نمط الحياة الصحي في فترة الكورونا: هدف واحد كلّ يوم

حين يحتاج الأولاد إليكم طيلة النهار، تتراكم عليكم المهامّ المنزلية، ويزداد لديكم القلق الصحي والاقتصادي. ليس من السهل استجماع القوة المطلوبة لممارسة الروتين السليم الذي ترغبون فيه. في فترة كهذه، يمكنكم أن تحاولوا اختيار هدف واحد لتحقيقه كل يوم من أجل الحفاظ على نمط حياة صحي.

الحفاظ على نمط حياة صحي

يتطلب الاهتمام بالأولاد الموجودين في البيت دون إطار تعليمي حالياً، ودون إمكانية لقائهم مع الأصدقاء أو حتى إمكانية خروجهم من المنزل، الكثير من الجهد. ولا يتيح الالتزام بالتباعد الاجتماعي والقواعد الصحية إشراك الجدّ والجدة أو الأقرباء في تحمّل العبء، لذلك فمن المرجح أن تجدوا أنفسكم متعبين طوال الوقت. وفي هذه الفترة تحديدًا، يصعُب كثيرًا الحفاظ على روتين ثابت ونمط حياة صحي. ولكنّ الاهتمام بأنفسكم من خلال التغذية المتنوعة والنوم الجيد والنشاط الجسماني المنتظم، يمكنه أن يساعدكم على شحن طاقتكم.

إضافة إلى مساهمتها في تحسين شعوركم، تؤثر طريقة اهتمامكم بأنفسكم على أولادكم أيضًا. فسلوك الأولاد يتأثر بما تفعلونه لأنفسكم. وحين تحافظون على تغذية سليمة وعلى نشاط جسماني، فإنكم تشجّعون أولادكم على تبني عادات صحية.

تحقيق نجاحات صغيرة

رغم أهمية الالتزام بسلوك صحي، فليس من الممكن القيام بكلّ شيء في هذه الفترة. يمكن أن تؤدي محاولة تحقيق روتين صحي مثاليّ إلى الإحباط أو اليأس، وبالتالي إلى الاستسلام. خفضوا سقف التوقّعات لتخفّفوا عن أنفسكم الضغط. إذا أردتم، يمكنكم أن تختاروا هدفًا واحدًا يوميّا وأن تحاولوا تحقيقه فقط. فنجاحات صغيرة كهذه، لكم ولأولادكم، تساهم في الشعور بالفخر وتعزيز الثقة بالنفس، وتمنحكم القوة لتجاوز تحديات أخرى في هذه الأيام المعقّدة.

التغذية الصحية

يُغذي الأكلُ السليم الجِسمَ ويمنحه طاقة للقيام بأنشطته بشكل أفضل خلال اليوم. تبدأ التغذية الصحية من التعرّف على المكوّنات الغذائية الضرورية للجسم:

  • الكربوهيدرات – تمنح الجِسم الطاقة. تتحلل الأطعمة التي تحتوي على الكثير من الألياف الغذائية ببُطء، وهكذا تحافظ على تزويد الطاقة لوقت أطول. منها: الحبوب الكاملة، البطاطا، أو الأرزّ.
  • البروتينات – ضرورية لإصلاح أنسجة الجسم وبنائها. منها: اللحوم، الأسماك، والبُقول.
  • الفيتامينات – ضرورية للجهاز المناعي وصحة الجسم عموماً. يمكن العثور على الفيتامينات المختلفة في عدد من الأطعمة النباتية مثل الخضار والمكسرات والبقول، وكذلك في بعض الأطعمة الحيوانية كالبيض واللحوم والأسماك.
  • المعادن – مثل الكالسيوم والحديد والزّنك. المعادن ضرورية من أجل تأدية الجِسم لوظائفه، ونحصل عليها من الطعام. تحتوي الأطعمة الحيوانية والنباتية على مقادير مختلفة من معادن مختلفة.
  • الكيميائيات النباتية – تحمي الجِسم من أمراض عديدة. موجودة في الأطعمة النباتية مثل الخضروات والفواكه والحبوب والبقول والبذور.
  • الماء – هامّ لمنع الجفاف ولتأدية الجِسم لوظائفه بشكل سليم. الكمية الموصى بها هي ثماني كؤوس من الماء يوميّا.

من أجل الحصول على جميع المكوّنات الغذائية، عليكم دمج أطعمة من جميع المجموعات الغذائية الرئيسية: الفاكهة والخضار والمكسرات والحبوب من القمح الكامل، واللحم قليل الدهن، والأسماك ومنتجات الحليب قليلة الدسم.

بيئة الأكل الصحية

حين يكون الطعام المتوفر في البيت صحياً، فمن من المتوقع أن يتبنى الأولاد عادات أكل صحية. تأكدوا من ملء الثلاجة والخزائن بأطعمة صحية، بحيث تكون في متناول الصغار على مدار اليوم. اسمحوا “من حين إلى آخر” بالأطعمة غير الصحية، لكن قلِّلوا من وجودها في البيت. تجنّبوا تخزين النقارش والمشروبات الخفيفة والحلويات، أو الأغذية المُعالَجة والغنية بالدهون. بدلًا من ذلك، ضَعوا صحن فاكهة بشكلٍ ثابت في مكان واضح وفي متناول اليد. هكذا تتوفر للأولاد بدائل صحية حين يرغبون في تناول شيء خفيف.

لا تتطلب الوجبة المتوازنة الكثير من الجهد والوقت بالضرورة. يمكن إعداد وجبات سريعة، مثل الباستا الطازجة مع الخضار، العجة والسَّلطة، اللبن والفاكهة. إليكم بعض الأفكار التي يمكن أن تساعدكم على تحضير وجبة مُغذّية سريعة حتى لو كنتم تشعرون بالتعب:

  • قطِّعوا الخضار، واستخدِموا مُقبّلات مثل الجبنة أو الحمص كنقارش صحية وسريعة.
  • استخدِموا الخضار والبقول المُجمَّدة لتسريع إعداد الوجبات.
  • الطعام المُعلَّب أيضًا يمكنه تنويع وجباتكم وتقليل الجهد المطلوب لتحضيرها. احتفظوا في البيت بمعجون الطماطم، خضار وبقول معلبة، وأسماك معلّبة مثل التونة أو السردين، وادمجوها في وجباتكم.
  • ادمجوا في الوجبات لوزًا وجوزًا طازجَين، فهما مصدر جيّد للبروتينات والدهون الصحية.
  • اطبخوا الوجبات في قِدر واحد، وقلِّلوا من غسل الأواني.
  • أعِدّوا كمية مُضاعَفة وجمِّدوها للاستخدام في وقت لاحق.
  • احتفظوا بالبواقي وأعدّوا منها وجبات خفيفة أو شطائر.

الوجبات العائلية

الوجبات العائلية مهمّة في كلّ الأعمار، وهي تساعد الأولاد على تبني عادات أكل سليمة وصحية. فتناول الطعام معًا يتيح لكم أن تعرّفوا الأولاد على الأكل الصحي، وكذلك إيصال رسائل إيجابية حول فوائد الطعام الصحي. يساعدكم تحديد أوقات ثابتة للوجبات على وضع روتين لتناول الطعام يتيح للأولاد التركيز أثناء الوجبة ويقلّل الحاجة إلى تناول النقارش خلال اليوم. حدِّدوا مُسبقًا أوقات الوجبات وأطفِئوا الشاشات، بحيث تتمكنون من الجلوس معًا بهدوء.

يساعد تناولُ الطعام مع أفراد العائلة الأولادَ الصغار الذين يصعب إرضاؤهم على تعلّم تجربة مأكولات جديدة. وهي أيضًا فرصة ممتازة لتعلّم مهارات استخدام أدوات الطعام، وآداب المائدة، والسلوك اللائق. وحين تجلسون مع الصغار لتناول الطعام تتحول الوجبة إلى تجربة عائلية لطيفة. ففي المحادثة حول المائدة، يتعلّم الأولاد كيفية التواصل والتحدث بالدور والإصغاء للآخرين. اخلقوا جوّا مريحا ولطيفا واهتموا بالأولاد. حدثوهم عن أفكاركم وأعمالكم وشجِّعوهم على الإفصاح عما لديهم أيضاً. وإذا لم يرغب الولد في التكلّم فلا تضغطوا عليه، بل أتيحوا له فرصة قضاء الوقت معكم والإصغاء إلى أفراد الأسرة الآخرين.

الطبخ معًا

إحدى الطرق الممتازة لتشجيع عادات الأكل الصحية هي إشراك الأولاد في التخطيط للوجبات وتحضيرها. هكذا يصبح الأولاد شركاء في اختيار الطعام، مما يشجعهم على الاهتمام بالطعام الذي يتناولونه. وهي فرصة لتعريفهم على أطعمة طازجة وصحية متنوعة وتعليمهم كيفية إعدادها. يشعر الأولاد الذين يساعدون في إعداد الطعام بالفخر والمُشارَكة، ويقبلون أكثر على تناول ما أعددتموه معًا. اطلبوا من الأولاد دون ثلاث سنوات أن يناولوكم الأشياء من الثلاجة، وأن يقوموا بالخلط أو التنظيف. ويمكن للأطفال أن يُشاركوا في اختيار قائمة الطعام وأن يساعدوا في أعمال بسيطة ومتنوعة خلال إعداد الطعام. يمكن تكليف المراهقين بإعداد وجبة صحية مرة في الأسبوع. وتأكدوا من مدح ابنكم والثناء عليه عندما يقدم المساعَدة.

النشاط الجسماني

النشاط الجسماني ضروري للنمو والتطور السليم والحفاظ على جِسم صحي على المدى الطويل. فالنشاط اليومي يحافظ على صحة القلب، وينمي العضلات، ويحافظ على وزن سليم. كما يساعد على تحسين المزاج والتركيز والشعور بالقدرة والثقة بالنفس. توصي وزارة الصحّة بالاهتمام بممارسة نشاط جسماني معتدل أو مكثّف لمدة ساعة يوميًّا. حاوِلوا أن تدمجوا في روتينكم اليومي مع العائلة ساعة من النشاط الجسماني الممتع. لا حاجة إلى ممارسة الرياضة بشكل متواصل، فيمكن تجميع 60 دقيقة من نشاطات متفرقة خلال اليوم. شغِّلوا موسيقى تحبّونها خلال التمرين أو اطلبوا من الأولاد اختيار الموسيقى. يمكنكم أن تجرّبوا نشاطات مختلفة معًا وتمارسوا الأنشطة التي تفضلونها. من المهم أيضاً أن تكونوا قدوة شخصية لأبنائكم حتى يبقى ابنكم نشيطًا ويجرب التمرين بنفسه أيضًا. امنحوه الكثير من المدح والتعزيز حين ينشغل في نشاط جسماني ما بمبادَرة فردية وتلقائية.

الأطفال الصغار

يحبّ الأطفال الصغار بطبيعتهم أن يتحركوا ويكونوا نشيطين، ومن المهمّ تعزيز ذلك واختيار نشاطات مُمتعة من أجلهم. كونوا مُبدعين وحاوِلوا أن تدمجوا ألعابا مختلفة أثناء النشاط الجسماني. اعرضوا النشاط كلعبة، وليس كتمرين رياضي. يمكنكم الاستعانة بالأفكار التالية:

  • استخدِموا كرة ليّنة للتدرب على رميها نحو السلة أو ركلِها.
  • ابنوا مسار حواجز في البيت وشجِّعوا ابنكم على الحفاظ على التوازن والزحف والتسلق والقفز.
  • ارقصوا معًا على أنغام موسيقى تروقكم، وقوموا بحركات مضحكة أو حمقاء. اسمحوا لابنكم بالقيادة أحيانًا.
  • اخترعوا ألعابًا تتضمن القفز أو الركض أو المطاردة.
  • أطلِقوا فقاعات صابون وشجِّعوا ابنكم على الإمساك بها، أو ارموا بالونًا وحاوِلوا منع سقوطه على الأرض.

في سنّ المراهقة

مع أن مستوى النشاط الجسماني لدى المراهقين يقل، إلا أنه يبقى ضرورياً لصحتهم الجسدية والنفسية. ساعِدوا أولادكم المراهقين على التخطيط مُسبَقًا للنشاطات الجسدية التي يقومون بها: فكِّروا متى وأين ومع من سيقومون بها.  أعِدّوا قائمة أنشطة يمكنهم تجربتها، ابحثوا معهم في الإنترنت عن أفكار تعجبكم. كونوا قدوة شخصية لهم ومارِسوا النشاط بأنفسكم. وإذا وجدتم نشاطًا تحبونه أنتم وأولادكم، يمكنكم قضاء الوقت في القيام به معًا.

النوم في ظلّ الروتين المتغير

يحسّن النوم الجيد في الليل من مزاجَنا ويحافظ على مستوى طاقتنا في اليوم التالي. يساعد الاهتمام بالنوم الصحي والسليم للأولاد على أن يكونوا أكثر هدوءًا واسترخاءً في اليوم التالي، مما يمنح الوالدين المزيد من الوقت للاهتمام بأنفسهم، ويحسّن الصحة الجسدية والنفسية للجميع. ومثلما يحتاج ابنكم إلى النوم كي يبقى مُعافى، تحتاجون أنتم أيضًا إلى نوم كاف كي تنجحوا بتربية الأولاد والاستمتاع معهم. لذلك، ورغم أنه لا توجد حاجة إلى القيام باكرًا للمدرسة، ورغم أنّ الحدود والقيود أصبحت أقل لزاماً في هذه الفترة، حاوِلوا المحافظة على ساعة نوم ثابتة وفقاً لحاجات الأولاد. تتفاوت ساعات النوم المطلوبة بحسب العُمر:

  • يحتاج الأولاد بعُمر السنة – ثلاث سنوات إلى 10 – 12 ساعة نوم ليلًا (إضافة إلى قيلولة الظهيرة).
  • يحتاج الأطفال في سنّ الروضة إلى 11 – 13 ساعة نوم.
  • يحتاج الأطفال في سنّ المدرسة الابتدائية إلى 10 – 11 ساعة نوم.
  • المراهقون بحاجة إلى 9 – 10 ساعات نوم.
  • يحتاج المراهقون إلى نحو 7 – 8 ساعات نوم في المعدّل.

كيف تساعدون في جعل نومهم أفضل وأكثر صحة؟

  • احرصوا على أن تكون ساعة النوم ثابتة، نحو الساعة أو الثامنة مساءً للأولاد الصغار.
  • تناولوا وجبة العشاء في وقت معقول لتجنّب الشعور بالامتلاء وعدم الراحة في وقت الخلود إلى النوم.
  • تجنَّبوا استهلاك مشروبات ومأكولات تحتوي على الكثير من السكر أو الكافيين في ساعات المساء.
  • قلِّلوا النشاط واخلقوا جوّا هادئًا وإيجابيًا في الساعة التي تسبق النوم. شجعوهم على الاستحمام، أو قراءة كتاب، أو الاستماع إلى موسيقى هادئة.
  • اهتمّوا بأن تكون غرفة النوم هادئة ونظيفة. أخرِجوا الشاشات مثل التلفزيون والحاسوب أو الهاتف النقال من الغرفة، وأطفِئوا الأنوار. يمكن إشعال مصباح ليلي خفيف (نوّاصة).
  • أسِّسوا روتين نوم ثابت وإيجابي للأولاد الصغار، يتضمن مثلا تنظيف الأسنان وسماع قصة والحصول على قبلة. اخرجوا من الغرفة بعد ذلك، علموا الولد أنّ عليه البقاء هادئًا في سريره حتى ينام.
  • حاوِلوا إيقاظ ابنكم في وقت ثابت صباحًا، حتى حين لا تكون هناك حاجة إلى الاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة. أتيحوا للولد أن ينام ساعة إضافية في صباح يوم نهاية الأسبوع.
  • من سنّ خمس سنوات فصاعدًا، تجنَّبوا نوم الولد خلال النهار.

التعامل مع القلق والكوابيس

إذا كان ابنكم يشكو من أفكار سيئة أو قلق يراوده قبل النوم، يمكنكم أن تحاولوا أخذ نفَس عميق معه لمساعدته على أن يهدأ. يمكنكم أن تختاروا كتابًا معروفًا وإيجابيا يصف مكاناً هادئًا يمكن لابنكم أن يتخيله. اطلبوا منه أن يتخيل الصورة في ذهنه وأن يصف التفاصيل التي يراها في مخيّلته. يمكن استخدام تقنية أخرى خلال اليوم – صندوق الهموم. اطلبوا من ابنكم أن يكتب أو يرسم ما يقلقه، ثمّ فكروا وتحدثوا معه عن حلول محتملة. ضعوا ما يرسمه أو يكتبه في الصندوق قبل النوم، لمساعدته على الشعور بالراحة.

إذا استيقظ ابنكم أثناء النوم نتيجة كابوس، عانِقوه وقولوا له إنه مجرد حُلم سيّئ. أكِّدوا له أنه بأمان وأنّ كل شيء على ما يُرام، وأعطوه قبلة. لا تستخفوا بالكابوس أو بالخوف الذي يعبّر عنه الولد، أصغوا إليه وأخبروه إنه رغم أنّ هذه الأحلام قد تكون مخيفة جدًّا، فهي لن تؤذيه في الحقيقة. إذا ميّزتم محتوى معيّنا يتكرر في كوابيسه، فحاوِلوا أن تفهموا بلطف المصدر المحتمل للضغط أو الضيق وراء هذا الكابوس كي تتمكنوا من الاهتمام بالأمر. وإذا دعت الحاجة وكان ابنكم يحلم أحلاما سيئة جيدًا ويعاني من قلق شديد خلال النهار، يمكنكم الاستعانة باختصاصي.