الحصانة النفسية: مساعدة ابنكم المراهق على مواجهة التحديات والتعافي من الأزمات

يواجه الشبّان الذين يتمتعون بحصانة نفسية الحالات الصعبة بشكل أفضل، وهم ينجحون في التعافي حتى عندما تتعقد الأمور. بناء الحصانة النفسية هو جزء من النموّ في سن المراهقة، ما يساعد المراهقين على التأقلم بنجاح مع التقلّبات التي يواجهونها في الحياة.

ما هي الحصانة النفسية؟

الحصانة النفسية هي القدرة على التعافي بعد حالة أو فترة صعبتَين ومعاودة الشعور بشكل جيد كما في الماضي. وهي أيضًا القدرة على التأقلم مع الظروف الصعبة التي لا يمكن تغييرها، ومتابعة التقدم والنجاح رغم حدوثها. تتيح لنا الحصانة النفسية بأن نتعلم ونستفيد أكثر من الحالات الصعبة أو المثيرة للتحدي.

يحتاج ابنكم إلى مهارات شخصية وطرق تساعده على التعافي من حالات مثيرة للتحدي تحدث يوميا، مثل ارتكاب الأخطاء، النزاعات مع الأصدقاء، الانتقال إلى مدرسة جديدة، أو الخسارة في مباراة رياضية هامة. تساعد الحصانة النفسية ابنكم أيضا على مواجهة تحدّيات جدية أكثر مثل الفراق، المقاطعة، التأقلم مع عائلة متبنية، المرض، وفاة قريب محبوب، أو الاستقواء.

قد يتفاوت مستوى حصانتا النفسية من ناحية عملية وشعورية بين فترة وأخرى. فهناك تحديات يكون التغلب عليها من تحدّيات أخرى. يمر بعض الشبّان بتحديات أكثر من غيرهم بسبب الصعوبات الدراسية أو القيود، أو لأنهم يعانون من القلق أكثر. كلما ازداد عدد التحديات، تصعب أكثر مواجهتها.

يطور كل الشبّان مهارات شخصية تساعدهم على امتلاك الحصانة النفسية. لا تقتصر الحصانة النفسية على المواجهة فحسب. فهي تتيح لابنكم أن يكون مستعدا أكثر للبحث عن تجارب وفرص جديدة، ويخاطر بشكل مدروس لتحقيق أهدافه. قد تؤدي المخاطرة التي يقوم بها إلى بعض الفشل والعقبات، ولكنه سوف يشعر أنه قادر على مواجهتها، وهي تخلق أيضًا فرصا للنجاح وتعزز ثقته بالنفس.

كيف تساعدون ابنكم على بناء الحصانة النفسية

تستند الحصانة النفسية لدى الشبّان إلى العلاقات القوية والإيجابية مع الوالدين، وكذلك العلاقات مع بالغين آخرين يعتنون بابنكم مثل أجداده، أقاربه، أو معلميه، الذين يقدّمون له النصح والتوجيه. يشكل الأصدقاء أو الزملاء في الصف مصدر دعم رائعا أيضا.

لمساعدة ابنكم على بناء قدرته على التعافي من الحالات الصعبة، امنحوه فرصة للتعلم والتدرب على القيم والمهارات الهامة، مثل:

  • احترام الذات، القيم الشخصية، والتوجه الإيجابي
  • المهارات الاجتماعية
  • التفكير الناجع والمتفائل
  • مهارات إنجاز المهام وإنهائها.

قوموا بذلك عبر التشجيع على التجربة ومواجهة العقبات، دون علاقة بالنتيجة.

 

كوالدين، لا يمكنكم حماية ابنكم من المشاكل أو الأوقات الصعبة، ولكن يمكنكم أن تلعبوا دورا هاما في بناء الحصانة النفسية لديه. وكلما بدأتم أبكر، يكون الاحتمال أن يطور ابنكم مهارات للتعافي أكبر.

قد لا يرغب ابنكم في التحدث معكم، أو يعتقد أنكم لا تفهمون ما يمر به. هذا طبيعي. فكّروا إذا كان هناك بالغون آخرون في العائلة، بين الأصدقاء، أو في المجتمع يمكنهم أن يتدخلوا ويدعموا ابنكم.

القيم الشخصية والطرق المتعلقة بالحصانة النفسية

احترام الذات والشعور بالقيمة الذاتية يشكّلان الحجر الأساسي لبناء الحصانة النفسية. يستند احترام الذات إلى وضع معايير لسلوكيات معينة. يشعر الولد الذي يتمتع باحترام ذاتي وبشعور بالقيمة الذاتية بأنه مهم ويجب التعامل معه باحترام. يُرجَّح أكثر أن يحافظ ابنكم على نفسه ويتجنب السلوكيات والحالات الخطيرة. كما أن احترام الذات يساعد ابنكم على أن يكون أقل حساسية تجاه أعمال الاستقواء.

هناك علاقة بين التعاطف، احترام الآخرين، التهذيب، الاستقامة، الصِّدق، والتعاون، وبين الحصانة النفسية: مثلا، إبداء الاهتمام بالأشخاص الذين يحتاجون إلى دعم، تقبّل الفوارق بين الناس، وعدم مضايقة الآخرين أو ممارسة الاستقواء. إذا تصرف ابنكم بهذا النحو مع الآخرين، يُرجَّح أن يحصل على رد فعل إيجابي، يساعده على أن يشعر جيدا تجاه نفسه.

تشكل العلاقات القوية والداعمة من جهتكم والحفاظ على التواصل أساسا لكل هذه الميزات والقيم لدى ابنكم. يُرجَّح أن يرغب الولد الذي يحظى بمحبة واحترام في التعامل بمحبة واحترام مع نفسه والآخرين.

المهارات الاجتماعية لبناء الحصانة النفسية

المهارات الاجتماعية هي حجر أساس إضافي هام في بناء الحصانة النفسية. هذه هي المهارات المطلوبة لإنشاء صداقات والمحافظة عليها، حل النزاعات، التعاون، والعمل بشكل جيد ضمن فريق أو مجموعة.

إذا كانت علاقات ابنكم جيدة في المدرسة وكان يشارك في نشاطات المجموعات داخل المجتمع، الدورات الرياضية، ونشاطات الفنون، هناك احتمال أكبر أن ينمي علاقات وشعورا بالانتماء، وأن يجرب حل النزاعات مع الآخرين.

اقرأوا المزيد في المقال عن  الصداقات بين الشبّان وكيف تدعمونها. كما تتضمن المقالات حول نشاط الشبّان، النشاطات في ساعات بعد الظهر  وتشجيع الشبّان على العمل داخل المجتمع المحلي أفكارا أخرى تساعد ابنكم على إقامة علاقات اجتماعية.

التفكير الناجع والمتفائل

تعني الحصانة النفسية أن يكون الإنسان واقعيا، يفكر بشكل منطقي، ينظر إلى نصف الكأس الملآن، يعثر على الإيجابيات، ويتابع التقدم، حتى إذا كان الوضع يبدو سيئا.

إذا كان ابنكم قَلِقا، ساعدوه على أن ينظر إلى الوضع بشكل واقعي ويركز على الحقائق والواقع. مثلا، يمكن أن تسألوه بلطف: “هل هذا الموضوع هام إلى هذه الدرجة؟ من 1 حتى 10، إلى أي مدى الوضع سيء حقا؟”. عندما يكون الوضع سيئا حقا، ولا يبدو أنّ نتيجته ستكون إيجابية، من المهم أن توضحوا لابنكم أن هذه الحالات هي جزء من الحياة، أن هناك حلولا وطرقا لمواجهة كل حالة، وأن الأوضاع تتغير مع مرور الوقت.

ساعدوا ابنكم على أن يفهم أنه إذا واجه حالة سيئة في فترة من حياته، فهي لا تؤثر في سائر الفترات. مثلا، إذا حصل ابنكم على علامة سيئة في الامتحان، أخبروه أن العلامة لن تمنعه من التدرب مع فريق كرة القدم يوم السبت، أو من الخروج مع أصدقائه. يُستحسَن دائما الحفاظ على روح الفكاهة، لرؤية الأمور بالمنظار الصحيح والمحافظة على الهدوء.

إذا كان ابنكم قاسيا مع نفسه – مثلا، إذا قال: “سأموت من الخجل إذا تحدثت أمام كل الطلاب في الصف” – اقترحوا عليه أن يفكر في نفسه بشكل إيجابي أكثر. مثلا، يمكن أن يقول في نفسه: “لا أحب التحدث أمام جمهور، ولكن سوف أنجح في المواجهة”. شجعوا ابنكم عندما يحاول، حتى إذا لم ينجح.

يُرجَّح أن يشعر ابنكم بشعور إيجابي أكثر إذا عرف أن الفترات الصعبة هي جزء من الحياة، وأنها ستنقضي ويتحسن الوضع. أخبروا ابنكم كيف مررتم أنتم، الأشخاص الذين تعرفونهم، وحتى المشاهير، بفترات صعبة.  تساعد المحادثة والعمل المشترك للعثور على حل على تطوير الحصانة النفسية. إحدى الطرق التي تساعد ابنكم على أن يشعر أنه قادر على تخطي الفترات المثيرة للتحدي هي تعليمه كيفية حل المشاكل.

مهما كان ابنكم سعيدًا ومسرورًا، ستأتي فترات يشعر فيها بالقلق أو الغضب. تساعد الحصانة النفسية ابنكم على التغلب بسهولة أكثر على التقلبات التي يواجهها في سن المراهقة.

أنتم تشكّلون مثالا شخصيّا لابنكم. دعوا ابنكم يعرف أنكم تفكرون بشكل إيجابي وتحاولون أن تكونوا متفائلين – اشكروا الآخرين على دعمهم، قولوا مثلا: “سوف يتحسن الوضع قريبا، وأستطيع مواجهته”، وواصِلوا توقّع الأمور الجيدة.

كيف تُحسّنون المزاج السيء؟

  • قوموا بأعمال تحبونها وتتمتعون بها
  • اقضوا أوقات الفراغ مع الأصدقاء
  • ساعدوا شخصا آخر
  • تحدثوا مع الأصدقاء أو مع بالغ لكي يدعمكم
  • مارسوا النشاطات التي تساعدكم على الهدوء وتُلهيكم
  • اخرجوا للتنزه أو المشي، أو مارسوا نشاطا جسمانيا معينا
  • شاهدوا الصور وتذكروا الأوقات الجيدة
  • شاهدوا مسلسلا تلفزيونيا أو أقرأوا شيئا مضحكا

 

مهارات إنجاز المهام وإنهائها

يشكل الشعور بالثقة بالنفس، الكفاءة، والقدرة على إنجاز المهام وإنهائها عاملا أساسيا في بناء الحصانة النفسية. تتضمن المهارات الهامة في هذا المجال تحديد الأهداف، التخطيط، القدرة على التنظيم والانضباط الذاتي، الاستعداد للعمل الصعب والمتعب، والقدرة على العمل بسرعة وحكمة.

بهدف تعزيز هذه المهارات لدى ابنكم، ساعدوه على أن يفهم ما هي نقاط قوته وحدوده. بعد ذلك، شجعوه على أن يحدد الأهداف التي يمكنه أن يستخدم نقاط القوة هذه لتحقيقها، وساعدوه على التركيز على الأمور التي يتقنها. مثلا، إذا كان ابنكم يتقن الغناء أو العزف، اقترحوا عليه الانضمام إلى جوقة المدرسة أو إقامة جوقة خاصة به. وإذا كان يحسن التعامل مع الأولاد الصغار، اقترحوا عليه أن يعتني بطفل أو أن يساعد على تدريب فريق رياضي للصغار.

ادعموا ابنكم واقترحوا عليه أن يتحمل مسؤوليات جديدة أو إضافية – أن يؤدي دورا قياديا في المدرسة أو حتى أن يعمل بوظيفة جزئية في سن متأخرة أكثر – بهدف مساعدته على بناء الثقة بالنفس، ولكي يشعر أنه قادر على مواجهة الحالات الجديدة وغير المعروفة ويفهم ما الذي يمكنه القيام به.

تشكل التحديات جزءا طبيعيا من الحياة، وعلى الشبّان أن يتعلموا كيف يواجهونها. دعوا ابنكم يجرب كيف يواجه مشاكله وحده قبل أن تتدخلوا. تشكل العقبات، وحتى الفشل أحيانا، جزءا هاما من الحياة.

الرسائل الأساسية لبناء الحصانة النفسية

يمكن خلق بيئة عائلية إيجابية تشجع على الحصانة النفسية عبر نقل بعض الرسائل الهامة في الحياة اليومية:

  • الحياة جيدة بشكلٍ عامّ، ولكنّ كلًّا منا يمر بفترة صعبة أو محزنة أحيانا. هذا جزء طبيعي من الحياة.
  • يتحسن الوضع دائما تقريبا، حتى إذا استغرق وقتا أطول مما نريد. يُستحسَن أن نواصل الأمل ونعمل على التوصل إلى حل.
  • أخبروا شخصا آخر تعتمدون عليه ما الذي يقلقكم أو يزعجكم، وهكذا تشعرون أفضل وتعثرون على أفكار أخرى.
  • لا أحد كامل. جميعنا نرتكب الأخطاء. وجميعنا نكتشف أن هناك أمورا لا نتقنها جيدا.
  • ابحثوا عن شيء إيجابي أو مضحك في كل حالة صعبة، مهما كان صغيرا. يساعدكم ذلك على المواجهة بشكل أفضل.
  • تحملوا جيدا مسؤولية عمل قمتم به أو لم تقوموا به، ما أدى إلى حالة صعبة أو محزنة. ولكن لا تشعروا بالذنب أكثر من اللازم – لأنّ ثمة دورًا للظروف والأشخاص الآخرين أيضًا.
  • هناك حالات لا يمكننا تغييرها. إذا كنا غير قادرين على تغيير حالة معينة، علينا أن نقبل بها ونواصل حياتنا. لا تشعروا بالتعاسة وتجعلوا الوضع أسوأ أو تفترضوا أن الوضع سيتدهور أكثر.
  • عندما لا ينجح أمر ما، يؤثر ذلك غالبا في مجال واحد فقط في حياتكم. إذا واجهتم حالة كهذه، ركزوا على المجالات الأخرى في حياتكم، التي ما زالت تسير بشكل ممتاز.
  • يخاف الجميع أحيانا، وهناك أسباب مختلفة للخوف. واجهوا مخاوفكم لتصبحوا أقوياء.
  • لا تسمحوا لمشاعركم أن “تأسركم” وتجعلكم تفقدون السيطرة. حاولوا أن تجدوا طريقة لتهدئة أنفسكم من أجل التفكير في الطريقة الأفضل لمواجهة مشاعركم.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.