تلعب تأثيرات الإعلام الرقمي دورا هاما في بلورة سلوكيات الشبان. ينجح الولد الذي يعرف كيف تؤثر وسائل الإعلام فيه في مواجهة ضغطها بشكل أفضل.
الخوف من تأثيرات الإعلام الرقمي على المراهقين
من الطبيعي أن تخافوا من تأثيرات الوسائط الرقمية على ابنكم. قد تكون التأثيرات متعمدة – مثلا: حملات تسويقية علنية تستهدف أحيانا الأولاد والشبان، تظهر في كل منصة ووسيلة ممكنة. بالإضافة إلى هذا، يستخدم المُعلنون غالبا حملات تسويقية خفية، مثلا: يرفع المشاهير صورا لهم وهم يستخدمون مُنتجا ما، أو يطلقون منافسة في الإنترنت. أحيانا نكون أقل يقظة إلى هذا النوع من الإعلان.
يعني هذا أن الأولاد والشبان ينتبهون أكثر إلى الماركات والمقارنات. اعرفوا – إذا كان ابنكم يلح عليكم لشراء مُنتج جديد، فأنتم لستم وحدكم!
هناك تأثيرات غير مباشرة أكثر. مثلا: المضامين الجنسية الكثيرة التي تظهر في الحملات التسويقية في المجلات، المسلسلات التلفزيونية، ومقاطع الفيديو الموسيقية. تعرض مُنتجات الوسائط الرقمية هذه أحيانا النساء كـ “مغريات” ذوات جسم غير واقعي. تستخدم أنواع الوسائط الأخرى تشبيهات عنيفة ولغة فاحشة – مثلا: ألعاب فيديو وكلمات أغانٍ معينة. بسبب هذه التأثيرات غير المباشرة في الوسائط الرقمية، قد يفكر المراهقون أنه من الطبيعي أن يبدوا ويتصرفوا هكذا.
مع ذلك، لا يشكل التعرض للتأثيرات، الشخصيات، والرسائل التي تنقلها الوسائط الرقمية خطرا تلقائيا على ابنكم. لا يميل الشبان إلى التعمق في كل ما يُقال لهم – في وسائل الإعلام المختلفة أو بشكل عام. فقد يكونون مستهلكين متحمسين للرسائل التي تنقلها الوسائط الرقمية، ولكن هذه الرسائل ليست مصدر معلوماتهم الوحيد – أو الطريقة الوحيدة التي يتلقَون فيها رسائل ومقارنات. فهم يتأثرون أيضًا بالعائلة، الأصدقاء، الشخصيات الرئيسية في المجتمع، وشخصيات مؤثرة أخرى. أنتم تؤدون دورا هاما في العملية: مساعدة ابنكم على تطوير مهارات الدِراية بوَسائِل الاِتِصال (Media Literacy)، واتخاذ قرارات حكيمة فيما يتعلق باستخدام وسائل الإعلام.
تأثيرات الوسائط الرقمية على السلوك الخطير لدى الشبان
هناك علاقات معينة بين المضامين التي تعرضها الوسائط الرقمية وبين السلوك السلبي لدى الشبان.
النظرة إلى الذات
تتأثر النظرة إلى الذات لدى ابنكم بعوامل كثيرة، منها العائلة، القدرة أو الإعاقة، توجه أصدقائه في الصف، وسائل الاتصال والإعلام العالمية، صناعة الموضة، والخلفية الثقافية – وكذلك بالإعلام العام، مواقع التواصل الاجتماعي، وعالم الإعلان. عندما يتعرض الشبان كثيرًا إلى أجسام نحيفة أو ذات عضلات ضخمة بشكل غير واقعي، تتأثر صورتهم الذاتية والحمية الغذائية التي يتبعونها. هذا صحيح خُصوصًا عندما لا يدحض أحد الادعاء القائل إن “النحافة جَمال”.
يزيد المظهر المثالي للصورة الذاتية غير الواقعية في وسائل الإعلام الرغبة لدى شبان كثيرين في اجتياز عمليات تجميلية وإحداث تغييرات تجميلية مختلفة. مثلا: عمليات تكبير الثديين، عمليات أنف تجميلية، إزالة الشعر بالليزر، ووضع مكياج ثابت.
العنف
قد تؤدي مُشاهدة مضامين عنيفة في الإعلام الرقمي أحيانا إلى انخفاض حساسية التأثر بالعنف وزيادة الاحتمال بأن يتصرف المراهقون بوحشية أو بعنف، أو بألا يفهموا احتياجات الآخرين ومشاعرهم. عوضا عن ذلك، قد تؤدي المشاهدة المُبالَغ فيها لمحتويات عنيفة إلى الخوف والقلق لدى المراهق من البيئة التي يعيش فيها.
لا تُظهر هذه المضامين عادةً – ولا حتى في كثيرٍ من الأحيان – ماذا يحدث عندما يمارس الأشخاص العنف في العالم الحقيقي، لذا لا يفهم الشبان ماذا يحدث في الواقع عندما يمارسون العنف.
تصرف غير سليم آخَر
قد يشجع الإعلام الرقمي السلوكيات الخطيرة أو غير السليمة الأخرى، مثل التدخين، استهلاك الكحول، وتعاطي المخدرات. رغم ذلك، يُستحسَن التذكر أن وسائل الإعلام تشكل واحدة من طرق تأثير عديدة في هذا النوع من السلوك، إذ تؤثر العائلة والأصدقاء أيضا إلى حد كبير.
تأثيرات الوسائط الرقمية على السلوك الإيجابي لدى الشبان
البشرى السارة: قد تؤثر الوسائط الرقمية في الشبان تأثيرا إيجابيا أيضا. مثلا: الشبان الذين يعرفون أخبارا ويهتمون بها يميلون أكثر إلى الاهتمام بمواضيع اجتماعية وسياسية هامة. في هذه الحال، تشكل وسائل الإعلام وسيلة تربوية وتشجع الشبان على أن يكونوا مواطنين أكثر مُشارَكة في المجتمع.
كذلك، يمكن أن يحصل الشبان عند استخدام الوسائط الرقمية على رسائل هامة مفيدة للصحة – مثلا: تجنب الاكتئاب والانتحار لدى الشبان، التشجيع على تناول الأطعمة الصحية واتباع نمط حياة صحي، والتشجيع على إقامة علاقات إيجابية مبنية على الاحترام.
كيف يؤثر المشاهير في الشبان
في كثيرٍ من الأحيان، يتصدر المشاهير العناوين بسبب تصرفات سيئة أو استفزازية. ولكن مثالهم الشخصي ليس دائما سلبيّا.
قد تكون لوسائل الإعلام قوة كبيرة عندما يدعي أحد المشاهير مثلا أن نمط حياة أو مُنتجًا أو سلوكًا هي جيدة. هناك مشاهير كثيرون يشكل نمط حياتهم، قِيَمهم، وتصرفاتهم مثالا جيدا. قد يشكل الجهد الكبير الذي يبذلونه ونجاحهم مصدر إلهام للكثير من الشبان.
مع ذلك، على الأولاد والشبان أن يعرفوا أن بعض المشاهير يحصلون على المال مقابل التسويق لمُنتجات يستخدمونها أو حتى بسبب “جذب” الانتباه في وسائل الإعلام.
مساعدة الولد على مواجهة تأثيرات وسائل الإعلام
يشكل التعرض للرسائل في وسائل الإعلام جزءا من الحياة العصرية، ولكن يمكن أن تساعدوا ابنكم على معرفة إلامَ يجدر به أن ينتبه أو يتجاهل.
في البداية، افحصوا ما يحبه ابنكم – الموسيقى، المسلسلات التلفزيونية، مقاطع الفيديو، ألعاب الفيديو، والمشاهير. معرفة ما الذي يحبه ابنكم – مثلا: أية ألعاب فيديو، كتب، أو مواقع اجتماعية – تساعدكم على التعرف إلى الشخصيات والرسائل التي تؤثر فيه.
لن تعرفوا دائما ماذا يشاهد أو إلى ماذا يصغي ابنكم، لأن الشبان يدخلون إلى مواقع مثل يوتيوب عبر هاتفهم الخلوي. ولكن يجب أن تراقبوا المحتويات التي يشاهدها وتعرفوا ما هي البرامج التي يشاهدها في التلفزيون أو السينما، وتتحدثوا معا عن القواعد والقيود المتعلقة بالمشاهدة.
الطريقة الأفضل لمساعدة ابنكم على التصرف الحكيم في ظل تأثيرات الوسائط الرقمية المختلفة هي التحدث عن الرسائل التي تنقلها وسائل الإعلام. مثلا: إذا كانت ابنتكم تشاهد مسلسل “الفتيات“، فتحدثوا معها عن الصداقات بين البنات، الجنسانية، احترام الذات، والخيارات المختلفة في الحياة.
إذا كان ابنكم يحب ألعاب الحاسوب مثل GTA، فتحدثوا معه عن العنف في اللعبة، التفجيرات، والنشاط الجنائي. يمكن أن تتحدثوا عن كيف يمكن مواجهة هذه الحالات في الحياة الواقعية.
رغم ذلك، مراقبة اختيارات ابنكم في الوسائط الرقمية لا تشير إلى أن عليكم أن تمنعوه من المشاهدة أو اللعب بألعاب أخرى. تساعده هذه الوسيلة على تطوير وعي للرسائل التي يتعرض لها. يجدر بكم التحدث عن هذه الرسائل بشكل ثابت، وليس مرة واحدة فحسب. كذلك، يُوصى بالحد من الوقت الذي يشاهد فيه ابنكم الشاشات أو يلعب بألعاب الحاسوب.
من جهة أخرى، يُسمح لكم بصفتكم والدين بأن تمنعوا ابنكم من اللعب بألعاب معينة، استخدام تطبيقات، أو مشاهدة مسلسلات مختلفة. إذا قمتم بهذه الخطوة، عليكم أن تشرحوا السبب. وإذا كان ممكنا، قد تحتاجون إلى إجراء مُفاوَضات.
شجعوا ابنكم على أن ينتقد الوسائل الإعلامية التي يتعرض لها وأن يطرح أسئلة. اختاروا مجلة أو شاهدوا إعلانًا في التلفزيون، واسألوا ابنكم: مَن المسؤول عن هذا؟ ما هو هدفهم؟ ما الذي يريدونه منك؟ أي صوت غير مسموع هنا؟ كيف تشعر عند مشاهدة هذا الإعلان؟ هل يريدون أن تشعر هكذا؟ لماذا؟
يمكن أن تقوموا بالخطوة ذاتها عند التحدث عن المشاهير. شجعوا ابنكم على أن يسأل نفسه: لماذا أُحِبّ هؤلاء الأشخاص؟ هل يتم عرضهم بشكل واقعي؟ هل يتصرفون هكذا في الحياة الحقيقية؟ أية قِيَم يعرضون؟ كيف يجعلونني أشعر تجاه نفسي؟
مساعدة الشبان على موازنة تأثيرات وسائل الإعلام
يحتاج الأولاد إلى مجموعة واسعة من النشاطات للنموّ، مثل النشاطات الجسمانية والإبداعية، وكل نشاط ذي صلة بالعلاقات والتفاعل مع الأشخاص الحقيقيين. اعرضوا على ابنكم أمثلة جديرة بالاقتداء من الحياة الواقعية، المجتمع، النوادي الرياضية، أو حركات الشبيبة.
أنتم لا تزالون تشكّلون مثالا شخصيا لابنكم. كونوا مُستهلِكين واعين وفاحصين، لكي يرى ابنكم كيف يواجه التأثيرات القوية للإعلام الرقميّ. تحتاجون أحيانا إلى تجاهل الإعلانات التي تتحدث عن “جادجيت” جديد وعصري، أو إلى أن تتحدث العائلة عن الطريقة التي يعمل فيها الإعلام الرقمي. انتبهوا إلى استخدامكم للخلوي، وكونوا قدوة عندما تضعونه جانبا، بينما تجلسون مع العائلة أو تقومون بنشاطات ترفيهية أخرى.
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.