الطلبات والتعليمات: كيف يُمكن مساعدة الأطفال على القيام بما يُطلب منهم؟

عندما يُظهر الأطفال تعاونًا وينجزون ما يُطلب منهم فهذا إنجاز رائع، ولكن تعاون الأطفال ليس مفهوما ضمنًا وسهلا على كل الأطفال. يُمكنكم مساعدة أولادكم على تعلم كيفية التعاون من خلال استخدام لغة واضحة والموزانة بين التعليمات والطلبات.

ما هو الفرق بين الطلبات وبين التعليمات؟

الطلب، هو عندما تطلبون من ابنكم شيئًا ما للقيام به، مثل “هل يُمكنك مساعدتي على طي الغسيل؟”. أو “أعتقد أنه من الأفضل أن ترتدي معطفك. لأن الطقس بارد اليوم”. يُمكن أن يرد ابنكم على هذا الطلب بـ “نعم” أو “لا”.

التعليمات، هي  عندما تطلبون من ابنكم أن ينجز شيئًا ما، مثل “ساعدني على طي الغسيل” أو “ارتدِ المعطف الآن”. هكذا تقولون أنتم لابنكم ماذا عليه أن يقوم به ومتى. لا يُمكن أن يجيبكم ابنكم بـ “لا” – على الأقل ليس نظريًا…

من المهم أن توضحوا أقوالكم عندما تطلبون من ابنكم أو تأمرونه القيام بعمل  ما. عندما تطلبون منه، فأنتم تتيحون له أن يختار ماذا يفعل. ولكن، عندما تأمرونه، فأنتم تتوقعون منه أن يلبي ما طُلب منه. في حال لم يستجب فستحدث عواقب.

أحيانًا لا يفهم الأطفال، بشكل واضح، إذا كان توجه ما إليهم هو طلب أم أمر. مثلاً، عندما تقولون “لماذا لا يساعدني أحد على ترتيب المنزل؟” – هل تطلبون مساعدة من ابنكم، أو أنكم تقولون له ماذا عليه أن يفعل أو تتذمرون فقط لأن لا أحد يُساعدكم؟. إذا لم يكن طلبكم واضحًا ومُحددًا، لا شك أنكم لن تحصلوا على المساعدة في الترتيب!

كيف نستخدم أداتي الطلب وإعطاء التعليمات

يُفضل أن نستخدم الدمج بين اعطاء التعليمات والطلبات. تُتيح طريقة الطلب لابنكم حرية الاختيار وهكذا يمكنه بناء ثقته بنفسه واستقلاليته. إلا أنه عليكم أحيانًا إعطاء التعليمات أيضًا. يُجهّز الامتثال للتعليمات ابنكم للحضانة والمدرسة. عندما تستخدمون صيغة الطلب أكثر من صيغة إعطاء التعليمات فمن المرجح أن ابنكم سوف يُنفذ ما تطلبونه منه فقط في أحيان قليلة.

عندما يتلقى الأطفال الكثير من التعليمات يشعرون بالضغط والرغبة في التمرد. إذا أمليتم عليهم دائمًا ماذا عليهم أن يفعلوا قد يتجاهلون ذلك. وأيضًا، من الطبيعي أن يرغب ابنكم في أن يُسيطر أكثر على تصرفاته، كلما كبُر. عندما تُملون على ابنكم،  طوال الوقت، ما عليه أن يقوم به، فأنتم تسلبون منه  شعور القدرة على السيطرة.

يمكن أحيانًا  تحويل صيغة إعطاء التعليمات إلى صيغة الطلب من خلال توفير إمكانيات الاختيار. هكذا تجعلون ابنكم يشعر أن أمامه احتمالات اختيار كثيرة، حتى وإن كنتم توجهون تلك الخيارات. مثلاً، “حان الوقت لتدخل حوض الاستحمام. هل تريد أن يكون في حوض الاستحمام رغوة أم لا؟” أو “عليكِ ارتداء ملابسك – هل تريدين ارتداء البنطال الأحمر أو الأزرق؟”

عندما يتوجب عليكم إعطاء تعليمات ما، عليكم أن تستعدوا مُسبقًا وأن تعرفوا ماذا قد تكون العواقب إن لم يتعاون ابنكم معكم. مثلاً، “أريدكَ أن تُمسك بيدي ونحن نجتاز الشارع، رجاءً”. قد تكون عواقب عدم التعاون في هذه الحال هي الوقوف أو الجلوس على الرصيف – هذا ممل جدًا! – إلى أن يُمسك ابنكم يدكم.

يُستحسن الاحتفاظ بإعطاء التعليمات والرغبة في أن يُذعن الأبناء لكم لحالات أهم – مثل اعتمار الخوذة عند ركوب الدراجة أو الإمساك بيديكم عند اجتياز الشارع أو التصرف بشكل لطيف مع الأطفال الآخرين. استخدموا، في مثل هذه الحالات، نبرة صوت حاسمة ليعرف ابنكم أنكم جادون. يُمكنكم في مُعظم الأحيان منحهم حرية الاختيار، مثلاً: “لا شك أنك تُريد سترتك – فالطقس بارد اليوم. في حال لم يأخذ أبنائكم السترة هذه المرة، فسيشعرون بالبرد، وعندها سيتعلمون العبرة للمرة القادمة.

كيف يُمكن إعطاء التعليمات بشكل ناجع

تأكدوا من أن ابنكم يوجه انتباهه لكم تمامًا

عندما تُعطون ابنكم تعليمات ما، أفضل طريقة للنجاح في ذلك هي لفت انتباهه والتأكد من أنه يُصغي إليكم. هكذا تنجزون ذلك:

  •  اقتربوا منه، يُفضل أن تكونوا على مسافة تبعد مترين عنه
  •  قفوا بحيث تكونون على مستوى نظر ابنكم
  •  نادوه باسمه
  •  استخدموا صوتًا مُنخفضًا وهادئًا.

استخدموا لغة واضحة

يجب أن تكون التعليمات واضحة، قصيرة، وملائمة لجيل الطفل. استخدموا كلمات قصيرة وبسيطة مع الأطفال الأصغر سنًا، ولكن استخدموا كلمات وجمل أطول بعض الشيء مع الأطفال الأكبر سنًا. مثلاً، يُمكنكم أن تطلبوا من طفل صغير “جمع الألعاب،  ولكن اطلبوا من طفل في الرابعة من عمره “اجمع، الألعاب الآن من فضلك”.

أعطوا للأطفال الأصغر سنًا توجيهًا واحدًا فقط في كل مرة. يُمكن استخدام نبرة مُعينة عندما تصدرون التعليمات واستخدام نبرة أُخرى عندما تطلبون. تُساعد التعليمات الإيجابية ابنكم على النجاح، لأنها توجهه نحو ما تريدون أن يفعله تمامًا. مثلاً، قولوا له “رجاءً امضغ الطعام وفمك مُغلق” بدلا من أن تقولوا “لا تأكل بهذه الطريقة”، أو “ارفع الطعام عن الأرض” بدلا من أن تقولوا “لا ترمِ الطعام على الأرض”.

استعدوا لأن تُكرروا أقوالكم

يحتاج الأطفال أحيانا إلى أن نُذكّرهم. مثلاً، “فادي، أطلب منك ثانية، ارمِ المناديل في سلة المهملات الآن”. انتبهوا ألا تُكرروا كثيرًا صيغة الطلب من أجل ألا “نُضايق” الطفل كثيرًا ونخلق أجواءً سلبية.   يُمكنكم أحيانًا أن تُشجعوا مساعدكم الرافض، وإضافة مُحفز ما أو سببًا يجعله يقوم بما طُلب منه. مثلاً، “بعد أن تُلقي المناديل في سلة المهملات، سيكون لدينا مكان كافٍ لنلعب بلعبة السفن الفضائية الجديدة”. يُمكن أن نقول للأطفال الأصغر سنًا، “أولاً عليك انتعال الحذاء ومن ثم نذهب إلى المنتزه”. إذا لاحظتم أن ابنكم كان منهمكا في التفكير يُفضل أن تدعوه يراجع التعليمات قبل أن يبدأ بالمهمة.

استخدموا النتائج لتوجيه سلوك ابنكم

إذا لم يلتزم ابنكم بالتعليمات عليكم أن تستخدموا النتائج لتوجيه سلوك ابنكم أو ابتكار طريقة مُبدعة لمواجهة الوضع، بما يتلاءم مع أهمية المهمة وعمر الطفل. في نهاية الأمر، إذا أبديتم موقفا حاسما وصارما سيتعلم ابنكم أنه أحيانًا عليه أن يفعل أشياء لا يُريد أن يفعلها لمساعدة العائلة، والحصول على الثناء، وتفادي عدم الراحة أو ليحصل على ما يرغبه.  هذه مرحلة هامة في تطوير انضباطه الذاتي واستقلاليته.

نصائح لتعليم التعاون

يستغرق الأطفال وقتًا حتى يتعلمون التعامل مع التعليمات والطلبات. يُمكن أن تُساعد الأفكار التالية على ذلك:

  • استخدموا دائمًا الكلمات المعروفة – مثلاً، “اسمعني، يا ابني”، “عليك”، و “الآن من فضلك”. تكون هذه الكلمات بمثابة إشارات، وفي نهاية الأمر، سيُدرك ابنكم ماهيتها.
  •  اثنوا على ابنكم وشجعوه  كثيرا عندما يتعاون معكم –  مثلاً “كل الاحترام، لم أكن قادرة على النجاح في هذا من دون مساعدتك”. بهذه الطريقة، يُفترض أن يُنجز ابنكم ما تطلبونه منه في المرة القادمة.
  •  اهتموا بتأسيس عادات يومية. يُمكن للعادات اليومية أن تُساعد ابنكم على اجتياز المهام  التي تتكرر يوميا. يُمكن للعادات اليومية أن تساعد الأطفال الصغار والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.

لماذا قد لا يتعاون ابنكم معكم؟

ربما كان ابنكم لا يتعاون معكم لأنكم تتوقعون منه أكثر مما يُمكنه أن يفعل. عندما تُعطونه التعليمات، فكّروا في عمره وقدرته على الفهم.

إذا كان ابنكم قد تعلم النطق للتو، أو كان طفلاً ذا احتياجات خاصة، أحيانًا لن يتجاوب أو لن يفهم ما تقولونه له. يُستحسن أن تنجزوا أمامه ما طلبتم منه القيام به. ويُمكنكم أيضًا أن تعطوه أمثلة، وتساعدوه على تنفيذ تلك التعليمات في المرات الأولى أو أن تفعلوا ذلك معًا وتدعونه يُقلدكم.

قد يكون هنالك سبب جيد بعد يجعل ابنكم لا يفعل ما تطلبونه منه. رُبما لا يكون في وضع جيد، مُتعب أو خائف، أو لا يعرف ماذا عليه أن يفعل. مثلاً، عندما تطلبون من طفل جائع ومتعب أن يُنظف الغرفة، من المرجح أن ذلك لن يحدث. إذا لم يتعاون ابنكم لسبب مقبول، يُمكن تأجيل تلك التعليمات إلى وقت يكون مناسبًا لأن يتعاون معكم. قولوا له مثلاً، “أرجوك أن تُنظف غرفتك بعد العشاء”.

يُمكنكم، في حال كانت المهمة التي أوكلتموها إليه صعبة (تنظيف الغرفة مثلاً)، أن تعرضوا عليه المساعدة، أو تقسيم تلك المهمة إلى أجزاء، لئلا تبدو مهمة صعبة جدًا ومُرعبة.

أحيانًا يمر الأطفال في مراحل يرفضون فيها التعاون بشكل تام. ولكن، من الطبيعي أن تتغير تصرفات الطفل كُلما تطور أكثر، وأحيانًا، لا يقبل أن يتعاون أبدًا. إذا حدث ذلك، فجربوا الطرق التالية:

  •  أظهروا له المحبة الكبيرة عندما يتصرف كما هو مطلوب.
  •  أثنوا عليه عندما يفعل الأشياء بشكل صحيح.
  •  اطلبوا منه ولا تعطوه التعليمات، عندما يكون ذلك ممكنًا، لتفادي معارك السيطرة.
  •  حاولوا تحويل المهام إلى نشاط ممتع أو تحويلها إلى لعبة.
  •  تأكدوا من أن هناك بعض الوقت لتقضوا معًا وقتًا هادئًا.

كونوا حازمين، صارمين ومُحبين، وركّزوا على تحقيق التعاون في الأمور الهامة، مثل المسائل التتي تتعلق بالأمان.

إذا كان ابنكم طفلاً ذا احتياجات خاصة، يُستحسن إرشاد الأشخاص الآخرين – مثل الأخوة الأكبر سنًا، أبناء العائلة الكبيرة أو الجيران – لكي يعرفوا كيف يُعطون ابنكم تعليمات وطلبات تكون ناجعة.

يستمتع مُعظم الأطفال عندما يحظون  باهتمام – ولا يهتم الكثير منهم إذا كان الدافع وراء ذلك الانتباه إيجابيًا أم سلبيًا. إذا حظي ابنكم بانتباه سلبي لأنه يرفض التعاون معكم من الممكن أن يستمر في التصرف على ذلك النحو أيضًا. حاولوا، بدل ذلك، أن توجهوا عنايتكم إليه أكثر عندما يبدي تصرفات إيجابية. عندما لا يتعاون، يُستحسن أن تكون ردة فعلكم منضبطة.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network