غرفتي الخاصة؟ عندما يدخل طفل إلى الحجر الصحي

تثير الموجة الثانية من جائحة الكورونا صعوبات متعلقة بالحجر الصحي لدى الأطفال الصغار. الأيام الطويلة، الابتعاد عن العائلة الموسّعة، والتغييرات الهامة التي تطرأ على روتين الحياة - يؤثر جميعها جدا في مزاج الطفل وأدائه. كيف يمكن القيام بذلك بشكل صحيح؟

كيف يؤثر الحجر الصحي فينا نحن وأطفالنا؟

في العقد الأخير، جُمِعت معلومات عن عدد من الفترات التي أُبعِد فيها الأطفال عن والديهم، سواء حدث ذلك بسبب حرب أو وباء.  نحن  نتعلم من هذه المعلومات أن تأثيرات الحجر الصحي الشعورية والسلوكية لدى البالغين والأطفال، تدوم لأشهر وسنوات. البالغون والأطفال الذين اجتازوا الحجر الصحي معرضون للقلق، التوتر، العصبية، الأرق، الابتعاد الاجتماعيّ، والاكتئاب بعد الحجر الصحي أيضا.

الوالِدون الذين تعرض ابنهم لمريض مصاب بالكورونا بشكل مؤكد، عليهم اتخاذ قرار صعب وهام حول الحجر الصحي الذي سيتبعونه: هل أصبح ابنهم كبيرا وبالغا إلى حد كاف بحيث يمكنه أن يكون في الحجر الصحي وحده؟ هل سيدخل إلى الحجر الصحي مع أحد والديه؟ هل سيدخل كل أفراد العائلة إلى الحجر الصحي معا؟

عندما يتعين عليكم أن تقرروا، نقدم لكم بعض النقاط التي يجدر بكم أخذها بالحسبان:

عُمر الطفل/ة

الوالد أو مقدم الرعاية الأساسي للطفل يشكلان جزءا لا يتجزأ من تطوره وقدرته على تهدئة نفسه، فهم العالم، ومواجهة الصعوبات. كلما كان الطفل أصغر سنا، ومعتمدا أكثر على والديه – فإن تأثيرات الحجر الصحي السلبية عندما يكون وحده في الغرفة، حتى إذا تمت تلبية احتياجاته الجسمانية قد تكون أكبر وأصعب. يواجه الأطفال في سن الروضة أو في الصفوف الأولى من المدرسة الابتدائية صعوبة أكبر في مواجهة الحجر الصحي، حتى أنه قد يلحق ضررا كبيرا بتطورهم. في الواقع، ليست هناك طريقة فعلية لإدخال الأطفال في سن الروضة أو المرحلة الأولى من المدرسة الابتدائية في حجر صحي منعزل عن سائر أفراد العائلة.
الأطفال في المرحلة الابتدائية، لا سيما في المرحلة المتأخرة قادرون على مواجهة هذه الفترة بشكل جيد. تعتمد هذه القدرة على طبيعتهم، مهاراتهم التي اكتسبوها لمواجهة الحجر الصحي والصعوبة الشعورية، وعلى قدرة العائلة على توفير الدعم عن بُعد أيضا، وقبول هذا القرار.

طبيعة الأطفال

الأطفال الحساسون، ذوو صعوبات اجتماعية أو ميل للاستجابة بشكل أقوى من ناحية شعورية – معرضون لخطر أعلى للإصابة بالاكتئاب، العصبية، والابتعاد الاجتماعيّ بسبب الحجر الصحي. إذا كان ابنكم حساسا غالبا، ويعاني أكثر من الآخرين من القلق، الصعوبات الاجتماعية أو الشعورية – فهو يحتاج إلى دعم أكبر ومساندة من بالغ عندما يتعين عليه أن يكون في الحجر الصحي.

النضوج والاستعداد لتلقي الدعم والعلاقة عن بُعد

تتطور قدرة الأطفال على تلقي الدعم، والتخلص من العزلة في إطار العلاقة عن بُعد مع مرور السنوات. قد تكون محادثة هاتفية بين طفل عمره عامان حتى ثلاثة أعوام مع جدته هامة أو عديمة الأهمية، فيما قد تكون محادثة بين طفل عمره 9 سنوات مع صديقه هامة جدا، وأشبه  بلقاء بينهما. حاولوا أن تفكروا كيف يستجيب ابنكم غالبا عند استعمال وسائل الاتصالات حفاظا على العلاقة بينه وبين أفراد العائلة عن بُعد، وهكذا تعرفون إذا كان ابنكم ناضجا أكثر للحجر الصحي. يبدو أن الطفل القادر على الحفاظ على علاقة مع أفراد العائلة والأصدقاء عبر مكالمة هاتفية أو مكالمة فيديو، سيكون من الأسهل عليه مواجهة الحجر الصحي.

المبنى العائلي

يشير الوالِدون إلى ضائقة أكبر عندما يدخل أحد الوالدين إلى الحجر الصحي مع أحد الأطفال فيما يعتني الوالد الآخر بسائر الأطفال. بالمقابل، عندما يخضع عدد من الأطفال للحجر الصحي، يكون العبء أكبر، ولكن التأثيرات الشعورية على الأمد الطويل تكون أقل. حاولوا أن تفكروا في التأثيرات العائلية لدى الوالد الآخر والإخوة الآخرين لكي تقرروا هل سيخضع ابنكم للحجر الصحي مع أحد الوالدين، أم أن العائلة بأكملها ستدخل في حجر صحي نظرا للثمن المحتمل على الأمد الطويل. الحجر الصحي ليس تجربة سهلة، ولكن عندما يكون هذا الحجر “عائلي” يمكن مواجهته بشكل أفضل – حيث إن مواجهته تكون أسهل، أقل ضررا، وتتميز أحيانا بتجارب، ذكريات، ونجاحات لا يمكن تحقيقها دون التكتل العائلي.

ما الذي يمكن القيام به تقليلا لخطر الأضرار على الأمد الطويل نتيجة الحجر الصحي؟

اشرحوا لابنكم الواقع الجديد وفق مستواه

أحد الأمور التي ترفع خطر التعرض للتوتر النفسي هو نقص الفهم للواقع والشعور بعدم اليقين. حاولوا أن تشرحوا لابنكم، وفق عمره، ما هو السبب لدخوله في الحجر الصحي، كم يوما عليه أن يبقى في غرفة منعزلة، وما الذي يجوز أو لا يجوز له القيام به مع سائر أفراد العائلة. يجب أن يكون الشرح واضحا وبسيطا، ولكن شريطة أن يعزز الأمان وألا يشكل تهديدا على حياة ابنكم أو حياة العائلة القريبة.

أنشِئوا روتينًا

بما أن الأطفال الصغار لا يفهمون مصطلحات مثل “يوميا” أو “أسبوعيا” يمكن أن تستعينوا بجدول أيام واضح. في هذا الجدول، يمكن أن تدخِلوا نشاطات أو مأكولات تتيح اتباع النظام والحفاظ على الروتين والنشاطات. شاركوا ابنكم في كتابة جدول المواعيد واختيار النشاطات.
واصلوا الحفاظ على النظافة الشخصية والاستحمام يوميا، استبدال الملابس، النوم المنتظم، وتناول الأطعمة في ساعات ثابتة، قدر المستطاع. يساعد هذا الروتين ابنكم على الخروج من الحجر الصحي والعودة إلى روتين حياته “الاعتيادي” بسهولة.

اهتموا بوجودكم بصفتكم والدين

يجب عليكم بصفتكم والدين أن يرافق أحدكم ابنكم في الحجر الصحي في حال كانت هذه الخطوة ممكنة، وبموجب تعليمات وزارة الصحة. في مثل هذه الحال أيضا، يجب الحفاظ على التواصل مع الإخوة والوالد الآخر قدر المستطاع. قد يكون الحجر الصحي مع طفل في غرفة مغلقة مصدر توتر وصعوبات للوالد والطفل على حد سواء، لهذا يستحسن الاستعداد له مسبقا، وتحديد الأوقات المعدّة للنشاطات المختلفة، التي يُجرَى جزء منها مع الوالدين. تزوّدوا بألعاب يحبها ابنكم، ويمكن أن يلعب بها وحده، ويقوم بنشاطات إبداعية مختلفة، وكذلك حددوا وقتا لمشاهدة الشاشات إذا كان ابنكم معتادا على ذلك، وغيرها. حددوا أيضا وقتا مشتركا مع أحد الوالدين – قراءة قصة، ألعاب تتضمن ملامسة جسمانية أو حركات مثل الرقص، وتمارين اللياقة البدنية. شاركوا ابنكم أيضا في كتابة جدول المواعيد واختيار هذه النشاطات.

تعلموا معا كيف يمكن أن تهدأوا وتسيطروا على أنفسكم

تنطوي هذه الفترة على صعوبات كثيرة لدى الوالدين والأطفال. فالتغييرات السريعة في واقع الحياة، الصغيرة والكبيرة على حد سواء، قد تؤدي  إلى خرق التوازن وإثارة التوتر والقلق.
يواجه ابنكم توترا وواقعا متغيرا ومبهما. قد لا تلاحظون هذه الأمور لدى ابنكم، وفي الوقت ذاته قد يبدي ابنكم سلوكا استثنائيا – عصبية، انطواء أو تعلقا متزايدا بأحد والديه الذي يتواجد معه في الحجر الصحي.

بصفتكم والدين، أنتم قادرون على عرض الواقع على ابنكم، بشكل هادئ ومتزن، وتوفير معلومات حقيقية له من جهة، ومن جهة أخرى ملاءمتها مع مستواه. اهتموا بأن تكونوا تحت خدمته، داخل الغرفة أو خارجها، أن تصغوا إلى مشاعره، تعربوا عن تعاطفكم، وتعززوا أمانه وثقته. حاولوا أن تشجعوا ابنكم على أن يخبركم كيف يشعر، وشاركوه أنتم أيضا بأنكم تمرون بهذه الفترة للمرة الأولى ولا تعرفون كل شيء.

يمكن أن تعلموا ابنكم (وأن تتعلموا أنتم أيضا) ألعابا تساعد على ضبط النفس والإصغاء أو تمارين اليوجا للأطفال، التي تساعد ابنكم على أن يواجه بشكل أفضل مشاعر القلق أو عدم الهدوء رابط إلى اليقظة الذهنية (mindfulness)، الجلوس مثل الضفدع، وغير ذلك/