هناك أيام مليئة بالضغط ولا تنتهي بذلك، بل تستمر في سلسلة جديدة من المهام والطلبات في المنزل. عندما يتوقع منك شريكك أو تتوقع منك شريكتك الحصول على دعمك، ويطلب الأولاد الاهتمام بهم، عليكم إجراء تغيير في التفكير بمقدار 180 درجة.
كيف يؤثر العمل في الوقت في المنزل
يحتاج الأولاد إلى الاهتمام الدافئ والمُحبّ بهم بهدف النمو والتطوّر. يستند هذا الاهتمام إلى كمية الوقت التي يقضيها الآباء والأولاد معًا، وإلى جودة هذا الوقت. الوقت الجيد هو الوقت الذي تقضونه مع أولادكم من الناحية الجسمانية والعاطفية في الوقت ذاته.
قد يؤثر العمل في كمية الوقت الذي تقضونه مع أولادكم – وفي جودته. تُبقي ساعات العمل الطويلة وقتًا قليلا للتمتع مع أولادكم. كذلك، يميل العمل إلى التسلّل إلى الوقت الذي تقضونه معهم. إذا كنتم تشعرون بضغط، تعب، قلق، أو إحباط من العمل، قد تعودون إلى المنزل جسمانيًّا ولكن تبقون نفسيًّا في العمل.
ينتبه الأولاد حتى الصغار جدا منهم إلى كونكم لا تنتبهون إليهم حقًا. في الكثير من الأحيان يكون ذلك غير قابل للمنع. رغم ذلك، عندما يحدث ذلك في الكثير من الأحيان، قد يُلحق الضرر بطريقة شعور الأولاد تجاه أنفسهم.
إذا كنتم والدين تواجهون ظروفا خاصة – معيلين وحيدين، أو والدين لأولاد ذوي احتياجات خاصّة – يبدو أنكم تواجهون تحديّات أخرى تصعّب عليكم أكثر فأكثر الانتقال من العمل إلى المنزل.
ماذا يحتاج الأولاد؟
غالبًا، تشكّل إدارة تدبير المنزل وظيفة كاملة إضافيّة في نهاية يوم العمل، ولا يسمح لكم الأولاد بأخذ وقت ومساحة للانتقال بين “مرحلة العمل” وبين “مرحلة المنزل“. عندما يرونكم، يرغبون في إخباركم كلّ ما حدث اليوم:
- “هل يمكنك مساعدتي على واجباتي المدرسية؟“
- “عليّ أن أحضر غدًا قبعة برتقاليّة إلى المدرسة“.
- “ماذا يُمكنني تناوله في وجبة العشاء؟ أنا جائع جدا“.
- “لقد أحرزتُ هدفًا ساحقًا!”
- “قالت سناء إنها لم تعُد صديقتي“.
يميل الأولاد الأصغر سنًّا، بما في ذلك الأطفال والرُضّع الذين ليسوا قادرين على قول كلّ ما يحتاجونه، إلى أن يكونوا متعبين، عصبيّين، أو جائعين عندما تصلون إلى البيت في نهاية اليوم. يرغبون في الحصول على اهتمامكم عبر المعانقات والملامسة الجسدية المُهدئة. وبالطبع، يمر الأولاد أيضًا بأيّام سيّئة، في الروضة أو المدرسة. يُستحسن معرفة متى يواجهون أياما كهذه، من أجل التخطيط جيّدًا للتأثيرات.
عندما تكونون مشغولين، مضغوطين أو تشعرون أنكم قد فقدّتم صبركم، قد تبدأون في التفكير أن الاهتمام بابنكم هو مهمة إضافية أو مسؤولية أخرى في جدول أعمالكم. بدلا من ذلك، فكّروا كم هو ممتع أن لديكم ولدًا ينتظركم في المنزل قادرا على مشاركتكم في هذا العالم.
نصائح تُساعدكم على إجراء التغيير
الوقت الذي تقضونه معًا هو أساس كل العلاقات، وكلما كان أكثر كان أفضل. عندما يكون هذا الوقت قصيرًا، يُستحسن استخلاص الأفضل منه. إليكم بعض الأفكار التي تُساعدكم على إبقاء العمل من خلفكم، وعيش اللحظات مع ابنكم:
- فكّروا جيّدًا في يوم العمل قبل أن تتركوا العمل وقبل أن تلتقوا بابنكم. هكذا يُمكنكم الانتقال تدريجيًّا من التفكير في العمل إلى التفكير في المنزل والعائلة.
- فكّروا إذا كان يُستحسن أن تبقوا بضع لحظات في العمل لإتمام المهام التي بدأتموها، بدلا من أن تأخذوها معكم إلى المنزل. رغم ذلك، فإن قضاء ساعات كثيرة في العمل ليس حلا جيّدًا على الأمد الطويل.
- حاولوا أن تنظموا يوم عملكم بحيث تُنجزون المهام الأصعب والأكثر تحدّيا في بداية اليوم بدلا من إنجازها في نهايته.
- حاولوا أن تتركوا بعض الوقت بين العمل وبين المنزل، حيث يُتيح لكم ترك العمل جانبًا..
- استخدموا هذا الوقت لإراحة الأفكار والتحرر. يمكنكم الإصغاء إلى الراديو أو إلى تسجيل كتاب، قراءة أو إنجاز تمارين رياضيّة (حاولوا الذهاب إلى المنزل مشيًّا أو ركوب الدراجة الهوائيّة).
- فكّروا في طرقٍ تجعل وقت سفركم إلى المنزل أكثر هدوءًا. مثلا، انضموا إلى سفرة كاربول (carpool)، سافروا في المواصلات العامّة أو سيروا مشيًّا على الأقدام.
- عندما تصلون إلى المنزل، يمكنكم إجراء حفل صغير أو عمل روتيني يُساعدكم على إجراء التغيير. هكذا يمكنكم الإشارة إلى الانتقال الجسماني، العقلي، والعاطفي من العمل إلى المنزل، من مكانة “العامل” إلى مكانة “الوالد“. رُبّما يُمكن القيام بخطوة بسيطة مثل تغيير الملابس، أو أن تبدأوا التفكير في ابنكم وأنتم في طريقكم إلى المنزل.
- تحدثوا إلى شريك أو شريكة حياتكم ومع الأولاد الأكبر سنًّا عن التحديات التي تقف أمامكم في مرحلة الانتقال. قد يساعد هذا الحديث، ولا سيّما في الفترات التي يسود فيها ضغط عمل كبير. ساعدوا أولادكم على رؤية الأمور من وجهة نظركم، وحاولوا أنتم أيضًا رؤية الأمور من وجهة نظرهم، وحددوا توقّعات منطقيّة. إذا توقعتم الاستلقاء على الكرسي والشعور بالهدوء عندما تصلون إلى المنزل مثلا، فتوقّعكم ليس واقعيًّا!
كونوا واقعيين
سيكون رائعا إذا نجحتم في ترك القلق وراءكم وأن تكونوا “الوالد المثالي“. سيكون رائعًا أن يشعر الأولاد بالفرح والسعادة كل الوقت، وأن يهتموا برفاهيتكم أكثر من اهتمامهم برفاهيتهم. ولكن لمزيد الأسف، هذا ليس ما يحدث غالبًا.
ستواجهون فترات يكون فيها التوازن بين متطلبات العمل وبين متطلبات العائلة مُضطربًا. مثلا، عندما يكون ابنكم مريضًا، عندما تعملون في ساعات الليل، تضطرون إلى السفر في إطار العمل، أو عندما تعملون على مشروع يتطلب منكم ساعات عمل أكثر. العلاقات العائلية الجيّدة والقوية قادرة على أن تُساعد الجميع على اجتيازز الفترات الصعبة جدًا.
ليست هناك معادلة عالمية لإيجاد التوازن بين البيت والعمل. أنتم، والحالة التي تواجهونها، وعلاقتكم مع أولادكم جميعها عوامل مميّزة في المعادلة. عليكم الأخذ بالحسبان مستوى الطاقة لديكم، شخصيتكم المميّزة، نمط أبوتكم، وكذلك احتياجات ابنكم. تُساعدكم التوقّعات الواقعية على إيجاد التوازن الناجح، الذي يعمل على المدى البعيد من أجلكم ومن أجل ابنكم على حدٍّ سواء.
معلومات إضافيّة حول التوازن بين المنزل والعمل
هناك حالات في العمل تُصعّب عليكم أن تمنحوا أولادكم الاهتمام الذي يُوحي له بالمحبة مثلما ترغبون، مثلا:
- ساعات عمل طويلة
- ورديات ليست ذات مرونة
- تغييرات في جولة الورديات
- نقص الاعتراف الرسمي وغير الرسمي للمسؤولية العائلية من جهة مكان العمل (مثلا، عدم الموافقة على الالتقاء بالمعلم، أو عدم وجود أيام مرضية للأولاد).
- لا تهتم ثقافة مكان العمل بالحياة العائلية أو أنها لا تعترف بها
- بيئة عمل مثيرة للضغط بسبب علاقات متوترة أو غير سليمة، نقص القيادة، عمل كثير أو نقص في العمال.
يشير بحث إلى أن الضغط، العبء الثقيل في العمل، والتفاعلات الاجتماعية غير اللطيفة في العمل، قد تجعلكم تشعرون قلقين ومتوترين أكثر في نهاية يوم العمل. قد يؤثر هذا الضغط في قدرتكم على الاهتمام بابنكم عندما تعودون إلى المنزل. في نهاية يوم عمل مليء بالضغط، قد يتراجع الأمهات والآباء على حد سواء ويكونون بعيدين. يشير البحث إلى أن الآباء الذين يديرون تفاعلات اجتماعية مقلقة في العمل، قد يكونون سلبيين أكثر، يتدخلون أقل في حياة أولادهم، ويميلون إلى استخدام العقوبات أكثر.
أحيانًا، قد تؤدي ساعات العمل الطويلة إلى عودتكم إلى المنزل بعد أن يخلد أولادكم للنوم، أو خروجكم من المنزل قبل أن يستيقظوا. يُحتمَل أنكم لا تلتقون خلال الأسبوع تقريبًا بأولادكم. إذا أحضرتم معكم واجبات العمل إلى المنزل، يبدو أنه سيكون لديكم وقت أقل للاهتمام بابنكم. ترغبون أحيانًا في التحدث في المنزل عن العمل – ولكن لسوء حظكم، قد يبدو النجاح الأكبر لكم في العمل أقل إثارة للاهتمام في نظر ابنكم من لعبة الغميضة أو قراءة كتاب مميّز قبل النوم. يرغب معظم الأولاد في التركيز بما قد مرّوا به في اليوم ذاته، وليس ما مررتم أنتم به.
من المُجدي أن تعرفوا أن الأبحاث تشير إلى أن الترابط العائلي منوط جدا بالوقت الذي يقضيه أفراد العائلة معًا، وبالتقدير الذي يبديه كل فرد فيها تجاه الآخرين. في الحقيقة، قد تساهم الحياة العائلية الجيدة في منع الإرهاق والتعب المستمرَين أثناء العمل. لذلك، استغلوا كل فرصة لبناء علاقتكم مع ابنكم. سيُساعد ذلك أولادكم، وسيكون مجديا لكم أيضًا.
لا يهم أي نمط حياة تختارون. فهذا القرار يعود إليكم. حاولوا إيجاد ما يناسبكم ويناسب عائلتكم للحفاظ على توازن سليم، التمتع بتربية الأولاد، وبناء بيئة متفهمة وداعمة من أجل نموّ أولادكم. يمكن دون شك، ويوصى أحيانًا بالحصول على مساعدة خارجية، بما في ذلك مساعدة مدفوعة الأجر، تساعدكم على التغلب على عبء العمل المنزلي، وتوفر لكم وقتا للاعتناء بأولادكم. إذا لم يكن الأمر ممكنا، حاولوا تغيير سلم الأفضليات في المنزل، وحاولوا منح قضاء الوقت مع أولادكم أولوية على الأعمال المنزلية.
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network