تتجلى العناية بالنفس (self-care) في نشاطات نقوم بها كوالدين من أجل أنفسنا، وهذه ميزة هامة للأبوة والأمومة السليمتَين والإيجابيّتَين. النجاحات الصغيرة هي طريقة بسيطة وعمليّة للتدرب على العناية بالنفس، تخصيص وقت لأنفسنا، وشحن الطاقة.
العناية بالنفس ليست أنانية
لجميعنا طاقات جسدية ونفسية محدودة. ويمكن تشبيه الأمر ببطارية مشحونة تفرغ شيئًا فشيئًا، إثر الحاجة إلى العناية بمَن حولنا (الأولاد، رفقاء الزواج، أفراد العائلة، والأصدقاء)، وبسبب الأمور التي تؤذينا، تزعجنا، أو تغضبنا.
بالتبايُن، هناك أمور في حياتنا تساعد على شحن بطاريتنا – لحظة من الراحة والقُرب، نجاح في مهمة، اكتفاء، وما شابه. لذا من المهم أن نجد، نحن الوالدين، طرائق لشحن البطارية – العناية بأنفسنا. ويجدُر التفكير في أمور صغيرة تُفرحنا. قد يكون ذلك احتساء فنجان قهوة بأكمله دون إزعاج، الاستحمام في حوض استحمام مع رغوة، التمشي في متنزه، محادثة مع صديق/ة، لعب كرة القدم، الاستماع إلى موسيقى جميلة، أو مشاهدة فيلم أو حلقة من مسلسل نحبّه. ليست المواظبة على فِعل هذه الأمور الصغيرة تعبيرًا عن الأنانية. على العكس، فهذه هي الأمور التي تتيح لنا أن نقوم بدورنا كوالدين بأفضل شكل.
النجاحات الصغيرة – ما هي، ولمَ هي مهمّة؟
في ضغط الحياة اليومية، لا تجد الأمور الممتعة الصغيرة والعناية بالنفس مكانًا لها، فتُوضَع في آخر سلّم الأولويات وتُتجاهَل. كما أنّ البيئة تتوقع من الوالدين أن يكونوا حاضرين، مُصغين، ومشاركين دائمًا، ما يمكن أن يؤدي إلى الكثير من النقد الذاتي، الشعور بالذنب، ووضع حاجز إضافي يعيق العناية بالذات.
“النجاحات الصغيرة” هي أداة هدفها مساعدتنا كوالدين أن نساعد أنفسنا. هذه هي النشاطات الصغيرة التي نفعلها من أجل أنفسنا، مع الاهتمام والتخطيط الدقيق – كي نتأكد من حدوثها.
النجاحات الصغيرة – كيف نصل إليها؟
اختيار الهدف
بادئ ذي بدء، نضع قائمة صغيرة بالأمور التي تجعل شعورنا أفضل. يجدر التأكيد أنّ هذه أمور يمكننا أن نفعلها بأنفسنا، دون أن تكون متعلقة بالآخرين، كي نحسّن شعورنا.
بعد ذلك، نختار أمرًا بسيطًا وواقعيًّا نطبّقه خلال الأيام القادمة، ونحدّد بوضوح: ماذا نفعل ومتى؟ إضافة إلى ذلك، نضع برنامجًا صغيرًا يتضمن الخطوات المطلوب تنفيذها.
تذكّروا: يجب أن يكون النجاح الصغير صغيرًا ومتعلّقًا بكم فقط.
- على سبيل المثال: “ممارسة الرياضة أكثر” – أمر غير محدَّد بوضوح، ولذلك ليس ملائمًا ليكون “نجاحًا صغيرًا”. بالتباين، المشي لمدّة 20 دقيقة الساعة الثامنة والنصف مساء الإثنين – هدف ملائم جدًّا!
- أو مثلا: “الاهتمام بأن ينام ابني طوال الليل” – ليس أكيدًا بأنّ هذا ممكن، وهو بالتأكيد غير متعلق بنا فقط. بالتباين، “الاستلقاء على السرير نصف ساعة خلال اليوم” – قد يكون هدفًا معقولًا أكثر وقابلا للتنفيذ.
- “الحصول على باقة ورد أو مديح من الزوج” – ليس متعلّقًا بكِ. أمّا “مشاهَدة حلقة من مسلسل نحبّه معًا” – فهدف واقعي.
- “أن أقضي وقتًا أطول مع الأصدقاء” – ليس محدّدًا. أما “أن أشرب فنجان قهوة مع صديق/ة صباح يوم الجمعة” – فهدف رائع!
إعداد خطة تنفيذية
حتى لو بدا الأمر تافها، من المهمّ تدوين خطة. فكي تنجح، عليك التخطيط والتفكير في جميع التفاصيل. يمكن أن يتضمن البرنامج خطوات بسيطة، مثل وضع تذكير في المفكرة أو بطاقة على البراد، الاستفسار عن تفاصيل، شراء شيء ضروري، أو طلب المساعَدة.
من المفيد جدًّا أن نشارك شخصا ما ببرنامجنا – رفيق الزواج، أحد الأصدقاء، أو أحد الوالدين. فمجرد الإعلان عن البرنامج يزيد التزامنا به ويساعد على طلب المساعدة. وإضافة إلى ذلك، من الممتع أكثر فعل الأمور معًا.
بعد انتهاء التخطيط
نفحص:
- هل لديّ كلّ ما أحتاج إليه كي أنجح؟ هل الهدف واقعي؟
- هل أخذتُ في الحسبان ما يمكن أن يعيق نجاحي؟
- هل شاركتُ أحدًا؟
- هل أريد حقّا أن يحدث ذلك؟
- كيف أحتفل بنجاحي؟
لقد نجحتُ! ماذا بعد؟
بعد أن نحتفل بنجاحنا الصغير، نحاول جعله جزءًا من روتيننا. وهكذا، يمكننا أن نتدرب على مهارات العناية بالذات، وكذلك على مهارات وضع الأهداف، وضع خطة عمل، التنفيذ، والاحتفال بالنجاح.
ليس سهلًا أن تكون والدًا. ولكن أحيانًا يكون كلّ ما تحتاج إليه هو لحظة من الراحة والابتسام. والأمر بين يدَيك!