذلك، تأكدوا أنه يعرف أنكم قريبون منه إذا احتاج إلى مساعدتكم.
- عندما يتعلم ابنكم المهارات الجديدة ويتقنها، شجعوه على التدرب عليها قبل أن يبدأ بمهارات أكثر صعوبة. يساعد التكرار على بناء الثقة الذاتية وفهم أن المهارات أصبحت أسهل بعد التدرب عليها.
امنحوه اهتماما إيجابيا
- عندما يقوم ابنكم بالأعمال التي طُلبت منه أو يقوم بشيء جيد من أجلكم، قولوا تعابير مثل “شكرا”، “ساعدتني كثيرا”، أو “أنت تقوم بهذا بشكل جيد ورائع”.
- امدحوا ابنكم كثيرا، ولكن كونوا صادقين – فهو يعرف إذا كنتم غير صادقين. إذا مدحتموه أكثر مما يجب، يتعلم ألا يقدّر المدح.
- امدحوا ابنكم بشكل مثير للاحترام وحقيقي، وليس رغبةً في المجاملة فقط، كونوا على مستوى عيني ابنكم وانظروا إليه، والمسوا ابنكم عندما تمدحونه. فهكذا يكون المديح حقيقيا أكثر.
- حاولوا أن تكونوا دقيقين في المدح، لا أن تعبروا عن مديح عام فقط. فبدلا من أن تقولوا “أنت ولد رائع”، قولوا “كانت الطريقة التي شاركتَ فيها الألعاب مع أختك اليوم رائعة جدا، أنا فخورة بك”
- عانقوا ابنكم، أصغوا إليه، خصصوا وقتا من أجله حتى إن كنتم مشغولين، دعوه يساعدكم، اعرضوا الصور التي يرسمها، وشاركوا في حفلات الروضة قدر الإمكان.
- لا تقولوا أبدا أقوالا من شأنها أن تحط من قدر ابنكم، مثل “أنت مصدر تعبي”، “لن تنجح أبدا”، أو “أنت ولد سيء جدا”.
تقبّل الأخطاء
- كونوا واقعيين، ولكن دعوا ابنكم يخاطر أحيانا ويخطئ في أحيان أخرى. حاولوا ألا تحموا ابنكم أكثر من اللازم.
- قولوا له إنه يمكنه أن يرتكب الأخطاء، وإنها تساعدنا على التعلم. من المهم أن يفهم الأولاد أنهم حتى إن ارتكبوا الأخطاء في مجال معين، فهذا لا يعني أنهم لن ينجحوا في كل ما سيقومون به.
- شجعوا ابنكم على التفكير وقول أقوال إيجابية مثل “حسنا، لا بأس أن فريقي لم يفز اليوم”، “يمكن أن أحل المشكلة إذا تابعت المحاولة فقط”، و “أشعر بشعور أفضل عندما أساعد شخصا ما، حتى إن لم يشكرني”.
إذا حاولتم حماية ابنكم من التعرض إلى فشل، وتدخلتم وحاولتم دائما تجنب الأخطاء، قد تمنعون ابنكم عن التعلم أن الأمور لا تسير في الحياة دائما وفق رغباتنا. قد لا يتعلم ابنكم كيف يواجه الفشل والإحباط، ويحتاج إليكم دائما لتحسين الأوضاع. إضافة إلى ذلك، قد يفكر أنكم تعتقدون أنه لن ينجح في أية مواجهة بنفسه.
تطوير مهارات المواجهة لدى ابنكم
تساعد مهارات المواجهة الجيدة على مواجهة المشاكل، الإحباط، التهديدات، والتحديات. الطريقة التي يتعامل فيها ابنكم مع هذه التحديات بصفته طفلا ورضيعا – البكاء ونوبات الغضب – لن تحظى باحترام عندما يكبر! إنّ فهمَ كيفية شعور ابنكم في حالات مختلفة، لا سيما في الحالات الصعبة، هو خطوة أولى في تطوير مهاراته على المواجهة.
يميل الأولاد في سن الروضة إلى مواجهة حالات ذات طابع تهديدي من خلال اللعب الدراماتيكي (أو اللعب الرمزي) – فهم يخلقون حالات خيالية ينجحون في التغلب على ما يخيفهم. تساعد السيطرة على الحالة المخيفة أثناء اللعب على أن يشعر الأولاد بشكل أفضل. يفضل الأولاد الأكبر سنا أن يسمعوا ما الذي يحدث في تلك الحالة المثيرة للخوف.
نصائح لتعزيز مهارات المواجهة بشكل جيد
- علموا ابنكم كيف يكون واعيا لمشاعره ويفهمها. يمكن استخدام ألعاب الأطفال والقصص للتحدث عن شعور ابنكم في حالات مختلفة.
- ساعدوه على فهم مشاعره السلبية ومواجهتها – مثلا، الحزن، الإحباط، والإحراج – عندما تحدث هذه الحالات في المرة الأولى، وقبل أن تصبح قوية وتصعب مواجهتها.
- علموا ابنكم أنه رغم أن الجميع يحب الفوز، فإن أهم شيء هو أن يقوم بأكثر ما يمكنه القيام به. كونوا قدوة ودعوا ابنكم يعرف كيف تتديرون أموركم.
- ساعدوه على أن يفكر إذا كانت أمور معينة منطقية أو غير منطقية – مثلا، الانتظار في الطابور بدلا من أن يحاول التقدم قبل ولد آخر.
- اوضحوا لابنكم أنه أحيانا لا تسير الأمور كما ينبغي حتى إن كان يقوم بالعمل الصحيح – مثلا، “لا يشارك كل الأولاد الآخرين بألعابهم، حتى لو طلبت بطريقة جيدة”.
- اعرضوا عليه تفكيرا إيجابيا في حالات صعبة – مثلا، “من المخيف قليلا الطلب من إيناس الانضمام إلى اللعب لأنها قد ترفض. ولكن ربما توافق، وهكذا يمكن الانضمام إليها واللعب والتمتع معا”.
تعزيز مهارات حل المشاكل لدى ابنكم
مهارات حل المشاكل هامة في اتخاذ القرارات وحل النزاعات والمشاكل. لا يكون الجدل سيئا دائما، لأنه يتيح للأولاد تعلم أن الأشخاص يمرون بتجارب ويشعرون بمشاعر مختلفة. كذلك، هكذا يتعلم الأولاد ما الفرق بين الصحيح والخطأ، وكيف يؤثر سلوكهم في الأشخاص الآخرين.
نصائح لتطوير مهارات حل المشاكل
- إذا كان ابنكم يتجادل مع أولاد آخرين، فساعدوه على إيجاد الحل للمشكلة.
- عندما يتشاجر الأولاد تجنبوا الاتهامات. عندما يكونون جميعا هادئين تماما ويتحدثون بشكل منطقي، شجعوهم على التفكير بطرق مختلفة للحل ووافقوا على حل واحد مناسب للجميع.
- تأكدوا من أنه يمكن تطبيق الحل، أخبروا الجميع أنه تم التوصل إلى حل، وامدحوهم جميعا لأنهم ساعدوا على التوصل إلى الحل.
تطوير المهارات الاجتماعية لدى ابنكم
من المهم الحفاظ على علاقات جيدة مع عدة أشخاص من أجل الصحة العامة والنفسية. بهدف تطوير هذه العلاقات، يجب على الأولاد أن يتعلموا مهارات اجتماعية مثل:
- مهارات التواصل – استخدام الكلمات الصحيحة وفقا للحاجة، الابتسام، التواصل البصري، والإصغاء
- مهارات الانضمام إلى المجموعة – معرفة ما هي اللحظة الصحيحة للانضمام
- مهارات المشاركة، المشاركة وفق الأدوار، الالتزام بالقواعد، التعاون، مواجهة الجدالات، ومساعدة الآخرين
- مهارات الصداقة الجيدة – التفكير كيف قد يشعر الآخرون، اتباع قواعد الآداب، وإظهار المحبة وتقديم المساعدة.
كيف يتعلم الأولاد المهارات الاجتماعية
يؤثر الوالدون جدا في تطوير المهارات الاجتماعية لدى الأولاد، ولكن يتعلم الأولاد أيضا من أبناء العائلة الآخرين، الأصدقاء، والأولاد في الإطار التربوي. ليس هناك درس نموذجي يوضح كيف يمكن تعليم المهارات الاجتماعية – غالبا هناك حاجة إلى النظر وتجربة ما هي الخطوات التي تنجح مع ابنكم.
عندما يتعلم الأولاد في سن الروضة مهارات اجتماعية، قد يصعب عليهم اللعب وفق الأدوار، إجراء مفاوضات في حالات صعبة، وحل الخلاف. يستحسن أن تكونوا جاهزين لذلك. يشبه تطوير المهارات الاجتماعية تطوير أية مهارات أخرى. على الأولاد أن يعرفوا كيف تبدو هذه المهارات وكيف يمكن التدرب عليها. يساعد التدرب على التحسّن في إقامة صداقات والحفاظ عليها.
نصائح لتطوير مهارات اجتماعية
- دعوا ابنكم يرى كيف تبدو المهارات الاجتماعية الجيدة – مثلا، أصغوا عندما يتحدث الآخرون معكم، كونوا لطيفين في تعاملكم مع الآخرين، وقوموا بخطوات جيدة من أجل الأصدقاء. يتعلم ابنكم من طريقة تصرفكم.
- شجعوا الأولاد في سن الروضة على التعرف على مشاعر الآخرين. مثلا، “أمجد ينتظر وقتا طويلا للعب. من المثير للاهتمام كيف كنت ستشعر لو كان عليك الانتظار وقتا طويلا. ما الذي كان يقوم به الصديق الجيد؟”
- امنحوا ابنكم فرصا كثيرة للعب بالألعاب الخيالية، الألعاب التنكرية، أو اللعب في دكان، عرض قصص وقواف، اللعب مع الأولاد الآخرين، بناء برج من مكعبات، قص الأغراض وإلصاقها، اللعب بالمعجون، والمساعدة في المهام البسيطة في المنزل. هذه فرص ممتعة ليرى ابنكم كيف يمكن أن يكون لطيفا وصديقا جيدا.
- عندما يدخل ابنكم إلى المدرسة، ساعدوه على تطوير المهارات الاجتماعية بواسطة ألعاب تشمل الفوز والخسارة مثل “السلالم والحبال” أو “تاكي”، الخروج إلى نزهات عائلية، والمشاركة في مجموعات رياضية أو نشاطات جماعية.
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network