الاكتئاب بعد الولادة: كيف يمكن تقديم المساعدة للزوجة

تشكل ولادة طفل جديد مصدر سعادة، ولكن قد يكون التأقلم مع الطفل مثيرا للضغط والانزعاج لكلا الوالدين. يجعل الاكتئاب بعد الولادة هذه المرحلة مثيرة للبلبلة والتوتر أكثر فأكثر. رغم ذلك، هناك طرق كثيرة يمكن استخدامها لدعم النساء أو الرجال الذين يعانون من اكتئاب بعد الولادة.

الاكتئاب بعد الولادة: ما معناه بالنسبة لكم، للزوج؟

لا يشير الكثير من عوامل الضغط أو المشاكل التي تشعرون بها في فترة الاكتئاب بعد الولادة بالضرورة إلى مشكلة في علاقاتكم وعلاقة زوجتكم، ولكنها تحدث نتيجة الاكتئاب. تتحدث الأمهات اللواتي يعانين من الاكتئاب بعد الولادة ويتصرفون مدفوعات بشعور عميق من الاكتئاب، القلق، والصعوبة النفسية. هذه هي أعراض المرض والمشاعر التي يشعرن بها في تلك اللحظة. حاولوا فهم أن حديثهن يكون بناء على الاكتئاب، ولا تنظروا إلى هذه الأقوال بشكل شخصي. حاولوا أن تفهموا أن الاكتئاب بعد الولادة هو شيء شائع جدا، يشعر به الكثير من النساء.

ربما أنتم قلقون جدا على رفاهية الزوجة، أو قلقون بشان قدرتها على الاعتناء بالطفل والأولاد الآخرين. ربما هذه هي المرة الأولى التي تواجهون فيها مرضا يلحق ضررا نفسيا. ربما لم تسمعوا أيضا عن الاكتئاب بعد الولادة. قد يصعب عليكم ترك الزوجة والذهاب إلى العمل، أو أنها تتصل بكم في أحيان كثيرة وتطلب أن تعودوا إلى المنزل. من المهم أن تتذكروا: الاكتئاب بعد الولادة هو ظاهرة شائعة لدى الكثير من النساء. يمكن التعافي تماما من خلال الحصول على مساعدة ملائمة والدعم من أفراد العائلة، لا سيما الزوج.

كيف يمكن تقديم المساعدة للزوجة التي تعاني من الاكتئاب بعد الولادة

يكون من الصعب أحيانا معرفة كيف يمكن مساعدة الزوجة. ربما تشعرون أن كل ما تقولونه أو تفعلونه لا يحسّن مشاعر الزوجة. قد يبدو لكم أنكم جرّبتم كل شيء، ولكن هذا لا يُجدي نفعا.

رغم أنه يبدو لكم أن الضائقة التي تشعر بها الزوجة هي مسؤوليتكم فقط، فهي تحتاج إلى مساعدة إضافية، علاج، ودعم أكبر. ركّزوا على تقديم دعم عملي وشعوري، وتأكدوا أن الزوجة تحصل على مساعدة أخصائيين ملائمين.

دعم الحصول على علاج

  •  تأكدوا من أن تجتاز زوجتكم تشخيصا طبيا وتحظى بمتابعة باستمرار. كذلك، تأكدوا أنها تتلقى دعما من جهات أخرى مثل استشارة، دعم من مجموعات دعم، وكذلك من العائلة والأصدقاء القادرين على تقديم المساعدة. إذا كان ممكنا، حاولوا مرافقة الزوجة في اللقاءات مع الطبيب والمشاركة بشكل فعّال. الزوجة هي التي تتخذ القرارات العلاجية، ولكن ما زلتم قادرين على التفكير معا في الإمكانيات العلاجية والاستشارة المهنية، واتخاذ قرار حول العلاج الأكثر ملاءمة.
  •  لا تخافوا أن تطلبوا من الطبيب أو الاختصاصي الحصول على كل المعلومات الدقيقة التي تتطرق إلى الاكتئاب بعد الولادة وعلاجه. هناك أهمية للحصول على معلومات لفهم أعراض المرَض، ومساعدتكم على معرفة الطريقة الأفضل لدعم الزوجة ومساعدتها، وأن تحصلوا أنتم على مساعدة أيضا. هناك فترات تتساءلون فيها إذا كان المرض حقيقيا. تأكدوا من أن الاكتئاب بعد الولادة وأعراضه هي حقيقية جدا. يمكن التعافي بعد الحصول على عِلاج ملائم.
  •  قد يشكّل تناوُل الدواء مشكلة لدى الكثير من الأشخاص. يُستحسن معرفة ما هي الأدوية التي تتناولها الزوجة وكيف يجب تناولها. تحدثوا مع الطبيب، الصيدلي، أو مع مركز  علم المسوخ والتشوهات (teratology) في مستشفى رمبام (على مدار الساعة) على هاتف 04‎8541900‎‏. إذا كانت الزوجة تحتاج إلى علاج دوائي، فادعموها وشجعوها على تناوُل الدواء حتى يوصي الطبيب المُعالِج بإنهائه. دعمكم وتشجيعكم مهمان جدًّا للتعافي.

الدعم العاطفي

  •  لا تقلقوا إذا كنتم تشعرون أنكم لا تعرفون ماذا تقولون. هذه الفترة هي صعبة عليكما. يمكن أن تتعلما معا ما هي الطريقة الأفضل لمواجهة الوضع. حاولا أن تكونا صبورَين وهادئَين. من المُفضّل التصرف هكذا بدلا من أن تكون ردة الفعل مبنية على المنطق وتقديم النصائح، لأن الزوجة قد تفسّر ذلك تفسيرا خاطئا وتشعر أنها لم تعد ناجحة.
  •  حاولوا التعرّف إلى مشاعر الزوجة وقلقها وفهم أنها حقيقية جدا – حتى إذا كنتم تعتقدون أن قلقها لا داعي له.
  •  شجعوها على أن تعبّر عن مشاعرها وألا تخفيها. كونوا مستعدين للإصغاء لأقوالها، حتى إذا شعرتكم أنكم تسمعون الأقوال ذاتها مرارا وتكرارا. حاولوا أن تتذكروا أن زوجتكم ليست بحاجة إلى أن تحلوا المشاكل أو تقترحوا حلا. أحيانا تحتاج المرأة التي تعاني من الاكتئاب بعد الولادة إلى أن تُسمَع أقوالها، وتجد أذنا صاغية.
  •  حاولوا ألا تبتعدوا عن الزوجة حتى إذا شعرتم أنها بعيدة عنكم، أو إذا لم تحظوا بردة فعل منها. في لحظة ما، ستعبّر الزوجة عن ردة فعلها وستشكركم على دعمكم.
  •  في هذه الأثناء، ادعموها وشجعوها على تقدّمها- حتى عندما يكون التقدّم صغيرا جدا. معرفة أنكم مستعدون لقبول كل ما تواجهه زوجتكم، وأنكم تساعدون وفق قدرتكم، تشكل دعما بحد ذاتها.
  •  حاولوا ألا تقولوا إن الزوجة كسولة، حتى إذا لم تقم بالأعمال المنزلية. من المرجح أنها منهكة – هذا هو أحد الأعراض الأكثر شيوعا للاكتئاب بعد الولادة، وبعد الولادة عموما. من المهم جدا أن ترتاحا جيدا. يمكن تأجيل كل بقية الأمور. يمكن طلب المساعدة من العائلة الموسّعة أو الحصول على مساعدة مدفوعة الأجر.
  •  شجعوا الزوجة دون توقف على علاقتها التي بنتها مع طفلها. هناك فترات يصعب عليها الاعتناء به وحدها، وتحتاجون أنتم أو أشخاص آخرون إلى مساعدتها والسيطرة على الوضع. قولوا لها كل الوقت إنها أم جيدة. في يوم ما ستنجح في الاعتناء بطفلها دون مساعدة.
  •  حاولوا تجنّب اتخاذ قرارات هامة عندما تعاني الزوجة من الاكتئاب بعد الولادة – مثلا، شراء شقة. إذا كان ممكنا، انتظروا حتى تتعافى. من المرجح أن تكتشفوا أن معظم المشاكل أو المواضيع التي كانت مصدر قلق في البداية بدأت بالاختفاء عندما تتعافى الزوجة.
  •  رغم أن الاكتئاب بعد الولادة هو مرض مؤقت، أحيانًا تشعرون أنه لا ينتهي أبدا. هذا هو أحد أعراض المرض. لتهدئة الزوجة، يُستحسن أن تقولوا مثلا: “أفهم أنك تشعرين بشعور سيء الآن، ولكن الطبيب متأكد أنك ستتعافين”، بدلا من أن تقولوا “لا يهمكِ، ستتغلبينَ”.
  •  هدئوا الزوجة وذكّروها أنكم تدعمونها. ربما أحد مخاوفها هو أنكم قد تتعبون من المرض وتتركونها.
  •  أكدوا لها أنكم ما زلتم يقظين حاليا. قد يكون اللمس أو المعانقة مفيدين ويمنحان شعورا مريحا وآمنا للزوجة، دون الحاجة إلى ممارسة علاقة جنسية. يُستحسن أن تقولوا ما تريدون وتعبّروا عما تشعرون به. إذا ما زالت ممارسة العلاقة الجنسية تشكل مشكلة، من المهم التوجه إلى الطبيب.

الدعم العملي

  •  حاولوا أن تشاركوا في المهام المنزلية والاعتناء بالطفل قدر الإمكان. قد يصعب عليكم القيام بذلك إذا كنتم تعملون ساعات كثيرة، ولكن تكون الزوجة راضية عن أي عمل تقومون به. حاولوا أن تعرفوا أية مهام قد تصبح جزءا من روتينكم – مثلا، غسل الطفل.
  •  إذا اقترح أحد أفراد العائلة تقديم المساعدة، فاستجيبوا لذلك. يُسمح ويُفضّل أن يساعد الآخرون في أمور مختلفة مثل المهامّ المنزلية أو المشتريات.
  •  اقترحوا أن تحضّروا وجبات العشاء أو أن تأخذوا وجبة سريعة.
  •  عند الحاجة، حاولوا دمج إعطاء الطفل قنينة من الحليب الذي تم شفطه أو بدائل الحليب لتنام الزوجة ست ساعات متتالية في الليل.
  •  اهتموا أن تأكل وجبات منتظمة.
  •  بعد مرور ستة أسابيع على الولادة، حاوِلوا أن توفروا وقتا للزوجة لممارسة نصف ساعة يوميا في النشاط الجسماني المعتدل.
  •  وفروا وقتا للزوجة للترفيه عن نفسها والخروج لتناوُل القهوة مع صديقاتها.

مشاكل قد تظهر لديكم

  •  إذا كنتم تعانون من اضطراب في النوم، أو كنتم قلقين حول رفاهية الزوجة، قد تكونون قلقين أو منهكين أكثر.
  •  ربما تشعرون بقلق أو ارتباك ولا تعرفون ما الذي يحدث للزوجة وإذا كانت ستصبح هي والطفل على ما يرام.
  •  ربما تشعرون بفقدان شخص عرفتموه، ولا تعرفون إذا كان سيعود إلى ما كان عليه  سابقا.
  •  ربما تشعرون بعبء متطلبات البيت ومجالات المسؤولية الأخرى لعلاج الأولاد الآخرين، وتشعرون أنه يؤثر جدا في وقتكم وقدرتكم على مواجهة متطلبات العمل. ربما تكونون قلقين بشأن الوضع الاقتصادي، لا سيما إذا كان عليكم البقاء أكثر في البيت.
  •  ربما تشعرون بحاجة إلى الابتعاد عن الزوجة والحياة العائلية وقضاء الوقت أكثر في العمل، أو زيادة استخدام المخدرات والكحول. حاولوا الامتناع عن هذه الأمور، لأنها على ما يبدو ستؤدي إلى مشاكل أخرى فقط.
  •  ربما تشعرون أنكم بدأتم تفقدون حياتكم الاجتماعية وليس هناك من يدعمكم – قد يحدث هذا لأنه عليكم البقاء في المنزل ومواجهة المهام والمسؤوليات الأخرى أكثر.
  •  الأشخاص الذين يعانون من اكتئاب بعد الولادة قد يشعرون بفقدان الاهتمام بالعلاقات الجنسية. حاولوا ألا تنظروا إلى ذلك بشكل شخصي. ربما تشعر الزوجة أنها عاجزة، لا تدرك احتياجاتها الجسمانية كفاية، أو غير قادرة على الاهتمام بالجوانب العاطفية اهتماما كافيا. هناك عوامل أخرى، مثل التعافي من الحمل أو الولادة، تأثير الأدوية على الغريزة الجنسية، والخوف من حمل إضافي.

اهتمّوا بأنفسكم

  •  لا تنسوا أنكم أنتم أيضا تحتاجون إلى اهتمام خاص في هذه الفترة. تأكدوا أن لديكم مَن يمكن التحدث معه حول مخاوفكم وإحباطكم – مثلا، قريب، صديق، طبيب، أو أخصائي يمكن أن تعتمدوا عليه.
  •  انظروا نظرة إيجابية لما تنجزونه. يُسمح لكم أن تشعروا بخيبة أمل أو إحباط في ظل الوضع، ولكن لا تشعروا بالذنب.  من الطبيعي أن تشعروا هكذا لأن الأمور لا تسير كما تتوقعون. حاولوا ألا تسمحوا لهذه المشاعر أن تكون مصيرية، وألا تعبّروا عن غضب أو احتقار تجاه الزوجة.
  •  لا داعي أن تشعروا أنكم تقومون بكل شيء وحدكم. إذا كنتم تحتاجون إلى استراحة، فاحصلوا على مساعدة أصدقاء أو أقرباء عائلة، ليكونوا مع الزوجة عند الحاجة. تأكدوا أنكم تحصلون على مساعدة كعائلة. يؤثر الاكتئاب بعد الولادة في كل العائلة، لذلك تحتاجون إلى مساعدة تهتم بكل واحد منكم.
  •  لا تذنّبوا أنفسكم. لا أحد مذنب بحدوث الاكتئاب بعد الولادة.
  •  ارتاحوا كثيرًا إذا كان ممكنا. ربما تستيقظون كثيرا في الليل للاعتناء بالطفل، أو لا تنامون جيدا بسبب انزعاج الزوجة. إذا كان الأمر كذلك، استغلوا كل لحظة ممكنة للنوم.

هذا وضع مؤقت فقط. ستتعافى الزوجة، بعد أن تحصل على مساعدة ملائمة.

علامات خطيرة

إذا كنتم قلقين حول رفاهية الزوجة أو الأولاد، أو أن الاكتئاب بعد الولادة لدى الزوجة يزداد حدة، فثقوا دائما بمشاعركم. ربما تحتاجون إلى الاتصال مباشرة بالطبيب أو بخدمات الرفاه للإبلاغ عن حالة الزوجة وتلقي المساعدة. مثلا، قد تلاحظون بعض العلامات والأعراض التالية لدى الزوجة:

  •  تتحدث الزوجة عن الإساءة لنفسها أو لطفلها
  •  تبدي أفكارا غريبة وكلاما غريبا، أو سلوكا خطيرا
  •  تبدي الزوجة سلوكا غير طبيعي أو ليس ملائما لها
  •  تظهر لديها تغييرات حادة في المزاج
  •  تتجنب التواصل الاجتماعي
  •  تبدي يأسا متطرفا
  •  تتحدث عن أفكار قهرية ذات صلة بالموت أو تذكر أقوالا مثل “ستشعر أفضل من دوني”.

ما الذي يمكن القيام به عندما تعاني الأم من ذُهان بعد الولادة

هذه حالة نادرة جدا، وتشكّل فترة صعبة لكم وللطفل. يتضرر التواصل مع الزوجة إذا كانت تؤدي أفكارها إلى بلبلة، تقول أقوالا غير منطقية، أو إذا تعاني من الهلوسة. في مثل هذه الحال، يجب التوجه فورا لتلقي علاج طبي في خدمات الصحة أو غرفة الطوارئ. عندما تبدأ الزوجة بتلقي العلاج فورا، يُستحسَن أن تتوجهوا لتلقي علاج أنتم أيضا. يؤثر الذهان بعد الولادة كثيرا في الزوج، ولا شك أن لديكم الكثير من الأسئلة. حاولوا العثور على أخصائي يمكن أن يقدم لكم علاجا.

قد يكون جزء من الأقوال التي تذكرها الزوجة مصدر ضغط كبير أو غير مناسب، ولكن حاولوا التذكر أن الاكتئاب هو الذي يتحدث. تكون احتمالات التعافي كليا جيدة جدا بعد الحصول على علاج ودعم ملائم. سيأتي يوم وتعود زوجتكم كما كانت سابقا.

التخطيط للمستقبل

إذا كنتم تخططون لحالات حمل إضافية، فاستشيروا أخصائيا لتلقي توجيه طبي. يكون احتمال التعرّض للاكتئاب بعد الولادة لدى النساء اللواتي عانين منه في الماضي أعلى. يوصي بعض الأطبّاء بالتوقف عن تناول الأدوية قبل أن تصبح المرأة حاملا، بينما يوصي آخرون بمتابعة تناول العلاج الدوائيّ أثناء الحمل تجنبا لحدوث مُعاودة الاكتئاب بعد الولادة.

يمكن مُعالجة الاكتئاب بعد الولادة، وتتعافى غالبية النساء اللواتي يعانين منه تماما. قد يستغرق التعافي بضعة أشهر، ولكن إذا واظبتم فهناك احتمال عال أن تحظوا بعائلة حلمتم بها دائما.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.