مواجهة فيروس الكورونات تسبب عدم اليقين وتتطلب مننا التأقلم بسرعة مع تغييرات كبيرة وسريعة تطرأ على روتين الحياة. كيف يمكن الحفاظ على التوازن بينما يتغير الواقع الذي نعيشه دون توقف؟
تطوير الحصانة النفسية
الحصانة النفسية هي القدرة على التأقلم مع الظروف المثيرة للتحدي، والنجاح في متابعة التطور رغم الصعوبات. وهي تتضمن القدرة على التعافي بعد اجتياز فترة صعبة، التعلم والاستفادة منها، والشعور الجيد بعدها. تتغير قدرتنا على مواجهة التحديّات في الأوقات المختلفة، وهي تعتمد على صفاتنا، وعلى نوع التحديات التي نواجها وعددها. في هذه الفترة، التي تتميز بتحدِ مستمر وتغييرات كثيرة لفترة غير محدودة، يصبح التأقلم والمواجهة أصعب. رغم ذلك، تتضمن فترة الكورونا هذه فرصا خاصة لتطوير المهارات الشخصية، وبناء الحصانة النفسية ودفعها قدما.
التفكير الناجع والإيجابي
يتيح لنا التفكير الناجع والإيجابي أن نكون واقعيين وأن نفكر تفكيرا واقعيا، حتى عندما نواجه حالة سيئة. فهو يتيح لنا عندما يكون الواقع معقدا غالبا، النظر إلى نصف الكأس المملوءة، العثور على الأفضليات ومتابعة التقدم، ومواجهة التحديات بنجاح. حين يتغلب الواقع السيء على الجيد، يجدر بنا أن نتذكر أن الصعوبات هي جزء من الحياة، وأن الأمور السيئة تزول، ثم نواجه فترة أفضل بعدها. اتّسموا بروح الفكاهة، ما يساعدكم على النظر إلى الأمور بشكل جيد. حاولوا أن تفحصوا كيف تتعاملون مع الواقع – هل تنظرون إلى الأمور نظرة واقعية؟ ما هي مجالات الحياة التي تشكل مصدر أمان لكم اليوم؟ ما هي الأعمال التي تنجحون فيها، وتتمتعون بها، حتى عندما تواجهون عدم اليقين في مجالات أخرى؟ أية قدرات تتمتعون بها تساعدكم على المواجهة؟ ما الذي ساعدكم في الماضي في اللحظات الحرجة؟ بِمَ نجحتم اليوم؟ كيف فعلتم ذلك؟.
تذكّروا وشجعوا أنفسكم من تجارب المواجهة التي فشلتم فيها أيضا، وركّزوا على الطرق المتاحة أمامكم الآن لحل المشاكل. تذكروا أنكم قادرون على المواجهة، وتقدموا خطوة تلو الأخرى، يوما بعد يوم. امدحوا أنفسكم على كل يوم مر، وانظروا نظرة إيجابية تستند إلى الاحترام الذاتي. يجوز لكم أن تخطئوا، تمروا بصعوبات، وتشعروا بالإحباط.
القيم الشخصية
القيم هي أفكار تمنح حياتنا معنى وأهمية وتشعرنا بالتعاطف. كما أنها تساعدنا على توجيه حياتنا، وتحديد المعايير التي نفحص وفقها سلوكياتنا. القيم الشخصية هي عامل ضروري للحصانة النفسية، وتساهم في الثقة بالذات. تشكل محبة أطفالكم، أو الحفاظ على مستوى مهني في مكان عملكم أمثلة على قيمكم الشخصية. تتيح لكم معرفة قيمكم الشخصية أن تحددوا لأنفسكم ما الذي يهمكم في فترة الكورونا هذه. قد تكتشفون أن عليكم النوم جيدا في الليل لكي تكونوا صبورين أثناء تعاملكم مع أولادكم. وقد تختارون تقليل ساعات العمل، حتى وإن كان لهذه الخطوة ثمن مالي، وذلك بهدف الحفاظ على المستوى المهني الذي ترغبونه.
حاولوا أن تفحصوا ما هي السلوكيات والخطوات التي تتماىشى مع قيمكم. وما هي الخطوات غير الناجعة التي تقومون بها أثناء المواجهة؟ تتيح القيم حرية العمل الإيجابي عند معرفة أنه لا يمكن تحقيقها بشكل كامل، ولكن يمكن العمل بموجبها دائما. عندما تعرفون طوال وقت أنكم تعملون على دفع قيمكم قدما، يسهل عليكم الحفاظ على الثقة الذاتية والنظرة الإيجابية، حتى عندما تخطئون أو تواجهون فترة صعبة.
روتين الحياة الصحي
يساعد روتين الحياة الصحي الإيجابي في الحفاظ على التوازن النفسي، في الحياة عموما وفي الفترات المثيرة للتحدي على وجه الخصوص. يتضمّن روتين الحياة الصحي الحفاظ على تغذية متوازنة، نشاطا جسمانيا، ونوما جيدا وكافيا. إضافة إلى مساهمته في الصحة الجسمانية، يساعد أيضا على تحسين المزاج، التركيز، والشعور بالأمان والقيمة الذاتية. ليس من السهل دائما العثور على مصدر الطاقة الضروري لتحضير السلطة لتناولها مع الأكل أو اختيار النشاط الجسماني بدلا من الاستلقاء على أريكة في الصالون ومشاهدة مسلل ممتع. ولكن إذا كنتم تشعرون بالتعب، التوتر والضغط بشكل ثابت، وبأنكم تستجيبون بشدة للصعوبات اليومية، ويصعب عليكم الحفاظ على التوازن، يستحسن أن تجروا تغييرات صغيرة في روتين حياتكم تساعدكم على الشعور بشكل أفضل. من شأن تغيير صغير أن يؤثر جيدا في شعور التوازن النفسي، ويساعد على المواجهة.
تنفُّس الصعداء
نحتاج جميعا إلى تنفس الصعداء خلال اليوم، لا سيما في الفترة التي نشعر فيها بنقص السيطرة وعدم اليقين. للحفاظ على التوازن النفسي ضمن فترات التوتر والتغييرات المستمرة، نحتاج إلى لحظات من التأمل الذاتي والبدء من جديد. اعرفوا ما الذي يساعدكم على التوقف للحظة عن السباق اليومي، وركّزوا على قدرتكم على مواجهة الصعوبات. هل تحتاجون إلى تمارين تنفس؟ الاسترخاء قبل النوم؟ ربما يساعدكم حمام مهدئ أو استراحة قهوة وقراءة كتاب جيد؟
الحصول على الدعم والمساعدة
بهدف اجتياز فترة مثيرة للتحدي، مثل فترة الكورونا هذه، نحتاج جميعا إلى الدعم – إلى أذن صاغية، تعاطف الآخرين، الشعور بأن هناك شخصا يقدر جهودنا الكثيرة. خصصوا وقتا للمحادثات الهامة مع العائلة أو الأصدقاء، وعززوا علاقتكم لدعم بعضكم بعضا. لا تخجلوا من طلب المساعدة، فالواقع الذي نعيشه ليس سهلا، ولا يُفترض أن تواجهوه وحدكم. أخبروا الآخرين بمشاعركم، لأنه من الأفضل اجتياز فترة الكورونا معا. إذا كنتم تواجهون صعوبات كثيرة، وتشعرون بأنكم تحتاجون إلى مساعدة مهنية، لا تترددوا وتوجهوا إلى طبيب العائلة، مراكز الصحة النفسية أو العمال الاجتماعيين في المجتمع المحلي للحصول على المساعدة التي تستحقونها.