مشاركة الأطفال في مهام البيت: تعلّم مهارات جديدة كطريقة لتشجيع الاستقلالية وتحسين السلوكيات

يتصرّف الأطفال بطريقة مُستفِزّة أحيانًا لأنهم لا يعرفون القيام بما تتوقّعون منهم. عليهم تعلُّم كيفية التصرُّف ومهارات اجتماعية إضافيّة، لذا فإنّ تعلّم مهارات جديدة هو جزء لا يتجزأ من مساعدة أطفالكم في تحدياتهم السُلوكية.

كيف يعلّم الوالدون أطفالهم مهارات جديدة

أنتم أوّل وأهمّ معلّمين لابنكم. فأنتم تساعدونه يوميًّا على تعلُّم معلومات جديدة، مهارات، وطُرق سُلوك جديدة. تشمل المهارات الجديدة نشاطات يوميّة مثل اللبس دون مُساعَدة، تنظيف الأسنان، أو الاستحمام، وكذلك نشاطات تهدف إلى دمجه في المهامّ المنزلية – مثل ترتيب حقيبة المدرسة أو تعليق الغسيل.  يمكن أن يكون تعلّم مهارات جديدة الخطوة الأولى والأهمّ لمعالجة سُلوك ابنكم. على سبيل المثال، إذا لم يعرف ابنكم كيف يرتّب الطاولة، يمكن أن يرفض فعل ذلك، لمجرّد أنه لا يستطيع. ما هو الحلّ؟ علِّموه كيف.

هناك طُرُق يمكنكم فيها أن تُساعِدوا ابنكم على تعلّم كلّ شيء، بدءًا من العلاج الأساسي، وانتهاءً بالمهارات الاجتماعية الأكثر تعقيدًا – تقديم الإرشادات، رسم المثال، التوجيه، وخطوة خطوة.

في أية طريقة تختارونها، عليكم التأكُّد أنّ ابنكم يفهم ما تريدونه ويمكنه أن يفعل ذلك. يُحتمَل أن تُضطَرّوا إلى ملاءَمة البيئة لتُتيحوا له أن يفعل كما تطلبون، أو تعليمه بضع مهارات أساسية قبل أن يتمكن من تنفيذ مهمّة أكثر تعقيدًا.

إذا كانت لديكم خِشية حيال سُلوك ابنكم أو نموّه، فتحدّثوا إلى طبيب الأطفال أو ممرضة مركز رعاية الأم والطفل.

تقديم الإرشادات: تعليم المهارات الجديدة عبر إيضاحات

في هذه الطريقة، تعلّمون ابنكم أن يفعل شيئًا جديدًا عبر تقديم إيضاحات حول ما عليه فعله وكيفية فِعله. يُرجَّح أنكم تقدّمون إرشادات وإيضاحات لابنكم كلّ الوقت. وبالنسبة إلى بعض الأولاد، هذه هي الطريقة الأسهل والأنجع لتعلّم شيء جديد. لكنّها لا تنجح دائمًا.

جميع الوالدين يقولون لأبنائهم أحيانًا: “كم مرّة يجب أن أقول لك…” أو “أنت لا تُصغي أبدًا…”، لأن الإرشادات ليست دائمًا الطريقة الأمثل لتعليم الأولاد. فإذا كانت لابنكم حاجات خاصّة، يكون التعلّم من الإرشادات صعبًا بشكل خصوصيّ.

كيفية تقديم إرشادات جيّدة

  •  قدّموا إرشادات لابنكم فقط حين يكون منتبهًا لما تقولونه. نادوا ولدكم باسمه وشجّعوه على إمعان النظر بكم حين تتكلّمون.
  •  استخدِموا لغة يفهمها وجملًا قصيرة وبسيطة.
  •  تكلّموا بنبرة واضحة وهادئة.
  •  أوضِحوا بدقّة ما تريدون أن يفعل ابنكم، وقسّموا المهمّة إلى خطوات صغيرة. مثلًا: لا تقولوا “استعدّ للمدرسة”. بدلًا من ذلك، قولوا: “نظّف أسنانك والبس”.
  •  تأكّدوا من أنّ ابنكم يفهم كلّ مرحلة قبل أن تنتقلوا إلى المرحلة التالية. وإذا كان لدى ابنكم عسر تعليمي، يُحتمَل أن تُضطروا إلى تعليمه كلّ مرحلة قبل أن تعلّموه المرحلة التالية.
  •  استخدِموا الإيماءات للإشارة إلى الأمور التي تريدون أن ينتبه ابنكم إليها.
  •  أعطوه ردّ فعل. امدحوا ابنكم حين ينجح في تنفيذ الإرشادات، وقولوا له بالضبط ما فعله بشكل جيّد أو ممتاز. مع ذلك، امتنعوا عن ردّ الفعل السلبي حين لا ينجح ابنكم. أشيروا فقط إلى أمر أو اثنَين عليه فعلهما بشكل مختلف في المرّة القادمة.

تشجيع الاستقلاليّة

لمساعدة ابنكم على تعلّم تنفيذ المهامّ وحده، توقّفوا تدريجيًّا عن إعطائه إرشادات وتذكيرات. الإمكانية الأخرى هي استخدام مُلصَقة أو رسمة تساعدانه على فهم الإرشادات التي تقدّمونها، فحص الملصقة بنفسه، والعمل وفق الإرشادات. يمكن أن تساعد مُلصَقةٌ كهذه الأولاد الذين يستصعبون فهم الكلمات.

يحدث أحيانًا أن لا ينفّذ ابنكم التعليمات، لأسبابٍ عديدة. قد يكون لم يفهمها. ربما لا يكون سُلوكه ثابتًا حين يتعلّم، لكنه سيتحسّن كلّما تدرّب أكثر. وربّما لا يريد فعل ما طلبتم. هذا طبيعيّ جدًّا!

رسم المثال: تعليم المهارات الجديدة عبر المثال الشخصي

حين يتأمل ابنكم فيكم، يتعلّم ما يفعل وكيف يفعل ذلك. بهذه الطريقة تشكّلون أنتم مثالًا. مثلًا، يُرجَّح أكثر أن تمثّلوا لابنكم كيف يرتّب السرير، يكنس الأرض، أو يرمي الكرة. كما أنّ هذه الطريقة تُتيح لكم أن تمثّلوا لابنكم مهارات وسُلوكيّات تشمل التواصل غير الشفهي، مثل لغة الجسَد ونبرة الكلام. على سبيل المثال، يمكنكم أن تمثّلوا له كيف يطلب مساعدة من المعلّم، يقدّم نفسه أمام إنسان آخر، يرحّب بضيف، وغير ذلك.

كيفية رسم المثال بشكل ناجع

قبل أن تبدأوا بتعليم ابنكم عبر المثال، تأكّدوا من أنّ التناسُق لديه متطوّر كفاية، وأنّ لديه القدرة الجسدية والنضج في النموّ اللذَين يُتيحان له أن يتعلّم المهارة الجديدة. بعد ذلك، استعينوا بالخطوات الآتية:

  •  حوّلوا انتباه ابنكم وتأكدوا من أنه ينظر إليكم.
  •  حين يراقبكم، نفّذوا العمل ببطء، حتى يتمكن من رؤية ما تفعلونه بوُضوح.
  •  اذكروا الأجزاء الهامّة في أعمالكم. مثلًا: “هل ترى كيف أفعل…”.
  •  إذا كانت المهمّة معقّدة، أروه القِسم الأول منها، ثمّ دعوه يجرّب بنفسه. بعد ذلك، تابعوا للقِسم التالي. ابدأوا بالأقسام السهلة، خُصوصًا إذا كان لدى ابنكم عُسر تعليمي ما.
  •  أتيحوا لابنكم أن يتدرّب بعد أن يشاهدكم. فكلّما تدرّب أكثر، تحسّن أداؤه. وإذا دعت الحاجة، مثّلوا له الأمر من جديد.
  •  وجّهوه برقّة من الناحية الجسدية، فأحيانًا يسهل عليه أكثر متابعة شرحكم عبر المثال.
  •  امدحوه وقوّوه في مراحل التعلّم الباكرة.

الإرشاد: تعليم المهارات الجديدة عبر التوجيه

يُعتبَر تعلّم المهارات والسلوكيات الجديدة عملية بحدّ ذاتها. فحين يحاول ابنكم في البداية، قد لا ينجح كثيرًا. لكن إذا تدرّب، فسيقترب أكثر فأكثر ممّا تريدونه، ويمكنكم أن تساعدوه عبر التوجيه. يُتيح لكم التوجيه أن تساعدوا ابنكم على تعلّم مهارات وسلوكيات جديدة على أنواعها، مثل آداب المائدة، التهذيب، أو المهارات الرياضية.

مثلًا، قد يجلس ابنكم على المائدة ويمدّ كأسه. وجّهوه أن يطلب: “هل تريد الشّرب؟ يمكن أن تطلب: من فضلك، أريد الماء”. انتظروا أن يطلب، ونفّذوا طلبه.

كيفية التوجيه بشكل ناجع

  •  حدّدوا هدفكم بوُضوح. أيّ سلوك تحاولون الوصول إليه؟
  •  ما هي نقطة البداية؟ ماذا يفعل ابنكم الآن بحيث تتمكنون من توجيهه بطريقة أخرى؟
  •  انتَبِهوا وكافِئوا السلوك المرغوب فيه حين يبدأ بإظهاره. وحين يحدث هذا السلوك بوتيرة عالية أكثر أو بشكل موثوق به أكثر، انتقلوا إلى الخطوة التالية. امدحوا ابنكم حين يبدأ بالتصرّف هكذا وحده.
  •  اعملوا ببُطء. انتظروا حتّى ينجح ابنكم في القيام بالخطوة التي علّمتموها قبل أن تستمرّوا إلى الخطوة التالية.

خطوة خطوة: كيفية تعلّم مهارات معقّدة

بعض المهامّ أو النشاطات معقّد أو يشمل سلسلة من الأعمال. في حالة كهذه، يجب تفكيك المهمّة إلى خطوات أصغر. الفكرة الكامنة وراء التعلّم خطوة خطوة هي تعلّم كلّ خطوة على حِدة. بعد أن يتعلّم ابنكم الخطوة الأولى، يمكنكم أن تُعلِّموا الخطوة التالية، ثم الخطوة التي تليها، وهكذا دواليك. استمرّوا للخطوة التالية فقط حين ينجح الأولاد جيّدًا في القيام بالخطوة التالية، دون مساعدتكم. يمكن الاستمرار حتى يتمكن ابنكم من إنجاز المهمّة كلّها وحده. استخدِموا التعليمات والمثال الشخصي لمساعَدة ابنكم أن يتعلم كلّ خطوة.

تعليم المهارات خطوة خطوة: المثال

هكذا يمكنكم تفكيك مهمّة اللبس إلى مهامّ أصغر:

  •  إخراج الملابس من الخزانة.
  •  ارتداء الملابس الداخلية.
  •  ارتداء الجوارب.
  •  لبس القميص.
  •  لبس البنطلون.
  •  لبس الكنزة.

يمكن تفكيك كلّ من الخطوات إلى أقسام. مثلا، خطوة “لبس الكنزة” مكوّنة من الأقسام التالية:

  •  إمساك الكنزة بالطريقة الصحيحة.
  •  وضع الكنزة على الرأس.
  •  إدخال يد واحدة إلى الكُمّ.
  •  إدخال اليد الثانية إلى الكُمّ الثاني.
  •  سحب الكنزة إلى تحت، على الجِسم.

التوجيه الجسدي والكلامي

ضعوا يدَيكم على يدَي الولد ووجِّهوا خطواته. حين يبدأ بفهم ما يفعل، توقّفوا تدريجيًّا عن مساعدته، ولكن استمرّوا في إخباره بما عليه فِعله. بعد ذلك، أشيروا فقط إلى العمل. في اللحظة التي يتعلّم فيها ابنكم المهارة الجديدة، يمكنكم أن تتوقّفوا تدريجيًّا عن إعطائه إشارات كلامية وجسدية.

من البداية إلى النهاية، أم من النهاية إلى البداية؟

يمكن تعليم الخطوات بالحركة:

  •  من البداية إلى النهاية – علِّموه أوّلًا الخطوة الأولى، بعد ذلك الخطوة الثانية، وهكذا دواليك.
  •  من النهاية إلى البداية – علِّموه أوّلًا الخطوة الأخيرة، بعد ذلك الخطوة قبل الأخيرة، وهكذا دواليك.

لتعلُّم الخطوات من النهاية إلى البداية حسنات عديدة. فتعلّم الخطوة الأخيرة أسرع وأسهل، لذا من المُرجَّح أن يكون ابنكم أقلّ ضغطًا وأقلّ إزعاجًا. كذلك، حين يُنهي الخطوة الأخيرة، تكون المهمّة قد أُنجزت. وفي كثيرِ من الأحيان، تكون المُكافأة الأفضل إنهاء المهمّة!

إذا تابعنا المثال السابق، حين نعلّم الولد أن يلبس وحده، نبدأ تحديدًا بالكنزة. يمكن مساعدته على اللبس حتى يصل إلى الخطوة الأخيرة – لبس الكنزة. هكذا، مثلًا، نساعده على إدخال رأسه ويدَيه إلى الداخل، ثم نطلب منه سحب الكنزة إلى تحت، على الجِسم. في اللحظة التي يتعلّم فيها سحب الكنزة إلى تحت، نشجّعه على إدخال يدَيه بنفسه، ثمّ شدّ الكنزة. يمكن متابعة ذلك حتّى ينجح في كلّ خطوة وخطوة من المهمّة، ويفعل ذلك وحده.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network