اضطراب الوسواس القهري لدى الأطفال

الاضطراب الوسواسي القهري (‏OCD‏) هو نوع من اضطراب القلق الذي قد يمنع الأطفال من الاسترخاء والتمتُع بالحياة. هناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها لمساعدة الطفل الذي يعاني من OCD للتغلّب على الأفكار الوسواسية والسلوك القهري.

الوسواس القهري

يواجه الكثير من الأطفال درجات معينة من الأفكار الهوسية والسلوك القهري في مراحل مختلفة في حياتهم. يُشكّل هذا جزءا طبيعيا من تطوّر الأطفال. مثلا، قد يرغب ابنكم أن تكون عادة الذهاب إلى النوم شبيهة تماما في كل مساء.

الأفكار الوسواسية هي أفكار لا يستطيع الطفل عدم التفكير فيها ويرافقها أحيانا شعور بالقلق أو الخوف. أمثلة عن أفكار الوسواس:

  •  “إذا لمست مقبض الباب المتسخ هذا، سأصبح مريضا جدا”.
  •  “ستحدث كارثة إذا لم أرتب كتبي وفق الترتيب الصحيح تماما”.
  •  “سأعاني من حالة سيئة جدا إذا لم أتأكد من أن الباب مُغلق”.

السلوك القهري هو سلوك يشعر الأطفال أن عليهم القيام به كل الوقت. مثلا، غسل الأيدي مرارا وتكرارا، أو  ترتيب الألعاب بطريقة خاصة جدا. أمثلة إضافيّة على السلوك القهري:

  •  التجميع – عدم القدرة على التخلّص من أي غرض.
  •  عد أغراض مرارا وتكرارا، أو طقطقة الأغراض بشكل مُتكرر.
  •  كذلك، قد يتبعون سلوكيات قليلة ذات صلة بالخرافات، مثلا: أن يعتقدوا أن عليهم أن يرتدوا القميص ذاته أثناء ممارسة درس الرقص.

قد يظهر السلوك القهري كوصايا دينية متشدّدة – تكرار مقاطع من الصلاة أو تأدية الصلاة مرات أكثر مما تفرضه الوصايا الدينية.

طالما أن الأفكار الوسواسية والسلوك القهري لا تشكّل إزعاجا لحياة طفلكم اليومية أو حياتكم العائلية فلا داعي للقلق. إلا أنه إذا كان يبدو أن هذا الاضطراب يُشكّل ازعاجا في حياة ابنكم وحياتكم اليومية، يُستحسن التوجه إلى طبيب الأطفال.

متى يُصبح الوسواس القهري ‏اضطرابا وسواسيًا قهريًا

قد يُطوّر جزء من الأطفال ولا سيّما الكبار من بينهم أفكارا وسواسية، ولكن لا يُطوّرون سلوكا قهريا أيضا. يُستحسن أن تتوجهوا مع طفلكم لإجراء فحص لدى  مهنيّ إذا لاحظتم أنه يعاني من:

  •  وسواس قهري يكون أكثر حدة مقارنة بأصدقائه في ذات العمر.
  •  أفكار وسواس و/أو سلوك قهري تمنعه من التمتُع بالحياة أو تؤثر في الحياة اليومية العائلية.
  •  أفكار وسواس وسلوك قهري تستمر أكثر من ستة أشهر.

قد يتصرف الطفل الذي يعاني من OCD بشكل قهري بعد أن تراوده أفكار وسواسية لأنه يؤمن أنه بهذه الطريقة ينجح في منع حدوث أمور معيّنة. مثلا: “إذا حركت أصابعي سبع مرات، فلن يحدث شيء سيء لوالدتي”. بعد إنجاز الطقس القهري، يهدأ الخوف الذي يشعر به الولد لوقت قصير. رغم ذلك، يتنامى الخوف ثانية في المرة القادمة التي تظهر فيها أفكار وسواسية.

لا يعرف الأطفال أحيانا لماذا يتعيّن عليهم القيام بعمل معيّن، ولكنهم يشعرون أن عليهم القيام به. مثلا، قد يقول ابنكم: “يجب أن تكون ألعابي مرتبة على النحو التالي”، ويُرتب الألعاب وفق الترتيب المرغوب فيه، ولكن لا يستطيع أن يقول ماذا سيحدث في حال لم تُرَتَب وفق ترتيب معيّن.

أسباب حدوث الـ ‏OCD بيولوجية وفق الأبحاث، وهناك أيضا عامل وراثي. يميل الأولاد ذوو السجل العائلي من القلق و/ أو OCD إلى أن يُطوّروا أكثر OCD. في حالات نادرة، يُطوّر الأولاد أعراض OCD بعد تلوّث ببكتيريا العقدية (Streptococcus). على أية حال، لا يكون الولد أو الوالدان مذنبين. الأولاد الذين يعانون من OCD ينجزون الطقوس التي يؤمنون بها حتى إن كانت تُصعب عليهم. لا يزول اضطراب الوسواس القهري تلقائيًّا، والأولاد الذين يعانون من OCD قد يُطوّرون مشاكل صحيّة شعورية لاحقا. لذلك، من المهمّ التوجّه مع ابنكم لتلقّي علاج مهنيّ.

كيف يؤثر ‏OCD‏ في الأطفال وعائلاتهم

تؤثر أفكار الوسواس والسلوك القهري في قدرة الولد على الهدوء والتمتُع بالحياة، ولذلك قد يُواجه تحديات مثل:

  •  مشاكل في المدرسة – مثلا، يصعب عليه التركيز أو القيام بالواجبات المدرسية.
  •  تشوّش الروتين – مثلا، لا يذهب إلى المدرسة، يشارك في وجبة العشاء، أو ينام قبل أن يُنهي الطقوس القهرية.
  •  حدوث مشاكل جسمانية بسبب الضغط أو قلة النوم.
  •  مشاكل اجتماعية – مثلا، يبذل ابنكم وقتا طويلا في التفكير الوسواسي والسلوك القهري مقارنة بأصدقائه، يخجل لأنه يعاني من OCD، أو يصعب عليه مواجهة تعامل الأشخاص الآخرين مع سلوكياته.
  •  مشاكل في التقدير الذاتي – مثلا، يخاف ابنكم أنه يختلف عن أصدقائه وأفراد عائلته أو أنه ليس قادرا على التحكّم بسلوكه.
  •  مشاكل أخرى ذات صلة بصحته النفسية – مثلا القلق أو الاكتئاب.

هناك عائلات تعتاد ببساطة على الطقوس القهرية الخاصة بطفلها، ويصعب عليها أن تلاحظ مدى تأثير سلوكه في الحياة العائلية. إذا كان ابنكم يعاني من هذه الحال فاسألوا أنفسكم: “كيف ستبدو حياتنا لو لم يعاني ابننا من أفكار وسواس أو سلوك قهري؟”. إذا تغيّرت حياتكم كثيرا أو أن أفكار الوسواس والسلوك القهري تمنع من ابنكم التمتُع بالحياة وممارسة النشاطات الروتينية، فتوجهوا لتلقي المساعدة.

تلقي المُساعَدة

الخطوة الأولى التي تساعد طفلكم على التغلّب على ‏OCD‏ هو الحصول على إحالة طبية من طبيب الأطفال للأخصائي النفسي أو الطبيب النفسي للأطفال. بهدف فحص الأعراض، يتحدث اختصاصي معكم، مع ابنكم، وربّما مع طاقم المدرسة.

هناك عدة أنواع علاج قد تساعد طفلكم الذي يعاني من ‏OCD‏، ويساعدكم المهني على العثور على علاج مناسب لابنكم. غالبا، تساعد العلاجات الأولاد على مواجهة القلق خطوة تلو الأخرى، دون الحاجة إلى إنجاز الطقوس أو السلوك القهري.

في حالات حادة، يُوصف علاج دوائيّ بالدمج مع علاج عادي. رغم ذلك، ليست هناك حتى الآن معطيات كثيرة حول طريقة تأثير الأدوية في الأولاد في سن أقل من سبع سنوات.

من المُرجح أن يتحدث معكم طبيب الأطفال عن برنامج علاجي خاص بالصحة النفسية، ويساعدكم على التعرّف على المهنيّ الملائم. قد تحصلون على دعم مالي من صندوق المرضى أو التأمين الطبي مقابل معظم الزيارات لدى الطبيب النفسي أو الأخصائي النفسي.

مساعدة الأطفال في المنزل

يعمل المهني الذي يعالج ابنكم على تطوير برنامج مواجهة. كذلك، هناك أمور إضافية يمكن أن تجربوها في المنزل لمساعدة ابنكم. إذا رغبتم في تجربة إحدى الأفكار التالية، يُستحسن أن تستشيروا اختصاصيّا.

دعم طفلكم

‏قد تكون مواجهة ‏OCD‏ مخيفة وشخصية جدا للطفل. يُلاحظ الأطفال الذين يعانون من OCD أنهم يختلفون عن الأطفال الآخرين، ولذلك قد يُفكّرون أنهم وحدهم. يُستحسن أن تساعدوه على معرفة أنه ليس وحده. أخبروه أنكم تدعمونه وأنه يسركم الإصغاء إليه، إذا كان يرغب أو يحتاج إلى التحدّث عن الأفكار المثيرة للقلق.

أصغوا إليه من دون الحُكم عليه، وأظهروا له أنكم أصغيتم لأقواله. مثلا: “يبدو أنك قلق جدا مما سيحدث لوالدك إذا لم تفحص إذا أغلقت باب الثلاجة”. قد تشعرون بالإحباط، ولكن حاولوا ألا تنتقدوه أو أن تُظهروا إحباطكم أمامه.

فهم القلق

تحدّثوا مع طفلكم حول أن القلق والخوف قد يساعدان أحيانا – مثلا، إذا كنا قلقين من الامتحان، فغالبا ما نستعد له جيدا. رغم ذلك، حالات القلق شبيهة بصافرات إنذار “كاذبة”. فكلما كان يُولي ابنكم اهتماما أكثر للقلق الذي يشعر به وينجز سلوكا قهريا، يزداد القلق ويصعب عليه منعه.

مواجهة القلق

يمكن أن تساعدوا طفلكم في دمج بضع طرق لمواجهة القلق والتغلّب على الخوف. تشمل هذه الطرق على سبيل المثال:

  •  الارتخاء – مثلا: التنفّس العميق، إرخاء العضلات، والتأمل (Meditation).
  •  الحديث الذاتي الإيجابي – مثلا: “أستطيع التوقف عن القيام بهذا”، “سأشعر جيدا إذا لم أمارس هذا العمل”.
  •  صندوق القلق – مثلا: يكتب طفلكم على أوراق صغيرة كل مخاوفه، ويضعها في علبة.
  •  البقاء في مكان هادئ يستطيع طفلكم فيه ممارسة نشاطات تُبعد عنه القلق.

من الصعب أحيانا أن تفهموا طفلكم، وهناك حالات ترغبون فيها أن تقولوا: “يكفي!”. يُستحسن أن تجدوا نشاطا يُساعدكم على أن تبقوا هادئين وإيجابيين. يمكن أن تنضموا إلى مجموعة دعم للوالدين، ويُوصى القيام بذلك.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising