متلازمة طيف التوحد: لمحة

التوحد هو متلازمة نموّ تؤثر في التطوّر السليم لقدرات التواصل الاجتماعي والمشارَكة الاجتماعية.يصعب على الأطفال الذين يعانون من التوحد التواصل وإقامة علاقات اجتماعية، وقد تكون مجالات اهتمامهم قليلة وتصرفاتهم متكررة.كذلك، قد يعبّرون بشكل مختلف عن الجوانب الحسية.

ما هو التوحد؟

متلازمة التوحد هي متلازمة عصبية تطوّرية، أي أنها تستند إلى تغيّرات في نموّ الدماغ. تُدعى هذه المتلازمة طَيفًالأن هناك اختلافًا بين الأطفالالمختلفين الذين يعانون من التوحد، وقد تظهر لديهم نقاط قوة وصعوبات بمستويات مختلفة. يتميز كل طفل بخليط من التصرفات يختلف عن غيره. على سبيل المثال:

  • صعوبة في التواصل مع الآخرين – مثلا: عدم إنشاء تواصل بصري بهدف جذب الاهتمام، التحدث بصوت غريب وآليّ، وعدم القدرة على فهم المزاح أو الفكاهة.
  • مجالات اهتمام قليلة – مثلا: اللعب بالسيارات فقط، التحدث كثيرا عن الديناصورات، وغيرها.
  • سلوكيات متكررة – مثلا: ترتيب الألعاب في صفّ واحد أو تصنيف الألوان، تكرار كلمات أو جمل، وغيرها.

كذلك، يظهر لدى الأطفال الذين لديهم توحد في كثيرِ من الأحيان نقص في الحساسية أو حساسية مفرطة للطعم، الملمس، المظهر، والنغمات. مثلا، قد يقلقون بسهولة عند سماع نغمات معيّنة، أو قد يتناولون أطعمة ذات طعم معيّن فقط، أو يبحثون عن أجهزة ذات رجة مثل الغسالة، أو قد يحركون يدهم أمام أعينهم لكي يروا ضوءا متوهجا.

ما هو سبب التوحد؟

لا نعرف تماما ما الذي يؤدي إلى التوحد. من المعروف أنه لدى الأطفال الذين لديهم توحد، ‏لا “تتواصل” الأجزاء المختلفة في دماغهم معا كالمعتاد.

هناك أدلة دامغة تشير إلى أساس وراثي للتوحد. رغم هذا يبدو أن ليس هناك جين خاص واحد مسؤول عن المتلازمة. من المحتمل أكثر أن الحديث يجري عن دمج جينات مختلفة تعمل معا. تبيّن من الأبحاث أن هناك جينات كثيرة تؤثر في تطوّر التوحد.

ليست هناك إجابة واحدة تجيب عن سبب التوحد، ولكن من الواضح أن أعمال الوالدين ليست سبب المتلازمة.

علامات التوحد

هناك علامات مبكّرة للتوحد يمكن أحيانا ملاحظتها قبل سن عامين. نقص السلوكيات الاجتماعية السليمة، تأخرها، أو قلة جودتها، مثلا: الاهتمام بالأشخاص المحيطين وليس فقط بالألعاب أو الأغراض الجامدة، جذب الاهتمام عبر الصوت، تعابير الوجه، الإشارات أو تعابير الوجه، الابتسامات للآخرين، التمتع باللعب المشترك، وغيرها.  هناك علامات أخرى مثل عدم وجود رد فعل عند ذكر اسم الطفل، أو التركيز على نشاطات متكررة مثل ترتيب الألعاب في صف – هذه العلامات تحذيرية، لذا يُستحسن إجراء تقييم لدى خبير بمجال نموّ الطفل (طبيب، اختصاصي نفسي، مُعالِج بالنطق).

تصبح علامات التوحد واضحة أكثر عندما يكبر الطفل ويُفترض أن يبدأ بالتكلم واللعب مع الأطفال الآخرين. قد لا يهتم الأطفال التوحديون باللعب مع الأطفال الآخرين، أو قد يتحدثون بشكل غير عادي – مثلا: بنبرة واحدة، ما يمكن أن يجعل كلامهم يبدو آليًّا.

وقد تتجسد علامات التوحد لدى الأطفال والشبان بصعوبة لدى الولد في التأقلم مع حالات جديدة، صعوبة في القدرة على التعارف، المبادرة، والحفاظ على صداقات، الاهتمام بمواضيع مختلفة ملائمة لجيله، ومواجهة التغيّرات والحالات الاجتماعية المختلفة.

التشخيص

يمكن تشخيص أنواع الاضطراب التوحدي المختلفة قبلسن عامين، ولكن أحيانا عند تقديم علاج ملائم قد تكون الصورة مختلفة في عمر أكبر، ما يستدعي في الغالب تشخيصًا جديدًا. يُجري التشخيص طاقم متعدد المهن، وهو يتضمن عددا من الخبراء، ويشارك فيه طبيب أطفال خبير بالتطوّر/ طبيب أعصاب للأطفال أو اختصاصي نفسي خبير للأطفال، وقد يتضمن اختصاصيا نفسيا، معالجا بالنطق، أو معالجا بالتشغيل.

ليس هناك فحص واحد لتشخيص التوحد. بدلا من ذلك، يستند تشخيص التوحد إلى:

  • مشاهدة الولد، بما في ذلك جودة لعبه وطبيعته، تواصله مع الآخرين، وقد تكون المشاهدة عشوائية أو مخططا لها، وتتضمن خطوات محددة تهدف إلى فحص سلوكيات الطفل ردا على نشاطات مختلفة، بما في ذلك ردود فعل اجتماعية، متكررة، وحسية.
  • مقابلة مع الوالدين
  • تلقي معلومات من خبراء آخرين يعرفون الطفل – في إطار تربوي أو علاجي
  • استطلاع تاريخ الطفل التطوّري.
  • استمارات للوالدين والمختصين حول عدد من الوظائف والسلوكيات لدى الطفل

يمكن تشخيص التوحد وفق دمج بين مدى حدة العلامات وبين الدعم الذي يحتاجها الطفل، لذي يتراوح بين “يحتاج إلى دعم” حتى “يحتاج إلى دعم كبير جدًّا”. كما يقيّم الخبراء القدرات اللغوية والذهنية لدى الأطفال.

قد يُشخَّص الأطفال الذين يعانون من صعوبة في التواصل الاجتماعي فقط، دون ظهور علامات تكرارية، نقص الاهتمام في مجالات معينة، أو مشاكل حسية، بأنهم يعانون من اضطراب في التواصل الاجتماعي، وليس بالضرورة التوحد.

ماذا عليكم أن تفعلوا إذا كنتم قلقين بشأن نموّ ابنكم

إذا كنتم قلقين حول موضوع يتعلق بنموّ ابنكم، يُستحسَن التوجه إلى ممرضة مركز رعاية الأم والطفل أو إلى طبيب الأطفال وطلب إحالة لإجراء تقييم تطوّري في وحدة أو معهد معروفَين لتطوّر الطفل. التشخيص هو الخطوة الأولى قُبيل تقديم المساعدة لابنكم والحصول على خدمات وبرامج تلبي احتياجاته.

من المهم أن تحصلوا على دعم مبكّر قدر الإمكان. كلما حصل الأطفال على خدمات العلاج المبكّر أسرع، تكون هذه الخدمات ناجعة أكثر.

أتمنى لو كنتُ أعرف أن التوحد يبدو مختلفا لدى كل طفل.شُخّص ابن أصدقائنا بأنه يعاني من التوحد ولكنه كان مختلفا جدا عن ابننا فهو لم يتحدث أبدا، وفقد قدرته على التواصل البصري مع المحيطين به.رغم أني عرفتُ أن شيئا ما لا يسير كما يرام لدى ابني، لم أفكر أنه يعاني من التوحد ليس فقط لأنه كان يقول بعض الكلمات، بل كان أيضًا ينظر إليّ ويبتسم“.
فيروز، والدة جميل، البالغ من العُمر خمس سنوات

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.