ثنائية اللغة وتربية الأولاد على اكتساب لغتَين

"ثنائية اللغة" هي القدرة على استخدام لغتين أو أكثر. تتضمن تربية أطفال ثنائيي اللغة حسنات كثيرة، مثل إقامة علاقات عائلية وحضارية قوية. تتعلق الطريقة التي تشجعون فيها ثنائية اللغة في العائلة بوضع العائلة واللغات التي تستخدمونها في المنزل.

تربية أولاد ثنائيي اللغة: تعود الخيارات إليكم

إذا كان يتحدث أحد الوالدين لغة سوى اللغة العربية في المنزل، فتستطيعون اتخاذ قرار لمساعدة ابنكم على تعلم تلك اللغة وفق وضعكم العائلي، احتياجاتكم، أو رغبتكم. إليكم بعض النماذج الأساسية لتربية أولاد ثنائيي اللغة.

نموذج “شخص واحد لغة واحدة”

إذا كنت أنتِ وشريكك أو أنتَ شريكتك تتحدثان لغتين مختلفتين، فإن نموذج “شخص واحد لغة واحدة” قد يساعدكما. مثلا، إذا كانت لغتكم الأم العربية ولغة الأمل للشريك أو الشريكة هي الروسية، فيمكن أن تتحدثوا العبرية مع أولادكم، وأن يتحدث شريككم أو شريكتكم الروسية معهم.

قد يعمل هذا النموذج مع أكثر من لغة واحدة إضافية مثلا، إذا كانت لغتكم الأم هي الإنجليزية ولغة الأم للشريك أو الشريكة هي الروسية، يستطيع كل منكما التحدث مع الأولاد بلغته، وسيتعلمون العربية في المدرسة وفي المجتمع.

إذا كنتم معنيين أن يكبر ويتحدث ابنكم بطلاقة بلغتكم الأم، عليكم المواظبة على استخدامها مع ابنكم كل الوقت، وألا تبدّلوا بين اللغات. لذلك، إذا كنتم تتحدثون الفرنسية وأنتم معنيون أن ينجح في تكلم وفهم هذه اللغة وأن تكون لديه ثروة لغوية واسعة، فعليكم التحدث معه بالفرنسية.

يساعد نموذج “شخص واحد لغة واحدة’ كلا الشريكين على التواصل مع الأولاد بلغتهما الأم. ‏يعتاد الأولاد على سماع اللغتين وتحدثهما معا. الوضع المثالي هو إذا كان كلا الشريكين يفهم كل منهما لغة الآخر، هكذا يكون الجميع مشاركا في الحديث عندما يتحدث أحدهما مع ابنهما.

نموذج “لغة الأقليات”‘

يمكن استخدام نموذج “لغة الأقليات” إذا كان يتحدث كلا الشريكين اللغة ذاته في العائلة. مثلا، يستطيع الشريكان اللذان قدما من روسيا التحدث مع ابنهما بلغة الأقليات. يتحدث أولادهما العربية مع أصدقائهم ومعلميهم في المدرسة أو عند المربية.

مثال آخر هو عندما يكون كلا الزوجين ثقيلي السمع ويرون ولدًا يسمع. يتعلم الولد لغة الإشارات الإسرائيلية في المنزل، وفي المقابل يتعلم العربية في بيئة الأشخاص الذين يسمعون. ثمة إمكانية أخرى وهي إذا لم يكن أحد الشريكين أصم، ولكن يربي ولدا يعاني من عدم القدرة على السمع بشكل ملحوظ. في هذه الحال، يكون الولد المستخدم الأساسي لـ “لغة الأقليات”، أي لغة الإشارات في مثل هذه الحال. رغم ذلك، يمكن كشف الولد على لغة الأقليات في فرص كثيرة، والتأكد أنه يتكلم لغة الإشارات بوسائل أخرى في مجتمع الصم. هكذا يستطيع الولد أن يشعر بالانتماء، القيمة الذاتية، والفخر بهويته.

يعني نموذج “لغة الأقليات” أن ابنكم يسمع، يتحدث، ويستخدم لغتكم الأم كثيرا في المنزل، لأن كلا الوالدين يستخدمانها. إذا شعرتم بضرورة التوقف عن التحدث مع أولادكم بلغتكم الأم في المنزل، فاعرفوا أن هناك حسنات كثيرة لثنائية اللغة وتربية ولد ثنائي اللغة. إذا كان أولادكم يعرفون لغتكم الأم ويستخدمونها جيدا، فهذا سيُسهّل عليهم تعلم العربية كلغة ثانية في المدرسة.

نصائح لتربية أولاد ثنائي اللغة

‏إليكم بعض النصائح العملية لتشجيع تطور ابنكم على أن يكون ثنائي اللغة:

  • نظموا لقاءات لعب مع أولاد آخرين يتحدثون اللغة ذاتها
  • نظموا لقاءات مع أشخاص يتحدثون هذه اللغة
  • اقرأوا واحكوا قصصا بلغتكم الأم، وشجعوا ابنكم على المشاركة. يمكن استخدام أزياء تنكرية لتكونوا مبدعين!
  • العبوا ألعابا بلغتكم الأم – مثلا، “عمي أبو كرش”، بينغو، أو لعبة الذاكرة.
  • غنوا أغاني، ارقصوا، أو شغلوا موسيقى بلغتكم الأم. يحب الأولاد الموسيقى، وتساعدهم الأغاني على تذكّر الأمور.
  • اذهبوا إلى المكتبة واستعيروا أقراص الموسيقى، أفلاما، كتبا، كتبا للشبان، وصحفا بلغتكم الأم.
  • أصغوا إلى برامج الراديو بلغتكم الأم، بما في ذلك الموسيقى الشعبية والقنوات الخاصة بالشبّان.
  • فكّروا في مجالات اهتمام ابنكم – مثلا، كرة القدم، الموسيقى، البرامج التلفزيونية، الطهي وغيرها – وحاولوا دمج لغتكم الأم فيها. مثلا، يمكن العثور على وصفة يحبها ابنكم وطهوها معا، بينما تتحدثون معه بلغتكم الأم فقط.
  • واظبوا على اختيار لغتكم، ووفروا لابنكم الكثير من الفرص للإصغاء إلى اللغة والتحدث بها.
  • ابحثوا عن نشاطات تربوية يمكن أن تشاركوا فيها معا، للتعرّف أفضل على تراث وهوية حضارة عائلتكم. مثلا يمكن الاحتفال بعيد الربيع لذكرى حلول فصل الربيع.
  • لا تتنازلوا! ستصادف أيام لا يرغب ابنكم في التحدث بلغتكم الأم أبدا. رغم ذلك، إذا واصلتم التحدث بلغتكم الأم معه وإسماعها له، فسيواصل التعلم.

ثنائية اللغة: أسئلة شائعة

هل التحدث بلغتين أو أكثر يُربك الأولاد؟

كلا. يستطيع الأولاد تعلم لغتين أو أكثر في الوقت ذاته، وفهم الفرق بين اللغات منذ سن صغير جدا. مثلا، يفهمون بسرعة أن عليهم التحدث بالإنجليزية مع الجدة، وبالعربية مع المعلمة. عند انعدام صعوبة لغة أساسية، فلا تشكل ثنائية اللغة أية مشكلة. عند وجود صعوبة لغوية من المهم الحفاظ على نموذج “شخص واحد – لغة واحدة”، واستشارة مُعالِجة بالنطق.

هل تعدد اللغات في المنزل يؤثر في الطريقة التي يتعلم فيها الأولاد العربية؟

كلا. قد يساعد التعرّف إلى لغتكم الأم ابنكم على تعلم اللغة المحكية في المجتمع الأوسع، مثل اللغة الإنجليزية. يتعلم الأولاد ثنائيو اللغة الذين لديهم أساس متين للغة الأم اللغة الأساسية بسهولة أكبر، وينجحون في المدرسة أفضل من الأولاد الذين لا يتعلمون لغة أم مختلفة في المنزل. مثلا، الأولاد الذين يعرفون كتبا وقصصا باللغة الأولى يقرأون ويكتبون بسهولة أكبر اللغة الأساسية عندما يبدأون التعلم في المدرسة.

هل سيواجه الأولاد صعوبات في القراءة والكتابة إذا تعلموا عدة لغات؟

كلا. يستطيع الأولاد ثنائيو اللغة الذين يتعرفون على لغتين مكتوبتين – مثلا، الإسبانية والعربية – أو حتى ثلاث منظومات مختلفة من الكتابة – مثل الروسية، الإنجليزية، والعربية – قراءة وكتابة العربية بمستوى عال جدا. كذلك، قد يفهمون أفضل العلاقات بين الكلمات المكتوبة وبين نغماتها أكثر من الأولاد الذين يتحدثون العربية فقط.

هل تعيق ثنائية اللغة الكلام؟

كلا. الأولاد ثنائيو اللغة يطورون اللغة بوتيرة شبيهة بالأولاد الذين يتحدثون لغة واحدة فقط. يتعلم الأولاد الكلام بوتيرة مختلفة، ولكن ليست هناك علاقة لذلك أنهم يتعلمون أكثر من لغة واحدة في الوقت ذاته.

حسنات ثنائية اللغة

ثنائية اللغة وتربية الأولاد على كسب لغة ثنائية جيدة ليس لكم ولأولادكم فحسب، بل لكل أفراد العائلة الواسعة والمجتمع.

بالنسبة لابنكم، فإن التحدث بأكثر من لغة واحدة قد:

  • يثمر نتائج أفضل في المدرسة – لأن الأولاد ثنائيي اللغة يميلون إلى التركيز أفضل، يكونون ذوي مهارات ذكاء أفضل، وينجحون أفضل في القيام بالمهام المتعددة.
  • تحسين الشعور بالقيمة الذاتية، الهوية، والانتماء- بما في ذلك الشعور الجيد فيما يتعلق بتراث الحضارة واللغة المميزة، الشعور بالأمان في القدرة على التواصل والتقارب من أفراد العائلة الواسعة، والقدرة على التمتع بالفن، الموسيقى، الأفلام، والكتب بأكثر من لغة واحدة.
  • تطوير إمكانيات عمل متنوعة في وقت لاحق في الحياة.

بالنسبة لعائلتكم، فإن تطوير ثنائية اللغة لدى الأولاد:

  • يُحسن التواصل بين أفراد العائلة
  • يساعد على انتمائكم وانتماء أولادكم إلى الحضارة
  • يُحفز الشعور بالانتماء والهوية الحضارية لعائلتكم.

بالنسبة للمجتمع الواسع، عندما يتحدث الأولاد أكثر من لغة واحدة، هذا يعني أن:

  • كل فرد في المجتمع قادر على تقدير اللغات والحضارات المختلفة
  • في المستقبل، يستطيع الأولاد ثنائيو اللغة التنزه والعمل في دول وحضارات مختلفة بسهولة أكبر
  • يفهم ويقدّر الأولاد الحضارات المختلفة.

التحديّات المحتملة

قد تضع تربية أولاد ثنائي اللغة بعض التحديات. في كثيرِ من الأحيان يدور الحديث عن عمل شاق والتزام على الأمد الطويل. عندما تربون أولادًا ثنائيي اللغة، عليكم:

  • التأكد من أنهم يحصلون على فرص كثيرة لسماع اللغة الثانية الخاصة بهم ولغات أخرى واستخدامها
  •  تشجيعهم ودعمهم كثيرا
  • أن تحصلوا على دعم أنتم أيضا – مثلا، التحدث مع أصدقاء وأفراد العائلة يربون أولادا ثنائيي اللغة
  • التحدث مع معلمي أولادكم والحصول على دعم على بذل جهدكم
  • المواظبة على اللغة
  • الحفاظ على تحفيز عال لديكم ولدى أولادكم للتحدث بلغة الأم
  • البحث عن طرق “تُلزم” أولادكم التحدث بلغة الأم
  • مساعدة أولادكم على معارضة الضغط الذي يمارسه الأصدقاء للتحدث باللغة “العربية فقط”.

إذا كنتم تشعرون أحيانا أن هذه التحديات صعبة جدا ببساطة، يُستحسن التفكير بكافة حسنات ثنائية اللغة – ولا سيّما التفكير بالطريقة التي تساعدكم وتساعد أولادكم على تطوير علاقة عائلية أقوى.

إذا كان ابنكم يعاني من مشاكل في اللغة ذات أهمية أو اضطراب في اللغة أو اضطراب إدراكي هام، وكنتم تترددون فيما يتعلق بثنائية اللغة، يوصى باستشارة أخصائية معالجة بالنطق خبيرة بمجال الأولاد.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.