حل المشاكل مع الشبّان

عندما يصبح الأولاد شبّانا، يواجهون مشاكل عليهم حلها وحدهم. فأنتم لستم دائما بجانب ابنكم لإسداء النصيحة له، ولكن يمكنكم مساعدته على تطوير مهارات لحل المشاكل وطرق يمكن أن يستخدمها.

لماذا من المهم تطوير مهارات لحل المشاكل؟

نواجه جميعًا مشاكل يوميا ونحتاج إلى حلها، ولكننا لا نتمتع بهذه المهارات منذ الولادة، لذا علينا أن نطورها. عند حل المشاكل، يُستحسَن أن نعرف كيف:

  • نصغي ونفكر بهدوء
  • نفكر في الإمكانيات ونحترم آراء الآخرين وحاجاتهم
  • نتوصل إلى حلول بناءة، وإلى تسوية أحيانا.

تحظى هذه القدرات بتقدير رفيع في حالات اجتماعية وفي العمل  – هذه هي مهارات حياتية. يشعر الشبان الذين يتعلمون مهارات وطرقا لحل المشاكل والنزاعات بأنفسهم براحة أكبر، باستقلالية أكبر، ويتخذون قرارات أفضل. يميل المراهقون إلى أن يتدبروا أمورهم أفضل من ناحية نفسية عندما يعيشون في بيئات تشجع على حل النزاعات والمشاكل.

حل المشاكل في ستّ خطوات

في كثيرٍ من الأحيان، يمكن حل المشاكل عبر المحادثة والتسوية. المراحل الست القادمة لحل المشاكل ناجعة بشكل خاص عندما لا تستطيعون العثور على حل ملائم، وهي ملائمة لمعظم المشاكل – مشاكلكم ومشاكل ابنكم على حد سواء.

اجلسوا مع ابنكم وفكروا في المشكلة عندما تكونون هادئين وقادرين على التفكير بشكل صحيح. هكذا يُرجَّح أن يرغب ابنكم في العثور على حل. حددوا وقتا لا يزعجكم فيه أحد، واشكروا ابنكم لأنه يشارك في العثور على حل للمشكلة.

1‏. حدِّدوا المشكلة

المرحلة الأولى في حل المشكلة هو فهم ماهية المشكلة. بعد ذلك، يجب وصفها بكلمات تجعل حلّها ممكنا. مثلا:

  • “استخدمتَ عدة مرات أغراض الآخرين دون أن تطلب إذنهم”.
  • “في يومَي السبت الأخيرَين، خرجتَ من المنزل ولم تتصل لتخبرنا إلى أين أنت ذاهب”.

ركزوا على الموضوع، وتجنبوا انتقاد الأحاسيس أو الشخص، والمناورات العاطفية. يُفضَّل التطرق إلى السلوك. مثلا، حاولوا ألا تقولوا: “لماذا لا تتذكر أن تتصل عندما تتأخر؟ ألا يهمك أمري؟” قد يشعر ابنكم بأنه يُهاجَم ويبدأ بالدفاع عن نفسه، أو قد يشعر بإحباط لأنه لا يعرف كيف يحل المشكلة. يمكن أن تعربوا عن تفهمكم أو تهتموا بأحاسيس ابنكم، مثلا بالقول: “أعرف أنك مشغول أحيانا بنشاطاتك، وتتمتع مع أصدقائك، وفي هذه اللحظات لا تريد الذهاب، ولكن، من المهم بالنسبة لي أن …”

شجِّعوا ابنكم وهدئوه لكي لا يبدأ بالدفاع عن نفسه. يمكن القول مثلا: “من المهم أن تقضي الوقت مع الأصدقاء. ولكن علينا أن نجد طريقة تخرج فيها مع أصدقائك، وفي الوقت ذاته نعرف أنكم في مكان آمن. أنا متأكد أننا سننجح في التفكير في حل معا”.

2‏. فكروا لمَ هي مشكلة

ساعدوا ابنكم على أن يصف ما أدّى للمشكلة وكيف بدأت. اسألوا أسئلة مثل:

  • لمَ يهمّك هذا الموضوع كثيرا؟
  • لماذا تحتاج إلى ذلك؟
  • لماذا، حسب رأيك، هذا الموضوع مهم لأصدقائك/ معلمك كثيرا؟ لماذا يتصرفون بهذا الشكل؟
  • ماذا يمكن أن يحدث وفق رأيك؟
  • ما هو أسوأ شيء قد يحدث؟
  • ما الذي يقلقك؟

حاولوا أن تصغوا لإجابات ابنكم وألا تتجادلوا أو تتنازعوا معه – هذه هي فرصتكم لسماع ما يشعر به ابنكم حقا. شجعوا ابنكم أن يستخدم تعابير مثل “أحتاج … أريد … أشعر أن…”، واستخدموا أنتم هذه التعابير أيضا. بعد أن تفهموا حاجاته، يمكن أن تشجعوه على فهم الطرف الآخر، وجهة النظر الأخرى، دون أن تقللوا من فهم مشكلته ذاتها، ودون أن تتجاهلوا وجهة نظره. تحدثوا بانفتاح عن أسباب قلقكم.

3‏. فكّروا في الحلول المحتملة معا

أعِدّوا قائمة بالحلول المحتملة للمشكلة. يمكن أن تكتبوا عددا من الإمكانيات، المنطقية وغير المنطقية. تجنبوا حاليًّا الحُكم على الأمور والميل إلى الجدال.

إذا كان يصعب على ابنكم أن يفكر في حلول، اقترحوا أنتم حلولا. يمكن أن تقترحوا في البداية اقتراحات جنونية؛ فقد تؤدي الحلول المضحكة أو المتطرفة إلى التوصل إلى إمكانيات جدية أو قابلة للتطبيق أكثر. فكّروا في بعض الحلول المحتملة معا. يُستحسَن أن تقترحوا نحو ثمانية حلول. اكتبوها في قائمة.

4‏. قيّموا الحلول

فكروا في كل حل، وتحدثوا عن إيجابياته وسلبياته. فكّروا في الحسنات أولا – هكذا لن يشعر أحد أن حله ينال الكثير من الانتقاد. بعد أن تُعِدّوا قائمة بالحسنات والسيئات، احذفوا الإمكانيات ذات السيئات الكثيرة. الآن، صنفوا كل حل من 0 (سيء) حتى 10 (جيد جدًّا). هكذا يمكن أن تعثروا على الحلول الأفضل.

يجب أن يكون الحل الذي تختارونه قابلا للتطبيق وأن يحل المشكلة حقا. إذا لم تنجحوا في العثور على حل كهذا، عودوا إلى المرحلة الثالثة وابحثوا عن حلول إضافية. يُستحسَن أن تتحدثوا مع أشخاص آخرين، مثل أفراد العائلة الآخرين، القادرين على طرح أفكار جديدة.

انتبهوا أنه لا يمكن دائما الحسم وفق المنطق والتصنيف العددي. بعد رؤية الصورة المنطقية، من المهم أحيانًا دمج الأحاسيس أو البديهة، فيما يتعلق بالحل الصحيح لشخص معين في ظروف معينة.

في أحيان كثيرة، لن تنجحوا في العثور على حل يرضي الطرفَين، ولكن إذا تساهلتم، ستعثرون على حل يمكن تقبلان به كلاكما.

5‏. نفّذوا الحل

بعد أن تتوصلوا إلى حل، خططوا بدقّة كيف سيُنفَّذ. يُستحسَن أن تكتبوا كل النقاط وأن تذكروا النقاط التالية أيضا:

  • مَن يفعل ماذا؟
  • متى يجب العمل؟
  • ما المطلوب لتطبيق الحل؟

قرروا متى ستتحدثون ثانية عن الموضوع لمعرفة إذا كان الحل ناجحا. قد يحتاج ابنكم إلى إرشاد أو إلى لعبة تقمّص أدوار لكي يشعر بأمان. مثلا، إذا كان يحاول حل مشكلة مع صديقه، ساعدوه على أن يتدرب على ما سوف يقوله أمامكم، وأطرحوا أمامه إمكانيات لرد فعل صديقه، وكيف عليه أن يتعامل معها.

6‏. قيّموا النتيجة

بعد أن ينفذ ابنكم البرنامج، افحصوا معه كيف سارت الأمور. قد يمر ابنكم بمشاكل صغيرة أثناء العمل، لذا عليكم أن تتيحوا مرور بعض الوقت لكي ينجح الحلّ. انتبهوا إلى أن بعض الحلول لا تنجح.تحتاجون أحيانا إلى تجربة أكثر من حل.جزء من حل المشاكل الناجع هو النجاح في التأقلم وملاءمة أنفسكم عندما لا تسير الأمور وفق توقعاتكم. اسألوا ابنكم الأسئلة التالية:

  • ما الذي نجح جيدا؟
  • ما الذي لم ينجح جيدا؟
  • ما الذي يمكننا تغييره لينجح الحل بشكل أفضل؟

إذا لم ينجح الحل، عودوا إلى المرحلة الأولى وابدأوا من جديد. يمكن أن تكون المشكلة مختلفة عما ظننتم، أو قد تكون الحلول غير ملائمة تمامًا. تحدّثوا عن إمكانية تطبيق “خطة ب” – برنامج بديل فكرتم فيه مسبقا في حال لم ينجح البرنامج الأصلي في التوصل إلى النتائج المرجوة.

حاولوا أن تستخدموا هذه المهارات والخطوات لحل مشاكلكم الخاصة واتخاذ قراراتكم. إذا لاحظ ابنكم أنكم تستخدمون هذه الطريقة بأنفسكم، يُرجَّح أكثر أن يرغب في استخدامها هو أيضا.

عندما يكون النزاع بينكم هو المشكلة

يُرجَّح أن تكون صداماتكم مع ابنكم خلال سنّ المراهقة أكثر من الماضي. فقد تختلفون على عدد كبير من المواضيع، لا سيما فيما يتعلق بحاجة ابنكم إلى تطوير استقلاليته. من الصعب أحيانا أن تتنازلوا عن سلطتكم وتسمحوا لابنكم أن يشارك أكثر في اتخاذ القرارات، ولكنه يحتاج إلى ذلك كجزء من طريقه نحو أن يصبح بالغا ومسؤولا.

استخدموا نفس خطوات حل المشاكل من أجل مواجهة النزاعات. لمزيد من المعلومات، اقرأوا المقال حول إدارة النزاعات.

أمثلة

دار جدال بينكم وبين ابنكم بسبب حفلة ستُقام في نهاية الأسبوع.

أنتم تريدون أن:

  • تأخذوا ابنكم إلى الحفلة وتعيدوه إلى المنزل
  • تفحصوا إذا كان هناك شخص مسؤول
  • يعود ابنكم إلى المنزل حتى الساعة الحادية عشرة.

ابنكم يريد أن:

  • يذهب مع الأصدقاء
  • يعود إلى المنزل في سيارة أجرة
  • يعود متى شاء.

كيف يمكن التوصل إلى اتّفاق يسمح لكم ولابنكم بتحقيق جزء من هذه الأمور؟

1‏. حدِّدوا المشكلة

صِفوا المشكلة بكلمات تجعل حلّها ممكنا. مثلا:

  • “تريد أن تذهب إلى الحفلة مع أصدقائك وتعود إلى المنزل في سيارة أجرة”.
  • “أنا قلقة من أن يشرب الكثير من الشباب في الحفلة، ولا أعرف إن كان سيتواجد بالغون مسؤولون”.
  • “عندما تخرج من المنزل، أتساءل أين أنت وأريد أن أطمئن أن كل شيء كما يرام. علينا أن نجد طريقة تخرج فيها مع أصدقائك، وفي الوقت ذاته أعرف أنكم في مكان آمن”.

2‏. فكروا لمَ هي مشكلة

اعرفوا ما الذي يهم ابنكم، ودعوه يشعر بأنكم تفهمون احتياجاته.  أوضِحوا له ما الذي يهمكم. مثلا، يمكن أن تسألوا ابنكم: “هل تريد أن تشعر بحرية وتظل حتى نهاية الحفلة، ولا تخسر شيئًا منها؟ هل هناك أسباب أخرى تجعلك لا توافق على ساعة العودة إلى البيت؟” أفهم الأمر، ومع ذلك من المهم أن تنجح في الاستيقاظ في اليوم التالي لأنه لديك امتحان/ أعرف أنّ الأمر يشكّل إغراءً لشرب الكحول، وأنا مسؤولة عن صحتك…”، بعد ذلك أصغوا إلى وجهة نظره.

3‏. فكّروا في الحلول المحتملة معا

كونوا مبدعين وحاولوا أن يتوصل كل منكما إلى حلَّين على الأقل. مثلا، يمكن أن تقترحوا أن تأخذوا ابنكم من الحفلة، على أن يخبركم هو متى تفعلون ذلك. يمكن أن يقترح ابنكم أن يعود إلى المنزل مع صديقَين يسكنان في الحي بسيارة أجرة. حاولوا أن تقترحوا حلولا مبتكرة تلبي الحاجة الأساسية لكِلا الطرفَين.

4‏. قيّموا الحلول

انظروا إلى حسنات وسيئات كل حل، وابدأوا بالحسنات. احذفوا التي لا يقبل بها أيّ من الطرفَين. مثلا، قد تتوافقان على أن عودته وحده في سيارة أجرة ليست فكرة جيدة.

يُستحسن أن تحددوا قواعد واضحة فيما يتعلق بساعة العودة إلى البيت – مثلا، على ابنكم أن يكون في المنزل حتى  الساعة الحادية عشرة، إلا إذا اتفقتم معا على العودة في وقت آخر.

أعدّوا مسبقا برنامجا احتياطيا في حال طرأ خلل، كما في حال شرب السائق الكحول، أو لم يكن مستعدّا للمغادرة. تحدثوا مع ابنكم عن البرنامج البديل.

5‏. نفّذوا الحل

بعد أن تتوصلوا إلى تسوية وتكون لديكم خطة عمل، أوضحوا لابنكم ما هي شروط الاتفاق. يُستحسَن أن تكتبوا كل النقاط وتَذكُروا أي عمل يقوم به كل شخص، متى، وكيف.

6‏. قيّموا النتيجة

بعد أن تنفّذوا الحل، اسألوا أنفسكم إذا كان ناجحا، وإذا كان الاتفاق يلبي الحاجة الأهم لدى كلا الطرفين.

يؤدي استثمار الوقت والطاقة في تطوير مهارات حل المشاكل إلى أن يفهم ابنكم أنكم تحترمون رأيه فيما يتعلق بالقرارات التي تؤثر في حياته. يمكن لهذه الطريقة أن تعزز العلاقات بينكم وبين ابنكم، وأن تُعِدّه للحياة كبالغ.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.