تمتع الأطفال والرُضّع في فترة الكورونا بالبقاء المتواصل في المنزل مع الوالدين. الآن ومع العودة إلى الروتين الاعتيادي، قد يكون التأقلم من جديد مع الإطار العلاجي أو التربوي مصحوبا بمشاعر مختلطة. وقد يطوّر بعض الأطفال قلق الانفصال ويصعب عليهم الابتعاد عنكم في الصباح؛ هكذا يمكنكم مساعدتهم على التأقلم بسهولة.
قلق الانفصال: لمَ يحدث ذلك؟
بعد أسابيع كثيرة من البقاء في المنزل، تتطلب العودة إلى الروتين الاعتيادي لدى الأطفال والرُضّع التأقلم من جديد مع الانفصال عن الوالدين، ومع التغييرات في البرنامج اليومي. يمر الأطفال في هذا العمر بمرحلة تطورية تتميز بقلق الانفصال وبالخوف من الغرباء؛ هذه المرحلة شائعة وسليمة، وتشكل جزءا طبيعيا من التطور. قلق الانفصال هو عندما يخاف ابنكم من الابتعاد عنكم، ويبدي علامات ضائقة وحزن عندما تبتعدون عنه. والخوف من الغرباء، هو عندما يبدي ابنكم علامات حذر متزايدة وضائقة عند رؤية الغرباء.
يبدأ قلق الانفصال والخوف من الغرباء بالتطور في سن 7 حتى 10 أشهُر، عندما يصبح الأطفال قادرين على التنقل أكثر. في هذا العمر يفهم ابنكم أنكم ما زلتم موجودين حتى إذا كنتم بعيدين عنه، ولكنه ما زال لا يفهم أنكم ستعودون، لهذا يكون قلقا عندما تبتعدون عنه. يؤدي هذا القلق دورا هاما – فهو يمنع الأطفال من الابتعاد عن الكبار المسؤولين عن رعايتهم، وهكذا يمكن تجنب ابتعادهم عنهم جدا أو ضياعهم. يشعر كل الأطفال والرضع تقريبا بقلق الانفصال والخوف من الغرباء بدرجة مختلفة. يصل قلق الانفصال إلى الذروة في سن 14-18 شهرا، ولكنه قد يحدث لدى الأطفال الأكبر سنا أيضا.
كيف يشعر ابنكم قُبيل العودة إلى الإطار التربوي؟
قد يتأقلم ابنكم مع إطار تربوي جديد خلال بضعة أيام. بالمقابل، هناك أطفال يحتاجون إلى وقت أطول، ويشعرون بصعوبات الانفصال حتى بعد الأسابيع الأولى. بالمقابل، قد يندمج أطفال آخرون بسهولة أكبر منذ الأيام الأولى، وقد يعربون عن صعوبات الانفصال في وقت لاحق تحديدا، بعد أن يعتادوا على البيئة الجديدة القديمة.
هناك عوامل كثيرة تؤثر في رد فعل ابنكم على العودة إلى الروتين الاعتيادي. من بين عوامل أخرى، يمكن الإشارة إلى عمره، مزاجه، ورد فعله على التغييرات، علاقته مع مَن كان يعتني به أثناء بقائه في المنزل في فترة الكورونا، أو يمكن الإشارة إلى إمكانية العودة إلى الإطار التربوي تدريجيا. يتعرف بعض الأطفال على الحاضنات والمساعدات بسهولة، وهكذا لا يطورون قلق الانفصال عندما يعودون إلى الروضة. يؤثر الوقت والبُعد لدى جزء من الأطفال لأن الحاضنات والمساعدات أصبحن معروفات أقل لهم، لهذا أصبحوا يحتاجون إلى وقت حتى التعرف إليهن مجددا. يُحتمل أن يكون الانفصال عن الوالدين أسهل لدى الأطفال الذين مروا بتجارب الانفصال هذه أثناء فترة الكورونا أيضا. قد يكتشف والدوا الأطفال الصغار بشكل خاص أن أولادهم في المرحلة التطورية التي يظهر فيها قلق الانفصال للمرة الأولى، وقد يواجهون صعوبات لم يمروا بها قبل فترة الكورونا. كل ردود الفعل هذه طبيعية وسليمة، لهذا كونوا صبورين وحاولوا أن تظلوا إيجابيين. تقبّلوا الصعوبات، وانتبهوا إلى العلامات التي يبديها ابنكم لتتمكنوا من مساعَدته.
ماذا عليكم أن تفعلوا إذا احتاج ابنكم إلى وقت طويل للتأقلم؟
التأقلم التدريجي
هناك أطفال يحتاجون إلى وقت أطول للتأقلم مع التغييرات والحالات الجديدة. في مثل هذه الحالات، يُستحسن أن يتم التأقلم تدريجيا، لكي يعتاد ابنكم عليها بشكل إيجابي، ولا يتعرض للقلق. إذا تسنت لكم الفرصة، حاولوا أن تنسقوا مع الحاضنات أياما للتأقلم، يكون ابنكم فيها في الروضة لفترات قصيرة لمساعدته على التعرف مجددا على البيئة، الحاضنات، والمساعدات.
اتبعوا روتين انفصال
يمكن أن يساعد اتباع روتين الانفصال ابنكم على أن يشعر بأمان عندما تبتعدون عنه. ويمكن أن تساعدكم الأفكار التالية على اتباع روتين انفصال يسهّل على ابنكم:
- حاولوا أن تحضّروا ابنكم لمرحلة الانفصال: صفوا له البرنامج اليومي واذكروا متى سوف تذهبون ومتى ستعودون (مثلا: “نذهب إلى الحضانة معا. سوف أحضنك، وأقبلك، ثم تدخل إلى الروضة، وعندها تبقى مع الأطفال. بعد أن ترتاح في ساعات الظهر، سأعود إلى الحضانة، ثم نعود معا إلى المنزل ونقرأ القصة التي تحبها”).
- بهدف تعزيز شعور الأمان لدى ابنكم، دعوه يأخذ معه غرضا يحبه، مثلا: الدبدوب، الوسادة أو الشرشف.
- حددوا طريقة انفصال ثابتة (قبلتين، قبلة عن بعيد عندما تصلون بالقرب من الباب).
- بعد أن تستعدوا للابتعاد عنه، ودِّعوه سريعا واخرجوا من الحضانة. لا تحاولوا أن تبقوا للتخفيف عن ابنكم، لأن هذا التصرف قد يصعّب أكثر عليه. دعوا الحاضنة أو المساعدة في الروضة تواسيان ابنكم، وتقترحان عليه فعالية يحبها لمساعدته على أن يهدأ.
- اهتموا بأن تكون تعابير وجهكم هادئة وفرحة، وهكذا يتعلم ابنكم كيف عليه أن يشعر إزاء البيئة التي يعيش فيها. إذا كنتم قلقين أو حزنين، فقد يشعر ابنكم بأنه موجود في مكان ليس محميا، وعندها سيشعر بقلق الانفصال.
تحدثوا مع الحاضنات والمساعدات
في هذه المرحلة، تعرف الحاضنات والمساعدات ابنكم جيدا، ويمكن أن يساعدنه على التأقلم مجددا. رغم ذلك، مر الكثير من الأطفال والرُضّع بتغييرات تطورية هامة في الأسابيع التي مضوها في المنزل. من المهم مشاركة طاقم الروضة بهذه التغييرات لمساعدة ابنكم على ملاءمة البرنامج اليومي، وعلى معرفة كيف عليه التعامل معها؛ هل تغيّرت ساعات النوم لديه؟ ما الذي يساعده الآن على النوم؟ هل هناك أطعمة جديدة يحبها؟ ماذا لاحظتم أنه يساعده على أن يهدأ عندما يبكي، يحزن، أو يغضب؟ من المهم أن تتحدثوا مع الحاضنات والمساعدات في الروضة في بداية ونهاية كل يوم لمعرفة كيف يتأقلم ابنكم في الروضة. التفاعل الودي والإيجابي بينكم وبين الحاضنات والمساعدات يمكن أن يساعد ابنكم أيضا على الشعور بالأمان.