التجاهل المنهجي

"ببساطة تجاهلوه!" كم مرة سمعتم هذا القول؟ يتلقى العديد من الأهالي في أحيان كثيرة نصائح توصيهم بتجاهل تصرف أطفالهم غير اللائق - ولكن ذلك ليس سهلا وبسيطا دائما كما يبدو.

المبادئ الأساسية

التجاهل المنهجي هو تجنّب الاهتمام بالطفل بشكل متعمّد، عندما يتصرّف تصرفا ليس لائقا. معنى ذلك هو أنّه في الوقت الذي يتصرّف فيه التصرف ذاته، لا ننظر إليه ولا نتحدث معه. تستند هذه الطريقة إلى حقيقة أنّ كسب اهتمام شخص آخر يشكل عاملا محفزا ذا قيمة كبيرة في السلوك الإنساني. بناء على حاجتنا  الفطرية، كبشر، إلى التواصل والعلاقة الاجتماعية، من شأن السلوك الذي يجذب الاهتمام أن يظهر أكثر في المستقبَل.

كسب اهتمام أحد الوالدين هو جائزة ثمينة بشكل خاصّ لدى الأطفال، بسبب التواصل القوي القائم بين الأهل والأطفال. إنّ اهتمام الوالدين ذو تأثير قوي جدّا حتى إنّه في بعض الأحيان لا يهمّ تقريبا أيّ نوع من الاهتمام قد حصل. من وجهة نظر الطفل، فإنّ الاهتمام السلبي أفضل من عدم الاهتمام إطلاقا. ينظر  أطفال معينون إلى الاهتمام، حتى لو كان سلبيا، على أنه اهتمام هو أيضًا، وبناء على ذلك يكون مجديا بطريقة ما، حتى لو لم يكن مرغوبا فيه.
كافئوا أولادكم باهتمام كبير عندما يتصرّفوا جيدا، ولكن لا تهتمّوا بهم عندما يتصرّفون تصرفا ليس لائقا. إنّ الاهتمام وتجنّبه بشكل موضعي في الأوقات المناسبة بشكل منهجي يمكنه أن يصوغ سلوك ابنكم.

لماذا نوصي باستخدام التجاهل المنهجي؟

كل يوم يتعلم ابنكم كيف يجذب اهتمامكم. ولذا من المفضل استخدام الاهتمام من أجل مساعدة أطفالكم على تنمية السلوك اللائق – السلوك الذي تعتقدون أنّه من المهم أن يتعلّمه ابنكم، ويناسب قيم الأسرة. لا يكلّف ذلك مالا، وهو يتطلّب جهدا قليلا نسبيًّا منكم. ومع ذلك، استعدوا – فالسلوك الذي يحظى بتجاهل عادة ما يشتدّ قبل أن يتحسّن. تذكّروا ذلك عندما تقرّرون استخدام التجاهل المنهجي كأداة سلوكية.

ما الذي يمكن تجاهله؟

نوبات الغضب، الدوس المتكرر بالقدمين، إصدار أصوات ساذجة، صنع حركات في الوجه، التباكي، الجدالات – كل هذه هي سلوكيات يجب تجاهلها. اختيار السلوكيات التي ستتجاهلونها متعلّق جدا بالسلوك نفسه (هل يشكل  مشكلة طفيفة أم أنه مشكلة أكثر حدة) وبدرجة تحمّلكم للإحباط. ومع ذلك، فالتجاهل المنهجي هو أداة ممتازة لتكون جزءا من صندوق أدوات الأبوة والأمومة.

قبل البدء باستخدام التجاهل المنهجي

لا يشكّل التجاهل دائما الخيار الأفضل لمعالجة سلوك ترغبون في إيقافه. قبل أن تقرّروا تجاهل سلوك معيّن، اسألوا أنفسكم:

  •  هل يحظى هذا السلوك باهتمامكم؟ قبل أن تبدأوا، تأكدوا أنّ السلوك يحظى باهتمامكم فعلا. إذا كان يحظى باهتمام شخص آخر – على سبيل المثال، أحد الإخوة أو الأصدقاء – فتجاهلكم لن يغيّر شيئا.
  •  هل عليكم تجاهل السلوك؟ هناك سلوكيات ستحظى باهتمامكم، ولكن ربما لن تستطيعوا أو لن ترغبوا في تجاهلها. لا يمكن تجاهل سلوك يشكّل خطورة على ابنكم أو يمسّ بالآخرين أو بالممتلكات (على سبيل المثال، العضّ، الضرب، جذب الستائر، إلقاء الأغراض، وغيرها). في بعض الأحيان يكون السلوك غير المرغوب فيه مزعجا جدا أو يثير ضجيجا لدرجة يصعب عليكم تجاهله.
  •  هل يمكنكم تجاهل السلوك إذا اشتدّ؟ لنفترض أنّكم بدأتم تتجاهلون سلوكا ما، ولكن، عندما تزداد حدته تبدأون بالإصرار والاهتمام به. في مثل هذه الحال، أنتم تخاطرون بتقديم مكافأة عن غير قصد لسلوك أشدّ خطرا، وتزيدون من احتمالات أن يحدث هذا السلوك الأخطر مجدّدا. إذا كنتم تشعرون أنكم لن تستطيعوا تجاهل السلوك الأشدّ خطرا، فمن المفضل عدم محاولة هذه الطريقة منذ البداية.
  •  هل يمكنكم تجاهل السلوك في كل مكان يحدث فيه؟ إذا كنتم تتجاهلون سلوك غير مرغوب فيه  يحدث في مكان واحد ولكن ليس في مكان آخر، فسيحدث في المكان الذي لا تتجاهلونه فيه.
  •  هل يمكنكم تجاهل السلوك في كل مرة يحدث فيها؟ يشكل قراركم أمرا حاسما. إذا كنتم تتجاهلون أحيانا وليس طوال الوقت، فأنتم تخاطرون في إنشاء سلوك ربما قد يكون تغييره أصعب. عندما تكون المكافأة كبيرة القيمة وغير متوقعة، يميل الناس إلى محاولة الحصول عليها بجهد وتماسك أكبر. إذا كافأتم سلوك ابنكم، أحيانا، فقد تعزّزون السلوك غير المرغوب فيه أكثر مما لو كافأتم السلوك في كل مرة يحدث فيها.
  •  هل يتجاهل الأشخاص الآخرون السلوك؟ إذا نجحتم في تجاهل السلوك، ولكن جاء شريككم أو شريكتكم، صديقكم أو أحد أقارب العائلة فجأة وكافأ ذلك السلوك من خلال إبداء الاهتمام، فإنّ كل العمل الجيّد الذي استثمرتموه سيضيع. تأكدوا من أنّ هناك إجماع في الرأي بين جميع أفراد المنزل بخصوص السلوك غير المرغوب فيه والذي يجب تجاهله. ستكون هناك حالات سيصعب فيها على الأشخاص الآخرين فهم استخدام التجاهل المنهجي ولن ينجحوا في القيام بذلك. في مثل هذه الحال، من المفضل عدم استخدام هذه الطريقة.

كيف نستخدم التجاهل المنهجي؟

فيما يلي بعض الأفكار للاستخدام الناجح للتجاهل المنهجي.

  •  عندما تتجاهلون ابنكم، فمن المهم تجاهله تماما. لا تنظروا إليه ولا تقولوا له شيئا طالما أنه يواصل السلوك غير المرغوب فيه. قد تشكل النظرات الخاطفة، الابتسامات بل وحتى تجهّم الوجه، تحديدًا، مكافأة. إذا قلتم لابنكم، “أتجاهلك!”، فأنتم لا تتجاهلونه. إذا كان الوضع مؤكدا ويمكن القيام بذلك، فابتعدوا قليلا عن ابنكم عندما يتصرّف بشكل غير لائق.
  •  ابدأوا بتجاهله فورا عندما يبدأ بالتصرّف على هذا النحو. توقّفوا عن تجاهله فورا عندما يتحسّن سلوكه لفترة ما.
  •  إذا كان يصعب عليكم تجاهله، خطّطوا لعدة أمور يمكن أن تصرف انتباهكم أو اشغلوا أنفسكم في هذه الأثناء. يمكنكم القيام بعدة تمارين بسيطة من أجل الحفاظ على السيطرة والبقاء هادئين.
  •  بشكل منهجي، اهتموا بالسلوك المرغوب فيه بدلا من الاهتمام بالسلوك الذي لا ترغبون فيه وتحاولون تجاهله. هكذا سيصبح التجاهل المنهجي أكثر فاعلية.

هل عليّ أن أقول لابني إنّني سأتجاهل سلوكه؟

عندما تتجاهلون سلوك ابنكم، فإنّكم توضحون له أنكم لن تستجيبوا طالما أنه يستمرّ في التصرّف على هذا النحو. على سبيل المثال، “إذا استمرّيت في الحديث بهذه الطريقة، فلن أجيبك بعد ذلك”. مثل هذه الإجابة ستكون ملائمة في بعض الحالات.

يمكن اختيار عدم قول شيء، على سبيل المثال، إذا كان السلوك غير المرغوب فيه طفيفا وليس شديدا. هناك إمكانية أخرى وهي أن تشرحوا مرة واحدة لابنكم أنّكم لن تستجيبوا عندما يتصرّف تصرفا ليس مرغوبا فيه. بعد ذلك، تجاهلوا هذا السلوك في كل مرة يحدث فيها، دون أن تقولوا شيئا إضافيا. ستضطرون إلى أن تقرّروا إذا ما كان من المجدي أن تخبروا ابنكم أي سلوك أنتم تتجاهلونه (كي يفهم)، رغم أنكم ستخاطرون بذلك أنه قد يتم النظر إلى هذا الاهتمام كمكافأة.

ماذا يحدث عند تجاهل السلوك؟

السلوك الذي يحظى بتجاهل يشتدّ عادة قبل أن يتحسّن. انتبهوا للنموذج التالي. يملك شخص معيّن جهاز تلفزيون لا يعمل. فيضرب على الصندوق وعندها تتحسن الصورة. بعد بضع دقائق من ذلك، تومض الشاشة وتختفي مجددا. يضرب الشخص على الصندوق مجددا، ولكن في هذه المرة، لا تظهر الصورة. فماذا يفعل؟ يضرب على الصندوق مجددا، وربما تكون الضربات أقوى وأشدّ، حتى يتوقف في نهاية المطاف عن هذا التصرف، عندما يتّضح أن التلفزيون لن يعمل ثانية.

إننا نميل إلى التمسّك بالسلوك الذي نجح في الماضي، ونستمر لوقت أطول حتى نتخلّى عنه ونبحث عن طريقة أخرى لمعالجة الوضع. وبشكل مشابه لتعامل ذلك الشخص مع التلفزيون، فإنّ سلوك الطفل الذي ترسّخ جيّدا يميل إلى أن يصبح أكثر تكرارا وكثافة عندما يحظى بالمكافأة. ستصبح نوبات الغضب أكثر صخبا وأطول، وسيكون العويل والتباكي أشدّ، إذا توقفت الاستجابة التي كافأت يوما ما هذا السلوك بشكل مفاجئ. وسيظهر التحسّن لاحقا.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network