الخوف من الغرباء هو جزء طبيعي من نموّ الأولاد الصغار. يختفي الخوف من الغرباء غالبا في عمر 18 شهرا، ولكنه قد يستمر وقتا أطول. قد تساعد الطرق العملية التي سنقترحها هنا على تقليل الشعور بالخوف لدى ابنكم.
الخوف من الغرباء: المبادئ الأساسية
الخوف من الغرباء هو مرحلة طبيعية أثناء تطور ابنكم. يحدث عندما يتعلم ابنكم عنكم، ويطور تواصلا سليما مع الأشخاص المعروفين له مثلكم. بما أن الأطفال يحبذون البالغين الذين يعرفونهم، قد يبكون كردة فعلهم عند لقاء الغرباء أو يتذمرون، يتنهدون، يعبّرون عن خوفهم، أو يختبئون.
يزداد الخوف من الغرباء ويصل إلى الذروة في عمر 7 حتى 10 أشهر. قد يستمر بضعة أشهر أو أكثر. غالبا، يختفي في سن 18 شهرًا حتى سنتين. مثلا، قد يكون الطفل ابن عشرة أشهر، الذي بدأ يذهب إلى الروضة في عمر نصف سنة، قلقا إذا وصلت إلى الروضة مربية جديدة. قد يبكي، يخبئ رأسه داخل عنق أمه، أو يصرخ عندما تحاول المربية أن تأخذه من والدته أو والده.
يبدأ الخوف من الانفصال في عمر 8 حتى 10 أشهر، ويصل إلى الذروة في عمر 14 حتى 18 شهرا. قلق الانفصال معناه أن الأولاد يخافون من الانفصال عن والديهم أو الأشخاص الذين يعتنون بهم، حتى إن ظلوا مع شخص معروف لهم مثل جدهم أو صديق من أصدقاء العائلة.
العلاقة بين خوف ابنكم من الغرباء وبين مزاجه
يؤمن الكثير من الوالدين والمهنيين أن الأطفال يولدون مع أنماط سلوكية مختلفة جدا. يكون جزء من الأطفال هادئا، فيما يكون أطفال آخرون نشيطين وحساسين أكثر. يبدو بعضهم كأنهم يتحركون دون توقف، بينما يكون الأطفال الآخرون هادئين أكثر. يكون بعضهم فرحا ومسرورا كل الوقت، فيما يكون الآخرون أكثر جدية.
تُدعى هذه الفوارق الخلقية في الطريقة التي يبدي الأولاد فيها ردود فعلهم للعالم المحيط به ولأجسامهم مزاجا أو طبعا. يوضح المزاج المختلف كيف يختلف الأولاد الذين يترعرعون في العائلة ذاتها واحدهم عن الآخر.
المزاج ليس صفة يستطيع الوالدون اختيارها أو تغييرها لدى ابنهم. لا يستطيع الولد ذاته أيضا تغيير مزاجه الخلقي. بصفتكم والدين، يُستحسن أن تعرفوا أن جزءا من خصائص ابنكم لا يمكنكم السيطرة عليه. رغم ذلك، يمكنكم فهم سلوكه وتقبّله، وملاءمة دوركم كوالدين مع مزاج ابنكم المميّز.
يحدد مزاج ابنكم نمط سلوكه. هناك مجال سلوكيات معين لدى معظم الأولاد: يكون مزاجهم صاخبا أحيانا، وهادئا في أحيان أخرى. يتغير الكثير منه مع مرور الوقت. عندما تبقى خصائص المزاج كما هي فقد تتغير أهميتها مع مرور الوقت. قد يصاب طفل عنيد، عمره سنتان، بنوبات غضب مستمرة وصاخبة، ولكن عندما يصبح عمره عشر سنوات، قد يكون متفوقا في كرة القدم، مثلا. فقد يجعله حماسه يلعب بقوة أكبر، وتساعده المواظبة على التدرب لوقت أطول على ركل الطابة.
يميل الأولاد ذوو المزاج المختلف إلى التصرف بشكل مختلف عندما يكونون قريبين من الغرباء. يحتاج الأولاد الخجولون أكثر إلى وقت أكثر من أجل الانفتاح بينما يوافق الأولاد الواثقون بأنفسهم على البقاء مع أشخاص غرباء بسهولة أكبر نسبيا.
كيف يمكن التغلّب على الخوف من الغرباء
رغم أن الخوف من الغرباء هو جزء طبيعي من نموّ الأولاد الصغار، يمكن أن تقوموا ببعض الخطوات لكي يكون ابنكم أقل قلقا.
ساعِدوا ابنكم على أن يشعر بالارتياح
- امنحوا ابنكم فرصة للالتقاء بأشخاص جدد في بيئة آمنة ومريحة. مثلا، أمسكوا بيده عندما تجرون لقاء تعارف بينه وبين الأشخاص الجدد. ربما يشعر ابنكم بأمان أكثر إذا تعرف إلى الأشخاص الجدد في المنزل.
- إذا كان ابنكم قلقا جدا من اللقاء، فواسوه وحاولوا اتباع طريقة أخرى – مثلا، اللعب معا – أو حافظوا على مسافة معينة بينه وبين الشخص الجديد حتى يهدأ. من ثم، حاولوا ثانية.
- خذوا معكم الغرض الذي يحب ابنكم أن يأخذه معه غالبا (مثل لعبة أو شرشف) عندما تواجهون حالات جديدة أو تقضون وقتا مع أشخاص جدد.
- لا تتجاهلوا خوف ابنكم من الغرباء أو تقلّلوا من أهميته، لأن هذا قد يزيد الخوف أكثر. كذلك، لا تدْعوا ابنكم جبانا أو خجولا.
تقدموا ببطء
- تحلوا بالصبر. لا تُرغموا ابنكم على التعرّف إلى أشخاص جدد قبل أن يكون مستعدا. إذا حفزتموه بينما يحاول التغلب على الخوف، قد يصبح حساسا أكثر للأشخاص الغرباء.
- اطلبوا من البالغين الذين لا يعرفهم ابنكم، مثل أفراد العائلة الموسّعة أو الأصدقاء البالغين، أن يدعوا ابنكم يشعر بارتياح قبل أن يقتربوا منه. يبدي الأطفال خوفا أقل عندما يقترب الغرباء منهم بهدوء وبطء، وعندما لا يحاولون احتضانهم.
- دعوا ابنكم يتعرف غلى الشخص الغريب بينكما تكونون قريبين. كونوا قريبين منه، ليهدأ ويعرف أنكم لن تتركوه فورا مع الشخص الغريب.
أوضحوا لابنكم ما الذي سيحدث
- إذا كان يتعين عليكم أن تتركوا ابنكم مع شخص غريب مثل المربية في الروضة فاخبروه أنكم ستذهبون قبل أن تتركوه. إذا غادرتم دون أن تخبروه، ففي المرة القادمة قد يخاف أن تختفوا وعندها سيكون قريبا منكم أكثر.
- إذا كان ابنكم أكبر سنا، أوضحوا له ما الذي سيحدث ومَن هو الشخص الجديد. مثلا، اخبروه أن المربية الجديدة هي إنسانة تعتمدون عليها. كذلك، اخبروه متى ستعودون لتأخذوه. دعوا ابنكم يتعرف إلى الشخص الغريب بينكما تكونون قريبين.
التقوا بأشخاص جدد
- دعوا ابنكم يرى أنكم لا تخافون من الأشخاص الجدد. ألقوا عليهم التحية بحرارة واستخدموا لغة جسد إيجابية – ابتسامة، وقفة هادئ، تواصلا بصريا، وصوت فرح. تعلّم ردة فعلكم عند الالتقاء بأشخاص جدد ابنكم كيف يمكن التصرف.
- واصلوا لقاءات التعارف بينه وبين أشخاص جدد. إذا استمر ابنكم بالالتقاء بأشخاص جدد واكتشف أنهم على ما يرام، فمن المرجح أنه سيخاف أقل.
- لا تقلقوا حيال مشاعر الأشخاص الذين ستلتقون بهم. أخبروهم ببساطة أن ابنكم يتعرف في هذه الفترة كيف يكون على مقربة من غرباء.
الخوف من الغرباء لدى الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن سنتين
يختفي الخوف من الغرباء لدى معظم الأطفال في عمر سنتين تقريبا. إذا استمر الخوف لدى ابنكم، فحاولوا أن تعملوا على تعزيز استقلاليته. إذا شعر ابنكم أنه مستقل أكثر، فسيشعر بأمان أكثر عندما يكون على مقربة من الغرباء. إليكم بعض الأفكار التي تساعدكم:
- دعوا ابنكم يقوم بالأشياء بنفسه، مثلا أن يأكل وحده، يتعرف إلى بيئته الجديدة، ويلعب وحده بالألعاب.
- اقترحوا عليه أن يخوض تجارب جديدة ودعوه يتعرف إلى أشخاص جدد. مع مرور الوقت، سيفهم أنه لم يحدث أي شيء سيء.
- حاولوا أن تكونوا إلى جانب ابنكم في كل حالة، وامنحوه فرصة لفهم الوضع وحل صعوباته بنفسه.
تلقي المُساعَدة
قد يؤدي الخوف المتطرف من الغرباء إلى قلق اجتماعي عندما يصبح ابنكم كبيرا. لذلك، يُستحسن التحدث مع المهنيين إذا كان يبدو خوف ابنكم من الغرباء مبالغا فيه، أو إذا لم يخف حتى عندما لا يتواجد أشخاص غرباء حول ابنكم. كذلك، إذا لم يتحسن الخوف لدى ابنكم بعد عمر سنتين، أو ازدادت حدته، يستحسن التفكير في تلقي المساعدة المهنية الإضافية لتشجيع ابنكم على الاستقلالية. فيما عدا ذلك، يستحسن طلب المساعدة إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من قلق، لأنّ ابنكم قد يُبدي علامات مسبقة للقلق.
كذلك، يستحسن استشارة مهني في حال لم يُبدِ ابنكم الخوف من الغرباء أبدا.
أنتم تعرفون ابنكم أكثر من أي شخص آخر. إذا كنتم قلقين فيما يتعلق بخوف ابنكم من الغرباء، يمكن أن تتحدثوا مع المهنيين مثل:
- طبيب الأطفال
- ممرضة مركز رعاية الطفل
- اختصاصي نفسي في الروضة أو المدرسة
- مستشار/ة المدرسة
- طاقم عيادات الصحة النفسية للأطفال
- اختصاصي/ة نفسي/ة للنموّ
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network