الوالدون: الضغط ومواجهة الغضب في زمن كورورنا

الضغط هو ردّ فعل طبيعي على التغييرات والتحديات الناتجة عن أزمة كورونا، لكنّ الضغط الشديد لفترة طويلة يمكن أن يُنهككم، يعيق أداءكم اليومي، ويمسّ بقدرتكم على مواجهة الإحباط. إذا رأيتم أن الضغط أكثر ممّا يمكن تحمله أو أنكم غاضبون أكثر من المعتاد، يجدُر بكم أن تتعرفوا إلى بضع تقنيات مُساعِدة للتحكُّم في غضبكم.

مواجهة الغضب في زمن كورونا

يمكن أن تسبّب التغييرات في الروتين الحياتي ضغطًا شديدًا. وحين تُضاف إليها مشاعرُ عدم يقين، همومٌ صحية واقتصادية، عدم سيطرة على المحيط، وضغط في المهامّ، يمكن أن تكون النتيجة ضغطًا مُنهِكًا ومُغرِقًا. حين يزداد الضغط، قد تشعرون بأنكم لستم بخير؛ فقد تختبرون نبضًا سريعًا، صداعًا، مشاكل في الهضم، أو صعوبة في النوم. أنتم متعَبون، ليس لديكم أيّ وقت فراغ، وتواجهون الكثير من المتطلبات المركَّبة للعمل، المهامّ المنزلية، وحاجات الأولاد. وأحيانًا يكون الشعور أنّ الواقع يحشركم في الزاوية وأنكم غير قادرين على مواجهة الروتين اليومي. في هذه الحالة، من السهل فقدان الصبر. وقد يؤدي عدم تعاوُن الولد، الإحباط من رفيق/ة الزواج، أو عدم التفاهم حول إدارة البيت إلى اشتعال الغضب سريعًا.

جميع الوالدين يغضبون أحيانًا. فالغضب هو شعور طبيعي وبشَري، وله دور إيجابي – خصوصًا حين تُوجَّه طاقته للدفاع عن حقكم أو لدفع تغيير ما. والتعامل السليم مع الغضب يُتيح لكم أن تُعطوا أولادكم مثالًا شخصيًّا وتعلّموهم كيف يتصرفون حين يغضبون. مع ذلك، يمكن أن يكون الغضب سلبيّا حين يخرج عن السيطرة أو يتكرر كثيرًا. والصراخ وفقدان السيطرة يزيدان المشاكل، يؤديان إلى نزاعات، وقد يخيفان الأولاد.

إليكم بضع خطوات يمكن أن تساعدكم على التحكّم بأنفسكم أثناء الغضب وتوجيهه إلى المكان الصحيح:

المرحلة الأولى: التوقّف قبل الانفجار

المرحلة الأولى في إدارة الغضب هي التحديد المبكر للغضب، حتى تتمكنوا من التوقّف والهدوء قبل الانفجار – قبل أن تقولوا أو تفعلوا شيئًا تندمون عليه فيما بعد. يمكن أن تتضمن العلامات المبكرة التي تدلّ على قُرب انفجار الغضب تسارُع التنفّس، تسارُع النبض، الشعور بالتوتّر والعصبية، التعرّق، التوتّر في الكتفَين، انقباض الفكَّين واليدَين، أو التوتّر في المعدة. ومن العلامات المهمة الأخرى ظهور أفكار سلبية، تُبقي الغضب وتزيده. يمكن أن تكون الأفكار السلبية: “الأولاد يفعلون لي ذلك عمدًا كي يُغضبوني”، أو “يجب أن أفعل كلّ شيء بنفسي دائمًا”.

إذا ميّزتم علامات الغضب المبكرة، الآن هو الوقت للتوقّف عمّا تفعلونه وإخبار أنفسكم أنكم غاضبون كما يبدو.

المرحلة الثانية: محاولة الهدوء

بعد تمييز الغضب ووقف الانفجار، يمكنكم محاولة القيام بأمور مختلفة للهدوء:

  • ابتعِدوا عن مصدر الغضب. يمكنكم أن تقولوا إنكم ستخرجون الآن من الغرفة لتهدأوا، لأنكم تشعرون أنكم غاضبون جدّا. هكذا يفهم أولادكم إنّ الغضب مسموح، ويتعلمون منكم ما الذي يمكن فعله لمعالجته.
  • تنفَّسوا ببُطء وبعُمق، اشهقوا عبر الأنف، وازفروا ببُطء عبر الفم مع التنهُّد.
  • استمعوا إلى الموسيقى، ارسموا، حلّوا أحجية، أو تأملوا في منظر طبيعي – تعلَّموا تمييز الأمور التي تهدِّئكم.
  • استحمّوا أو تمشّوا قليلًا (حتى 100 متر…).

المرحلة الثالثة: التفكير والتحدّث عن الوضع

بعد أن تهدأوا، حاوِلوا التفكير مُجدّدًا في ما أغضبكم: هل تفهمون لمَ غضبتم إلى هذا الحد؟ ما الذي يمكنكم فِعله في هذا الموضوع؟ ما الذي يمكنكم إطلاقه؟ إذا دعت الحاجة، تحدَّثوا مع رفيق الزواج والأولاد عن غضبكم. احكوا كيف شعرتم وما الذي تريدون فِعله كي تواجهوا ذلك.

ماذا عليكم أن تفعلوا حين لا تنجحون في التحكُّم بغضبكم جيّدًا؟

لا يمكنكم دائمًا أن تنجحوا في التحكّم بغضبكم. فيمكن أحيانًا أن تنفجروا غضبًا، تصرخوا، أو تقولوا أمورًا تندمون عليها لاحقًا. من الطبيعي أن يحدث ذلك أحيانًا. وحين يحدث ذلك، يمكنكم أن تعتذروا من الأولاد ومن رفيق الزواج عن فقدان السيطرة، ولكن ليس عن الغضب نفسه. قولوا: “آسف لأنني صرختُ، كان عليّ الابتعاد قليلًا لأهدأ قبل أن نتكلم”. هكذا تُفهِمون الأولاد أنّ الغضب مسموح، ولكن يجب البحث عن طُرُق سليمة وإيجابية للتعامل معه. إذا تكرّرت صعوبة التعامل مع الغضب والتحكّم في ردود فعلكم كثيرًا، يحسُن بكم التوجّه إلى اختصاصي يمكن أن يساعدكم على بناء برنامج لإدارة الغضب.

الأوضاع الخطِرة

إذا وصل فقدان السيطرة إلى مرحلة الانفجار كلاميّا أو جسديّا، فإنّ ابنكم في خطر، حتى لو لم تكونوا تقصدون ذلك.

إذا كنتم والدين لرضيع، وإذا شعرتم بأنكم غارقون أو تكادون تفقدون السيطرة، ضَعوا ابنكم في مكان آمن، حتى لو كان يبكي، واخرجوا من الغرفة كي تهدأوا. اطلبوا من بالغ آخر أن يحلّ محلكم.

إذا كنتم والدين لولد وشعرتم أنّ الغضب يتحكّم بكم، اتّخذوا فورًا الإجراءات التالية:

  • توقَّفوا.
  • ابتعِدوا عن الولد وتنفّسوا بعُمق.
  • اتّصلوا بشخصٍ يمكن أن يُهدِّئكم.

انتبِهوا: إيّاكم أن تؤذوا الولد. فلكلّ ولد الحقّ في أن يكون آمنًا ومحميّا.

إذا كنتم غاضبين إلى حدٍّ كبير إلى درجة الخوف من إيذاء ابنكم، أو إذا آذيتموه، من المهمّ أن تطلبوا المساعدة بشكلٍ فوريّ. عليكم اتخاذ خطوات والتأكّد من عدم تكرُّر الوضع. اتصلوا بخطّ الطوارئ القُطري لمنع العُنف الأُسري ولمساعدة الأولاد الذين في خطر على الرقم 000-220-800-1 الذي يعمل 24 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع، أو اتصلوا بخطّ المساعدة للوالدين.‏ إذا احتاج ابنكم إلى مساعدة طبية، توجَّهوا إلى المركز الطبي لصندوق المرضى الخاصّ بكم.

يتطلب طلبُ المساعدة الجرأة، لكنه يدلّ أنكم تحبّون ابنكم وتريدون خيره، تتحملون مسؤولية الوضع، وتريدون تغييره من أجل عائلتكم.