ما هي العائلات القوية، وكيف تسير الأمور فيها

كيف يمكن إقامة عائلة قوية؟ لا تنشأ العائلة القوية بالمال أو الممتلكات، بل بالحب، الأمان، والتواصُل - وبفضل بعض القواعد والروتين اليومي.

ما الذي تحتاجه العائلات القوية؟

بشكل عامّ، تتميز العائلات القوية ببعض الخصائص المشتركة:

  • ثقة عاطفية وجسدية.
  • دفء، اهتمام، ومعاملة إيجابية.
  • قواعِد ثابتة وعادلة وروتين حياتي.
  • تواصل جيد.
  • علاقات مع آخرين خارج إطار العائلة.

الثقة العاطفية والجسدية

تمنح العائلات القوية لكل فرد فيها شعورا بالأمان العاطفي والجسدي. يعني ذلك أنه عندما تكونون مع العائلة تتصرفون وبهدوء وعلى الطبيعة. ضمن العائلة، يمكن التعبير عن الخوف، الغضب، التوتر، وكل المشاعر الأخرى. ويتم ضمنها قبول كل هذه الحالات وتفهّمها.

إذا كان لدى ابنكم أساس عائلي آمن ومحميّ، يُرجَّح أن يكون واثقا أكثر بنفسه وبقدراته على التعرف على العالم خارج العائلة. فهو يعرف أنه يمكنه دائما التوجه إليكم والحصول على تعزية، دعم، وحماية في حال واجه صعوبات ضمن العالم الأوسع – حتى في ملعب كرة القدم.

نصائح لخلق الثقة والأمان

إليكم بضع طرق يمكنكم أن تستعينوا بها لتعزيز الشعور بالأمان والثقة ضمن العائلة:

  • تحدثوا مع رفيق زواجكم عن التقاليد التي تريدون اتباعها ضمن العائلة من أجل أولادكم – مثلا: قراءة قصة قبل النوم، أو التحدث عن أحداث اليوم التي مررتم بها أثناء وجبة العشاء المشتركة. تساعد اللقاءات في تعزيز ثقة ابنكم وانتمائه.
  • تحدثوا مع ابنكم عن المشاعر. يمكن أن تحددوا لقاءات منتظمة للتحدث عن ذلك. مثلا، يمكن أن يخبر كل فرد من العائلة أثناء وجبة العشاء عن اللحظات الجيدة والسيئة التي مر بها خلال اليوم.
  • خططوا مسبقًا ما الذي يمكن القيام به لمواجهة “المشاعر الجيّاشة” بهدوء. إذا كنتم تشعرون أنتم أو أولادكم بتوتر أو بقلق، يمكن أن تخرجوا وتتنزهوا، تصغوا إلى الموسيقى، أو تتصلوا بصديق يساعدكم على المواجهة.
  • إذا لاحظتم أنكم تنتقدون وتغضبون في أوقات كثيرة، يستحسن أن تهتموا بأنفسكم أو أن تستعينوا بالآخرين لمواجهة هذه المشاعر.
  • احترموا واحدكم الآخر، أصغوا إلى مَن تتحدثون معه حتى ينهي حديثه، وتجنبوا الانتقادات. إذا كنتم تحتاجون إلى طرق للعمل، اقرأوا المقالات التالية لتحسين مهارات إدارة المفاوضات، حل المشاكل، والتعامل مع النزاعات.

قد تؤثر مشاعركم وسلوكياتكم كوالدين كثيرا في عائلتكم، لا سيما في أولادكم. مثلا، إذا كنتم غاضبين أو متوترين، قد يصبح ابنكم متوترا أيضا. لهذا السبب، من المهم أن تعتنوا بأنفسكم، تختاروا نمط حياة سليما، وتتوجهوا لتلقي الدعم عند الحاجة.

الدفء، الاهتمام، والمعاملة الإيجابية

يساعد الدفء، الاهتمام، والمحبة تجاه أولادكم وتجاهكم رفيق الزواج في بناء علاقات عائلية جيدة. ينجح الأطفال الذين يترعرعون ضمن عائلات تمنح الدفء، الاهتمام، والمحبة في التعامل بشكل أفضل مع الأولاد الآخرين والمعلمين، ويمارسون الاستقواء أقل. كما أن الإعراب عن الكثير من المودة يُشعِر أولادكم أنهم مميزون، ما يساعدهم على مواجهة التحديات في الحياة.

الاهتمام الإيجابي هام أيضا. فهو الطريقة للتعبير عن المحبة والدفء لابنكم – مثلا، عندما تتحدثون معه بشكل مباشر وتهتمون بما يفعله. يبني الاهتمام الإيجابي العلاقة بينكم، ويوضح لأولادكم أنكم مستعدون لمساعدتهم في كل لحظة.

حتى إذا كان كل ولد من أولادكم يتمتع بمزاج مختلف، احتياجات مختلفة، ومهارات مختلفة، فهم جميعا يحتاجون إلى اهتمامكم وإلى تشجيعكم ومدحكم لمساعدتهم على أن يشعروا بشعور جيد. تعزز كل هذه الأمور ثقتهم بالنفس وشعورهم بالأمان.

نصائح لخلق الدفء، الاهتمام، والمعاملة الإيجابية

نقدم لكم نصائح لخلق الدفء، الاهتمام، والمعاملة الإيجابية ضمن عائلتكم:

  • بيّنوا لأولادكم محبتكم بالكلمات، وابحثوا عن فرص تعربون فيها عن فخركم بهم.
  • ابتسموا وانظروا إلى أولادكم عندما تتحدثون معهم.
  • أعربوا لهم عن مودّة جسدية، حين يكون ذلك ممكنا.
  • امدحوا وشجعوا أفراد العائلة عندما يقومون بأمر جيد أو يتصرفون بتهذيب مع الآخرين. مثلا: “موسى حبيب قلبي، شكرا لك لأنك أخرجت الأواني من آلة غسل الأواني اليوم صباحا، فقد ساعدتني كثيرا”.
  • بيّنوا لهم محبتكم عبر تكريس وقت للتمتع به معًا.
  • جدوا فرصا للّقاءات الشخصية والقيام بأعمال تحبونها.

القواعِد الثابتة والعادلة وروتين الحياة

تُتيح القواعد العائلية الثابتة والعادلة لكلّ من أفراد الأسرة أن يعرفوا كيف يتصرفون. يمكن أن تساعد القواعدُ أفرادَ الأسرة على تدبّر أمرهم بشكل أفضل واحدهم مع الآخر، وعلى جعل حياتهم أهدأ.

القواعد الفعّالة هي إعلان واضح حول الطريقة التي ترغب بها العائلة في الاعتناء بالجميع والتعامُل معهم. ضعوا قواعد لأكثر الأشياء أهمية بالنسبة لكم – مثلا: القاعدة التي تمنع إلحاق الأذى الجسدي بشخص آخر هي قاعدة أساسية لدى معظم العائلات. يمكن أن تضعوا قواعد تتعلق بالأمان، التهذيب، الروتين اليومي، والتعامل باحترام مع الآخرين.

الأولاد الذين يترعرعون ضمن عائلات تتبع قواعد ملائمة، ينجحون أكثر في المدرسة، ويميلون أقل إلى المشاركة في النشاطات الخطيرة في سن المراهقة. تساعد القواعد المنطقية والنتائج المعقولة الأولاد على أن يعرفوا حدودهم – يستخدم الأولاد هذه المعلومات في مجالات أخرى في الحياة. على سبيل المثال، الحدود في المنزل تساعد الأولاد على أن يتبعوا القواعد في المدرسة.

الروتين اليومي هو النشاطات المُخطَّط لها والثابتة التي تتمّ يوميا تقريبا – مثل تحضير وجبة العشاء، اللبس، الاستعداد للنوم، وغيرها. تساعدكم هذه النشاطات على إدارة العائلة بسلاسة.

يتيح الروتين اليومي لأولادكم أن يعرفوا ما الذي تهتم به العائلة. قد يعزز هذا الروتين المعتقدات والقيم المشتركة بين أفراد الأسرة، يخلق شعورا بالانتماء والترابط العائلي، ويبني قدرة على التنبؤ بالمستقبل القريب والشعور بالاستقرار، لا سيما في فترات التوتر.

نصائح لتحديد القواعد والروتين العائلي

نقدم لكم بعض النصائح لإنشاء القواعِد والروتين العائلي:

  • دعوا أولادكم يشاركون في المهامّ المنزلية واطلبوا منهم مساعدتكم على أن تقرروا مَن يفعل ماذا، لكي يشعروا بأنهم يساهمون هم أيضا.
  • حددوا لقاءات عائلية كي يشارك أولادكم في تحديد القواعد العائلية والتخطيط للمناسبات.
  • عندما يكبر أولادكم، استبدلوا الروتين والقواعد وفق ذلك. يمكن أن تكون التغييرات بسيطة، مثل السماح بأن ينام أولادكم في وقت متأخر أكثر، أو أن يُحضِّروا وجبة العشاء مرة في الأسبوع.
  • عندما يصبح أولادكم في سن المراهقة، يمكن أن تشرحوا لهم أن الاستقلالية الأكبر تتطلب مسؤولية أكبر.

يساعد الروتين الأولاد ذوي الحاجات الخاصة، الذين يصعب عليهم فهم أو مواجهة التغييرات.

التواصُل الجيد

تتواصل العائلات التي يدعم أفرادها بعضهم بعضا بشكل جيد في اللحظات الجيدة والسيئة. يسمح هذا التواصل للجميع بالتمتع معا في الأوقات الجيدة والتحدث عن المشاكل عندما يواجهونها.

التواصُل الجيد ضمن العائلة هو:

  • تشجيع أفراد العائلة على التحدث معا – والإصغاء، بحيث يحصل الجميع على فرصة للتعبير عن مشاعرهم
  • مساعدة الأولاد على تعلم الكلمات التي تعبر عن مشاعرهم ورغباتهم، بحيث يعرفون كيف يطلبون ما يريدونه أو يحتاجون إليه
  • الإصغاء جيدا والرد بشكل متعاطف على أمور مختلفة – ليس فقط الأشياء اللطيفة أو الأخبار الجيدة، بل أيضًا الغضب، الإحراج، الحزن، أو الخوف
  • الإصغاء إلى المشاكل العائلية وإبداء التعاطف، دون أن تشعروا أن عليكم أن تحلوا المشكلة أو تقدموا الاستشارة
  • تعليم أولادكم كيف عليهم أن يأخذوا ويعطوا عندما يواجهون مشكلة، بحيث يحصل كل واحد على جزء مما يرغب به
  • التركيز على لغة الجسد والأعمال، وليس على الأقوال فقط

 

نصائح للتواصُل الجيد

إليكم بعض الاقتراحات لخلق تواصل جيد في عائلتكم:

  • عندما يرغب أولادكم أو رفيق زواجكم في التحدث، توقفوا عما تقومون به في تلك اللحظة، وامنحوهم الانتباه الكامل. إذا كان يصعب عليكم التركيز في تلك اللحظة، أخبروهم متى يمكنكم التحدث.
  • اتركوا لابنكم بطاقة في علبة الأكل الخاصة به لكي يعرف أنكم تفكرون فيه.
  • تناولوا معا وجبات عائلية كلّما أمكن، على الطاولة ودون تلفزيون. في هذا الوقت، يمكن أن يشارك كل منكم الآخرين بما يحدث في حياته.
  • عندما تكون مشاعر أولادكم متأججة، اسألوهم بمَ يشعرون وما الذين يحتاجون إليه.

التواصل مع الآخرين

التواصل مع الآخرين الذين يهتمون بأولادكم – مثل الأقارب، الأصدقاء، الجيران، وغيرهم – مهم جدا لأولادكم. تساعد العلاقات على تطوير تقدير الذات لدى الأولاد وتمنحهم شعورا قويا بشأن مكانتهم داخل العائلة، كأحفاد، أبناء عم، أبناء خالة، أبناء إخوة، أبناء أخوات… تساعد العلاقات مع العائلة الموسعة، الأصدقاء، والأفراد الآخرين الأولاد على أن يتعلموا كيف يتعاملون مع أشخاص مختلفين.

يمكن للبالغين الآخرين المقربين من أولادكم أن يدعموا العائلة عندما تواجه صعوبات – مثلا، عند وفاة أحد الأقرباء – أو في الأوقات الجيدة، مثل التمتع معا في نزهة أو مناسبة عائلية هامة. يسمح لكم التواصل مع الآخرين بأن تجِدوا أحدًا تتوجهون إليه وقت الحاجة، حين تحتاجون إلى مساعدة أو نصيحة، ترغبون في الخروج من المنزل في المساء، أو تحتاجون إلى أحد يعتني بأولادكم أثناء العطل المدرسية.

يمكن أن تساعد المشاركة في النشاطات الاجتماعية المخطط لها ومساعدة الآخرين أولادكم على أن يطوروا إحساسا بهويتهم الخاصة. على سبيل المثال: المشارَكة في مجموعات نقاش جماهيرية.

نصائح للتواصل بين عائلتكم والآخرين

إليكم بعض الاقتراحات لخلق علاقة بين عائلتكم والآخرين:

  • شجعوا أولادكم على الالتقاء مع أجدادهم وأقاربهم. إذا كانوا يعيشون بعيدا عنكم، تحدثوا معهم عبر الهاتف، أرسلوا إليهم رسائل إلكترونية، أو تحدثوا معهم عبر مكالمة فيديو.
  • ادعوا الأجداد، الأقارب، والأصدقاء إلى الاحتفالات المدرسية أو الرياضية التي يهتم بها أولادكم – مثل احتفال توزيع الجوائز أو عرض دورة الموسيقى.
  • شاركوا مع أولادكم في مجموعات جماهيرية أو دورات رياضية. هكذا يمكن أن تعطوهم فرصة للتعرف إلى أشخاص جدد ومشاهدة أعضاء المجتمع يعملون معا.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.