في هذه الأيام، هناك عدد كبير من الشبيبة الذين يتعملون في صفوف متقدمة ويواجهون تحديات كثيرة. فعليهم اجتياز امتحانات البجروت في فترة مثيرة للتوتر وفي ظل شروط تعليم استثنائية. يضطر جزء منهم إلى البقاء في المنزل أو حتى في الحجر الصحي، ما قد يزيد من الصعوبات الشعورية في الفترة المثيرة للتوتر أصلا. كيف يمكن دعم الشبيبة ومساعدتهم على المواجهة بنجاح؟
القلق في سنّ المراهقة
سنّ المراهقة هو مرحلة مليئة بالتغييرات النفسية، الجسمانية، والاجتماعية. فالكثير من الشبيبة يشعرون بالتوتر والقلق بسبب التحديّات الكثيرة التي يواجهونها في هذه المرحلة. تشكل حالتهم الاجتماعية، الجدال مع الشبيبة الآخرين، مع العائلة، وكذلك نظرتهم الذاتية، صعوباتهم التعليمية، وقلقهم من المستقبل جزءا فقط من المخاوف التي يواجهونها. حتى أن هناك مراهقين عليهم اتخاذ قرارات هامة قد تؤثر في مستقبلهم.
إضافة إلى العبء الشعوري والفكري هذا، هناك تحديات إضافية في فترة الكورونا هذه. فعدم اليقين والتغييرات السريعة في روتين الحياة هي عوامل أخرى يواجهها الشبيبة، إضافة إلى الفجوات التعليمية، والحاجة إلى الاستعداد لامتحان البجروت في وقت قصير. يمكن أن تزيد المخاوف الصحية التي تنشأ بشكل طبيعي في مرحلة المراهقة من الشعور بالضغط لدى الشبان والفتيات. وذلك، إضافة إلى تقليل النشاطات الاجتماعية الضرورية للشعور بالانتماء والتي تشكل مصدر دعم مركزيا في حياتهم.
الوالدون الداعمون لأولادهم المراهقين
تعتمد قدرة ابنكم على التعافي من هذه الفترة الصعبة على حصانته النفسية وشعوره بالقدرة على المواجهة. فالعلاقات القوية والإيجابية بين ابنكم وبين المراهقين الآخرين تساعده على تطوير مهارات شخصية تتيح له التأقلم مع التغييرات ومواجهة حالات الفشل والتحدي التي يواجهها. حافظوا على تواصل مع ابنكم، شجعوه على التحدث معكم، وأصغوا إلى مشاعره بشكل فعّال. من المهم جدا أن تهتموا بمخاوفه وقلقه بشكل ملائم، وتساعدوه على أن يعرف أن هذه المشاعر طبيعية. ذكّروا ابنكم أنه من الطبيعي أن يشعر بالتوتر والقلق، وأنه قد يحتاج إلى وقت حتى يتأقلم مع التغييرات. حاولوا أن تمرروا له رسائل إيجابية، من خلال احتضانه أو ملامسته، وأعربوا عن ثقتكم بقدرته على المواجهة. كونوا قدوة شخصية؛ تحدّثوا عن مشاعركم، وأوضحوا لابنكم ما تفعلونه بهدف مواجهة القلق والتوتر بنجاح.
امتحانات البجروت ضمن روتين حياة غير اعتيادي
تتطرق المواجهة المركزية في هذه الفترة إلى عبء امتحانات البجروت في ظروف غير اعتيادية، وإلى الوقت القصير للاستعداد لها، وفي جزء من الحالات إلى التعلم عن بُعد أو ضمن الحجر الصحي. من المهم أن تعرفوا أن هناك الكثير من الشبيبة يعرفون أن الدراسة الثانوية وامتحانات البجروت تحدد مستقبلهم، لهذا قد يشعرون بتوتر كبير بسبب الخوف من أن تلحق أزمة الكورونا ضررا بامتحاناتهم. وقد يشعر مراهقون آخرون بصعوبة في التعلم بسبب التغييرات الكثيرة والفجوات التي يواجهونها. رغم الصعوبات، هناك طرق كثيرة يمكن أن تساعدوا ابنكم فيها لاجتياز امتحانات البجروت بنجاح.
مشاركة الوالدين في التعليم
يحتاج الشبيبة أيضا إلى دعمكم، وتشجيعكم على التعلم، ولكن بشكل مختلف عما كانوا يحتاجونه في الماضي. فمن المُرجح أن ابنكم أصبح يحتاج أكثر إلى الشعور بالاستقلالية في التعليم. لكي يعرف ابنكم أنه يمكنه التوجه إليكم عند الحاجة، اهتموا بتعليمه، ولكن لا تمارسوا ضغطا كبيرا عليه. تشكل التحديات جزءا طبيعيا من الحياة، وعلى ابنكم أن يتعلم كيف يواجهها. دعوه يجرب كيف يواجه مشاكله وحده قبل أن تتدخلوا؛ يعتبر الفشل جزءا هاما من المواجهة أيضا. رغم ذلك، كونوا يقِظين لحالته؛ مثلا، إذا لاحظتم أن ابنكم يصارع من أجل تأدية مهمة، فاسألوه كيف يواجه تلك الحالة. ادعموه أيضًا عندما يفشل، تجنبوا الحكم على سلوكه، وشجعوه على متابعة المحاولة.
يمكن ويستحسن اتباع عادات تدعم ابنكم أثناء التعلم. ساعدوه على اتباع روتين لتحضير الفروض المنزلية في وقت ومكان ثابتين، وفي بيئة خالية من مصادر الإلهاء مثل التلفزيون أو ضجيح الإخوة الأصغر سنا. تحدثوا مع ابنكم عن تجاربه التعليمية بشكل روتيني أثناء تناول وجبة مشتركة. شددوا على تجاربه التعليمية وليس على إنجازاته. أصغوا إليه عندما يعرب عن مشاعره، وأعربوا عن فرحكم وحماسكم عندما ينجح، وشجعوه وأوضحوا له محبتكم عندما يشعر بإحباط أو بصعوبات أيضا.
أهداف قابلة للتحقيق
بهدف تعزيز قدرة ابنكم على العمل وتعزيز ثقته الذاتية، من المهم أن تساعدوه على أن يضع نصب عينيه أهدافا قابلة للتحقيق. اقبلوا حقيقة كونه قويًّا في مجالات معيّنة، وأقلّ قوّة في سواها، وساعدوها على التفكير في نقاط القوة والضعف الخاصة به. أتيحوا لابنكم أن يتعلّم بعدة طُرُق، حتى تتمكنوا من أن تفهموا معًا الطريقة التي يتعلّم بها بشكل أفضل. ساعدوه على التخطيط للتعليم وفق النتائج التي توصلتم إليها. مثلا: إذا كان يحتاج إلى استراحات في فترات قريبة، شجعوه على التخطيط لدراسة عدد قليل من الفصول التعليمية خلال اليوم. بالمقابل، إذا كان ينجح في التعلم جيدا عن طريق مشاركة الآخرين، فشجعوه على أن يحضر عرضا تقديميا يعرضه أمام أصدقائه. عندما يواجه ابنكم صعوبات، شددوا على الطريقة التي يتعلم بموجبها وليس على إنجازاته، وحفزوه على تطوير مهارات التخطيط والانضباط الذاتي. بالمقابل، ساعدوه على التركيز على أمور يحبها، لتعزيز ثقته الذاتية.
النوم
جودة النوم هامة جدا، لا سيما لتحسين مستوى الطاقة، الذاكرة والتركيز، والحفاظ على مزاج إيجابي. في فترة يشهد فيها روتين الحياة تغييرات وعبء امتحانات البجروت، قد يكون نوم ابنكم الحاجة الأساسية الأولى التي قد تضررت. طوال كل فترة المراهقة، يحتاج المراهقون إلى تسع ساعات من النوم لكي يمارسوا نشاطاتهم كما يجب. يمكن أن تتضرر جودة النوم أيضا في حال كان ابنكم ينام في بيئة مليئة بالمحفزات الضوئية والصوتية – مثل: تشغيل التلفاز، أو استعمال الهاتف الخلوي.
لمساعدة ابنكم على تطوير نمط نوم صحي، شجعوه على الذهاب إلى النوم والاستيقاظ في أوقات ثابتة تقريبا. يستحسن تجنب النوم المتواصل بعد الظهر، لأنه قد يلحق ضررا بالنوم في الليل. اطلبوا من ابنكم أن يوقف تشغيل الأجهزة الإلكترونية قبل ساعة من النوم، وتحدثوا معه عن أهمية النظافة قبل النوم. إذا كان يصعب على ابنكم النوم، حاولوا أن تعلموه طرق استرخاء، واقترحوا عليه أن يتحدث عن مخاوفه في ساعات النهار. شجعوه وامدحوه إذا لاحظتم أنه يحاول تغيير أنماط نومه. إذا كنتم قلقين من أن المشكلة حادة أكثر، تحدثوا مع ابنكم عن مخاوفه وتوجهوا لتلقي مساعدة مهنية من طبيب العائلة أو من مستشارة المدرسة.
الشبيبة في الحجر الصحي
إذا كان ابنكم في حجر صحي، يتعين عليكم أنتم وابنكم مواجهة تحدي إضافي. قد يكون الحجر الصحي مثيرا للقلق والخوف الصحي، وقد يصعب على بعض المراهقين مواجهته. ففي حالات كثيرة يتم إغلاق المدرسة، وفي أحيان أخرى لا يتم التعلم عن بُعد أيضا. في مثل هذه الحال يصبح الروتين اليومي متزعزعا؛ لا يتعلم ابنكم، لا يلتقي أصدقائه، ولا يمكنه الخروج من المنزل للترفيه عن نفسه. عندما يتعين على ابنكم أن يقضي ساعات طويلة دون ممارسة نشاطات، فالحل الوحيد المتوفر أمامه هو استعمال الشاشات.
رغم أنه يوصى بشكل روتيني بالحد من استعمال ابنكم للشاشات، إلا أن الحجر الصحي يتطلب منكم ملاءمة التقييدات مجددا. يشكل الإنترنت والخلوي في الحجر الصحي جسرا للحياة الاجتماعية، التي تُدار في فترة الكورونا هذه ضمن شبكات التواصل الاجتماعي والواتس آب بشكل أساسي. هذا ليس وقتا ملائما لزيادة التقييدات الصارمة المتعلقة بأوقات استعمال الشاشات، والالتزام للقيام بالمهام الحياتية أو المهام التعليمية. رغم هذا، من المهم ويستحسن تشجيع ابنكم على التفكير كيف يرغب في استغلال وقته، ثم تشجيعه على بناء جدول يومي متوازن، يتضمن تغذية صحية، نشاطا جسمانيا، وساعات نوم ثابتة. تحدثوا مع ابنكم عن التأثيرات السلبية لاستعمال الشاشات المتواصل، وساعدوه على أن يلاحظ التغييرات التي تطرأ على مستوى طاقته ومزاجه عندما لا يمارس نشاطا وقتا طويلا. امدحوه عندما يحدد أهدافا خاصة به، يحاول ممارسة نشاطات جديدة، أو يبذل جهدا للحفاظ على روتين الحياة الصحي. شجعوه على أن يعرف النشاطات المهدئة التي يمكن أن يدمجها في جدول أعماله اليومي – الاستحمام، قراءة قصة، الاستماع إلى الموسيقى. تحدثوا مع ابنكم عن مخاوفة ليشعر بأمان، وساعدوه على التفكير الإيجابي الذي يساعده على مواجهة التحديات والتوتر.
متى يجب طلب المساعَدة؟
زيادة المشاعر أو نقصانها يشكلان رد فعل طبيعيا في الفترة التي تتميز بالضغوطات والتغييرات الكثيرة. ولكن إذا ازداد الضغط الذي يواجه ابنكم، تفاقم أو ألحق ضررا بنومه، شهيته، طاقته، أو متعته، أو إذا كان يصعب على ابنكم العودة إلى روتين الحياة بعد الحجر الصحي، يستحسن أن تتوجهوا إلى طبيب الأطفال أو العائلة الخاص بابنكم وتحصلوا على مساعدة مهنية.