أصبحت الموجة الثانية من جائحة الكورونا في ذروتها، ولا تبدو نهايتها في الأفق. الأطفال معرضون لمعلومات عن مرضى مقرّبين منهم، وكذلك عن الدخول في حجر صحي، إلغاء المناسبات والنشاطات، وإغلاق الأماكن التي كانوا معتادون على زيارتها. المعلومات تغمرنا وتربكنا نحن أيضا. كيف نشرح الموضوع بشكل صحيح؟
كيف يؤثر “روتين” الكورونا فينا نحن والأطفال؟
يوفر الروتين أمانا وشعورا بالسيطرة. نحن نعرف ما الذي ينتظرنا، وقادرون على الاستعداد. فالروتين يلبي الاحتياجات الأساسية، مثل النوم والأكل، إضافة إلى التعلم والحياة الاجتماعية. وهو هام بشكل خاص للأطفال، ومن شأنه أن يوفر الشعور بالسيطرة والأمان ضمن عدم اليقين الذي يمرون به.
في هذه الأيام، نحن نتبع روتين حياة اعتياديا. ولكن فيروس الكورونا “يخلط الأوراق” ويُحدِث تغييرات في أحيان قريبة في روتين الحياة، ويَحدُث ذلك أحيانا دون تحذير مسبق.
وفق المعلومات التي جُمِعت حتى الآن، يشكل فيروس الكورونا خطرا للإصابة بالمرض، لا سيما لدى البالغين والفئات السكانية المعرضة للخطر. تكمن الصعوبة الأساسية التي يواجهها الشبان الأصحاء والأطفال، في كسر الروتين: القلق بشأن الأجداد والعائلة المعرضة للخطر، التغييرات في العادات اليومية، ومواجهة عدم اليقين.
هناك احتمال كبير أن ندخل في الحجر الصحي أحيانا، بسبب الإصابة بالفيروس أو ارتفاع وتيرة التعرض له، عندها ستطرأ تغييرات على البرامج، وسيُلغى جزء من النشاطات والأطر التربوية، وغيرها.
كيف يمكن مساعدة الأطفال على مواجهة التغييرات التي تحدث في أحيان قريبة في روتين الحياة؟
تقديم الشرح عن الواقع وفق عمر الأطفال
عندما تتحدثون مع أطفالكم، عليكم أن تقارنوا العيش في ظل الكورونا مع حالة معروفة من الحياة. مثال جيد على ذلك هو الخطر الكامن في السفر بالسيّارة. إذ إن السفر بالسيّارة يسبب أحيانا حادث طرق، مع ذلك نواصل السفر. نحن نتعلم وسائل الحذر، فنهتم باستعمال الخوذة، حزام الأمان، نعبر ممر المشاة، ونولي انتباها للإشارات الضوئية واللافتات المرورية. نحن نتعلم مع أطفالنا ما هي الطريق الأكثر أمانا للذهاب إلى الروضة أو المدرسة، ونتدرب على الذهاب فيها معا. تطبّق الشرطة قوانين المرور التي تشكل وسيلة حماية إضافية. هكذا نعمل في ظل الكورونا أيضا: هناك احتمال للإصابة بالفيروس، ولكننا نحافظ على أنفسنا لتقليص هذه الإصابة. فنحن نحافظ على النظافة الشخصية ونتبع القواعد، التي تتغير بين حين وآخر وفق حجم الإصابة بالمرض.
ثمة مقارنة أخرى قد تكون ملائمة للعيش في ظل الوضع الأمني في الدولة. نحن نفهم أن الجيش الإسرائيلي والقبة الحديدية يحمياننا. كما نعرف ما الذي يتعين علينا القيام به عند سماع صفارة الإنذار، إذ إن هناك مجالا محميا خاصا يتضمن كل ما نحتاجه. في الفترات التي تزداد فيها وتيرة إطلاق النيران، نقلل الخروج غير الهام من المنزل، تُغلق أطر مختلفة، وغير ذلك. هكذا تسير الحياة في ظل الكورونا: يتضمن المنزل كل ما نحتاجه، ونحن نعرف ما الذي علينا القيام به في حال اضطررنا إلى البقاء في المنزل الذين يحمينا.
التعرض لوسائل الإعلام
تتطرق وسائل الإعلام بطبيعة الحال إلى الجوانب الإشكالية في هذه الفترة. يعرف البالغون غالبا ما هي المحتويات ذات الصلة، ويحصلون على المعلومات الملائمة. ولكن هذه القدرة ليست متطورة إلى حد كاف لدى الأطفال، لهذا قد يشعرون بالقلق بسبب التعرض المفرط وغير المحدد للمحتويات المذكورة في وسائل الإعلام. من المهم في هذه الفترة، الحد من التعرض لوسائل الإعلام، وتقديم الشرح للأطفال عن المحتويات التي يتعرضون لها وفق أعمارهم. إذا تعرض الأطفال لمعلومات غير ملائمة، اشرحوها لهم بكلمات بسيطة موضحين أننا طالما نعمل وفق القواعد، فإن خطر تعرضنا للفيروس منخفض.
التخطيط المبكّر
يُفترض أن يقلل الاستعداد الذاتي والعائلي لمواجهة الكورونا القلق، وأن يتيح مرونة أكثر، وتأقلما أفضل مع هذه الفترة.
فكّروا معا في حالات قد تواجهونها: تقييدات الخروج من المنزل، إغلاق المؤسسات التربوية، دخول أحد الوالدين أو أحد الأطفال أو كل الأفراد العائلة في حجر صحي.
حضّروا برنامجا مع الأطفال، وفق أعمارهم، ووفق كل الإمكانيات البديلة المحتملة.
يوصى بأن يتضمن البرنامج مَن سيدخل في حجر صحي منفرد وأين، إمكانية التعلم عن بُعد، إمكانية القيام بنشاطات وفق عمر الطفل، وسائل للحفاظ على علاقات اجتماعية وعائلية (مثلا: عبر الألعاب، مكالمات الفيديو، وغير ذلك). إن حقيقة وجود برنامج مسبق، تقلل القلق من الأمور غير المعروفة، لديكم أنتم وأطفالكم على حد سواء.
تتضمن هذه الفترة تحديات وصعوبات كثيرة. يشكل الحوار المفتوح والصريح، الملائم لعمر الأطفال ومستواهم، مفتاحا رئيسيا للحفاظ على أجواء إيجابية والتعبير عن الصعوبات.