بسبب فيروس كورونا، نمضي الكثير من الوقت مع الأولاد في البيت. ولكن هل يقوي هذا الوقت المشترَك علاقتكم بأولادكم؟ مفتاح تقوية العلاقة هو جودة الوقت، لا مقداره. فكيف يمكنكم جعل الوقت الذي تقضونه مع الأولاد نوعيّا، رغم الضغط الناتج عن روتين الكورونا؟
ما هو الوقت النوعي، ولمَ هو مهمّ؟
علاقتكم بابنكم هي مفتاح نموّه وتطوّره طيلة سني الطفولة. وحين يشعر الولد بالحماية والمحبة من قِبل والديه، وتُلَبّى حاجاته بإحساس وبشكل متواصل، يصبح متفرّغا لدراسة العالم. كلّ وقت يقضيه الوالد والولد هو فرصة لتعزيز احترام الذات، إظهار مثال شخصي، واكتساب مهارات عاطفية واجتماعية هامّة. والأهم هو أنّ الوقت النوعي يوحي لأولادنا أنهم على رأس سلم أولوياتنا، أنهم مهمّون بالنسبة لنا، وأننا موجودون إلى جانبهم.
يشعر والدون كثيرون أنّ ضغط العمل ومتطلبات الحياة لا تتيح لهم التفرّغ لأولادهم بقدر ما يرغبون. وحتى في هذه الأيام، رغم الوقت الطويل الذي نقضيه مع الأولاد، ربما تجدون أنفسكم تركضون من مهمّة إلى أخرى وتشعرون أنكم لا تنجحون في أن تكونوا حقًّا مع ابنكم. في الواقع، لا حاجة أن تتفرّغوا من جميع انشغالاتكم لتمنحوا ابنكم وقتًا نوعيّا. فالوقت النوعي ليس بالضرورة وقتًا طويلًا يتضمن نشاطًا خاصّا واستثنائيا. إذ إنّ القليل من الانتباه والتفكير يتيح لكم استغلال بعض اللحظات في الحياة اليومية لتقوية العلاقة الشخصية مع الأولاد ودعم نموّهم. إذًا، الوقت النوعي هو أية لحظة تخصّصون فيها لابنكم انتباهًا تامّا.
كيف نُنشئ وقتًا نوعيّا؟
هناك عدد من المبادئ البسيطة التي يمكن أن تساعدكم على تحويل التفاعلات اليومية التي تحدث بشكل طبيعي إلى تفاعلات نوعية:
- الحضور والإصغاء – الوقت النوعي هو بادئ ذي بدء وقتٌ تُصغون فيه إلى ابنكم. افحصوا أنفسكم: هل تُصغون جيّدًا إلى ما يقوله؟ هل تركيزكم مُنصَبّ على ما يفعله الآن؟ تأملوا وانتبِهوا للإيماءات غير الكلامية أيضًا. اطرحوا أسئلة للاستيضاح وتجاوَبوا مع ما يحدث – بفضول، بكلمة طيبة، بتفاعل، بابتسامة، أو بضحكة من القلب.
- التواصل البصَري – للتواصل البصري وظائف عديدة في العلاقة مع الوالدين. فهو يُنظِّم ويُهدِّئ، ويتيح تعاونًا متبادلًا في الاختبار العاطفي. إذا كنتم تتحدثون للحظة مع ابنكم، تواصَلوا معه بصَريّا. ضَعوا الأجهزة الإلكترونية جانبًا لوقتٍ قصير، حاوِلوا عدم النظر إلى الخلف لمراقبة ما يفعله الولد الآخر الذي يلعب بألوان الجواش. استخدِموا التواصل البصري كي تؤسِّسوا تواصلًا مباشرًا وقريبًا.
- لغة الجسد – استخدِموا جسمكم وتعابير وجهكم كي تُظهروا أنكم مُصغون ومهتمّون حين يتحدث ابنكم معكم أو يريد أن يُريكم شيئا. أومِئوا برأسكم كي يعرف أنكم معه، وغيِّروا تعابير وجهكم في الوقت المناسب تفاعلًا مع ما يقوله، كي يشعر أنكم مشارِكون في قصته.
- نبرة الكلام – لا تنسوا أنّ نبرة الكلام مكوِّن هامّ في المحادثة مع الأولاد. افحصوا الرسائل التي تنقلونها إلى ابنكم ما وراء الكلمات، واستخدِموا نبرة الكلام ليكون ردّ فعلكم ملائمًا: هل النبرة حماسية وانفعالية؟ هل هي هادئة ومُطمئِنة؟
- الملامسة – الملامسة هي حاجة أساسية وحيوية للتطوّر النفسي والعاطفي للولد. استغلّوا الفرص اليومية للاتصال المباشر والتعبير عن المودّة بشكل جسدي لابنكم. عانِقوه باستمرار وانتبِهوا إلى لمساتكم أثناء إطعامه، إلباسه، أو اللعب معه. انتبِهوا إلى ردّ فعله، ولائِموا وتيرة الملامسة وشدّتها لحاجاته.
- اللقاء الشخصي – حاوِلوا إيجاد أوقات مريحة تستطيعون فيها تخصيص دقائق قليلة لابنكم وحده. استخدِموا الفرص الموجودة في البرنامج اليومي – وقت الاغتسال أو وقت الخلود إلى النوم يمكن أن يكونا ملائمَين.
نصائح لدمج الوقت النوعي في الروتين اليومي
يجدُر دمج الوقت النوعي بشكلٍ طبيعيّ في برنامج العائلة. هكذا يزيد احتمال أن تتمكنوا من المواظبة على منح الأولاد لحظات مثالية من الانتباه بشكلٍ منتظم. إليكم بعض المحطات التي يمكن أن تستغلوها:
- الوجبات العائلية هي وقت رائع للحديث معًا. ضَعوا الهواتف الخلوية جانبًا، وشجِّعوا الجميع على المشاركة في محادثة حول ما حدث اليوم أو أيّ موضوع آخر ترغبون به.
- شجِّعوا الأولاد على الانضمام إليكم في القيام بالمهامّ المنزلية، واستغلّوا هذا الوقت المشترَك. اجلسوا واحدكم بجانب الآخر واطووا الغسيل، تحدَّثوا براحة فيما أيديكم مشغولة، أو أعِدّوا معًا وجبة طعام على أنغام موسيقى تحبّونها وغنّوا معها.
- ابحثوا عن لحظات يتصرف فيها الأولاد بشكل جيّد كي تخصِّصوا لهم اهتمامًا إيجابيا وتعزّزوا سلوكهم – امدحوهم، قولوا لهم ما الذي أحببتموه، وابتسِموا لهم.
- أما الأولاد الأصغر سنّا فيمكنكم أن تستغلّوا وقت استحمامهم ولبسهم كي تتحدّثوا معهم أو تُغنّوا لهم. علِّموهم أسماء أعضاء جسمهم، دغدِغوهم، وابتكِروا ألعابا خاصة تلائم الحمّام.
- كونوا مع ابنكم قبل النوم، وأتيحوا له أن يودّع اليوم ويودّعكم بشكل هادئ ومُريح. استغلّوا الدقائق الأخيرة قبل النوم لقراءة قصة. اسمعوا منه كيف مرّ يومه، غطّوه، عانِقوه، وقبِّلوه.