عندما يدخل ابنكم المدرسة الإعدادية تقريبا، عليكم أن تُحدّثوا نظرتكم للانضباط. يركز الانضباط الفعّال للمراهقين على تحديد حدود متفق عليها والمساعدة على العمل ضمن القيود.
تعليم الانضباط للمراهقين: المبادئ الأساسية
عندما نتحدث عن الانضباط، لا نقصد بالضرورة العقوبات، بل تعليم طرق ملائمة للتصرف. بالنسبة للمراهقين، الانضباط هو تحديد القيود الملائمة والاتفاق عليها، ومساعدة الأولاد على التصرف بشكل لائق ضمن هذه القيود.
عندما كان ابنكم أصغر سنا، استخدمتم طُرق انضباط عديدة كانت ملائمة لعمره لتعليمه أساس السلوك السليم. الآن، عندما أصبح ابنكم مراهقا، يمكن أن تستخدموا الحدود والتقييدات لتعليمه كيف يكون مستقلا، يتحمل مسؤولية سلوكه، ويحل المشاكل.
ابنكم بحاجة إلى هذه المهارات لكي يصبح بالغا شابا ذا معايير خاصة به للسلوكيات الملائمة ولاحترام الآخرين. عليه أن يتعلم كيف يعمل وفق قواعد واضحة متفق عليها مسبقا وعلى نتائجها.
المفاوضات هي أحد الأسس الرئيسية للتواصل مع البالغين، والتي يمكن أن تساعدكم على تجنب المشاكل. عندما تديرون مفاوضات مع ابنكم، تبيّنون له أنكم تحترمون أفكاره، وتساعدونه على تعلم التسوية عند الحاجة، كجزء من عملية اتخاذ القرارات.
لا يمتلك الشبّان كل المهارات المطلوبة لاتخاذ جميع القرارات بأنفسهم، لذا هناك تأثير كبير للتقييدات المتعلقة بالسلوك. يكون تعليم الشبّان الانضباط ناجعا أكثر إذا:
- تواصلتم بانفتاح مع ابنكم، لكي تفحصوا معا أحيانا إذا كانت التقييدات والقواعد تعمل كما ينبغي. التدريب المتبادل والطريقة التي تحتضن ولا تحكم على الأمور يخلقان انفتاحًا أكبر.
- ابنوا بيئة عائلية دافئة ومحبة وقوموا بصيانتها، لكي يشعر ابنكم أن لديه مكانا آمنا يمكن أن يرتكب فيه الأخطاء. يتعلم الأولاد الذين يتمتعون بعلاقات عائلية دافئة كيف يسيطرون على سلوكياتهم، لا سيما عندما يحصلون على توجيه من والديهم.
الاتفاق على تقييدات واضحة
يمكن أن تساعد التقييدات والتوقعات الواضحة على تجنب السلوك الإشكالي، كما تساعد ابنكم على تطوير سلوك اجتماعي إيجابي والاهتمام بالآخرين. نقدّم لكم نصائح لتحديد قيود واضحة:
- فكّروا مع ابنكم في القيود والقواعد. إذا شعر ابنكم أنكم تصغون إليه وإلى حديثه، من المرجَّح أن يرى أنكم تتصرفون بعدل ويوافق على الالتزام بالقواعِد التي حددتموها معًا. يُستحسن أن تبدأوا بتقدير الأمور الهامة بالنسبة لابنكم؛ بعد ذلك، تعرضون النقاط الهامة بالنسبة لكم. حاولوا التوصل إلى اتفاق يأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الأساسية للجميع.
- أوضِحوا لابنكم ما هو سبب وضع الحدود، رغبةً منكم في الحفاظ على سلامته.
- حددوا قواعِد واضحةفيما يتعلق بالسلوك المرغوب به، وتأكدوا من أن ابنكم قد فهم توقعاتكم. مثلا، قد تنظرون إلى قاعدة مثل “عُد إلى المنزل بعد الفيلم” بشكل مختلف عما ينظر إليها ابنكم. اذكروا أقوالا واضحة أكثر، مثلا، “عندما ينتهي الفيلم، أطلب منك أن تعود إلى المنزل وألا تذهب إلى أي مكان آخر”.
- تحدثوا عن مجالات المسؤولية مع ابنكم. مثلا، “أنا مسؤول عن مصاريفك، سلامتك، واحتياجاتك. أنت أيضا مسؤول، مثلا عن ترتيب غرفتك”.
- اتفقوا مع ابنكم مسبقا على نتائج خرق القواعد.
- استخدموا إطراءً ملائمًا عندما يتصرف ابنكم وفق القيود. مثلا: “شكرا لأنك عدت إلى المنزل بعد الفيلم فورا”، واربطوا هذا التصرف بالثقة به وقولوا “أنا فخور بك لأنك تتمّم التزامك”، أو “تصرفاتك تظهر مدى نضجك”.
- كونوا مَرِنين ومُستعدّين لمناقشة القواعِد وملاءَمتها مع الواقع المتغيّر – كلّما نضج ابنكم وأعرب عن مسؤولية أكبر، أتيحوا له مثلًا أن يعود إلى البيت في ساعة متأخرة أكثر. يعتمد مدى المراقبة الضرورية على مدى الثقة والالتزام بالقواعد من جهة ابنكم. يُستحسَن أن تركزوا على الحدود الهامة لديكم وتتيحوا لابنكم المراهق حرية الاختيار عندما يكون الأمر ممكنا. أنتم تضعون الخطوط الحمراء.
تضع كل عائلة معايير وقواعد السلوك المختلفة. بهدف معرفة إذا كانت القواعد التي حددتموها منطقية وواقعية، تحدثوا مع والدين وأصدقاء لديهم أولاد في ذات عمر ابنكم. يمكن أن تستعينوا بوالدين لأصدقاء ابنكم بهدف تنسيق المواقف ومنع مناورات أولادكم المراهقين الذين يدعون أن كل الوالدين الآخرين يسمحون بالقيام بأعمال تعارضونها، أو لكي تتجنبوا حالة تحظرون فيها على ابنكم أن يشارك في نشاطات اجتماعية هامة بينما يشارك فيها أصدقاؤه.
تذكروا: يفحص الشبان أحيانا الحدود التي وُضعت لهم ويخرقون القواعد. طالما أن الأمر لا يشكل خطرا عليهم أو على الآخرين، يجب أن يكون رد فعلكم معتدلا استنادا إلى أن هذه هي طريقة ابنكم للعثور على مكانته في العالم كمراهق.
استخدام العواقب
يفحص ابنكم أحيانا التقييدات التي وضعتموها ويخرق القواعد المتفق عليها. العلاقات الإيجابية والمحادثات، استيضاح الأمور والتعبير عن الإحباط والتأثير في ثقتكم، هي الطريقة الأفضل لإعادة ابنكم المراهق إلى المسار الصحيح. يُستحسَن التركيز على أهمية العلاقات والطريقة التي يبني فيها نفسه كشاب.
في حال لم تساعد المحادثات، إحدى الطرق لمواجهة هذه الحالة هي استخدام نتائج أو عواقب أفعاله.
لائِموا بين النتائج والسلوكيات
ملاءمة النتائج والسلوكيات غير الملائمة تجعل ابنكم يفكر في الموضوع، وتكون عادلة أكثر تجاهه. مثلا، إذا عاد ابنكم إلى المنزل متأخرا أكثر من الموعد الذي اتفقتم عليه، تعني ملاءمة النتائج أنه في اليوم التالي عليه أن يعود إلى المنزل باكرا.
إلغاء التعاون
تهدف هذه الطريقة إلى مساعدة ابنكم على أن يفهم وجهة نظركم ويتعلم أن عليه أن يأخذ ويعطي. مثلا، إذا أراد أن تهتموا بأن يسافر معكم في السيارة للقاء اجتماعي، يمكن أن تقولوا له إنكم سوف تلبون طلبه إذا حافظ على القواعد. حاولوا ألا تجعلوا تلبية طلباته رشوة.
قولوا لابنكم مسبقا إنكم لن تتعاونوا معه إذا لم يتصرف كما ينبغي. مثلا: “إذا كنت تريد أن أهتم بأن آخذك بالسيارة، عليك أن تعود إلى المنزل في الوقت الملائم. أما إذا تأخرت، فلن آخذك المرة القادمة”.
إلغاء “الحقوق”
يمكن استخدام هذه الطريقة إلى حد معين؛ فإذا استخدمتموها كثيرا تفقد أهميتها. الفكرة من ورائها هو إلغاء أمر يحب ابنكم، مثل زيارة صديق في منزله. أوضحوا لابنكم مسبقا أن هذا ما تخططون للقيام به. لا داعي لإلغاء الحقوق الإضافية لوقت طويل. ألغوا الحقوق لوقت قصير ومحدد، في الأيام التي تلي التصرفات غير اللائقة.
تعزيز النتائج
تساعدكم الطرق التالية على الحفاظ على أية نتيجة تختارونها وترغبون في تعزيزها:
- التواصُل: أوضِحوا لابنكم بهدوء ما هي المشكلة وفق رأيكم. يمكن أن تحذروه وتتيحوا له أن يصحح أعماله. إذا لم يتحسن الحال، أوضحوا له أنه لم يعمل وفق القواعد المتفق عليها، نتيجةً لذلك عليكم أن تتخذوا الإجراءات التي اتفقتم عليها.
- التفكير الذاتي: شجِّعوا ابنكم على التفكير في حل المشاكل. تحدثوا معه عن الاتفاقات التي توصلتم إليها، وذكروه بأسبابها، استنادا إلى مسؤوليتكم تجاهه. افحصوا ماذا يجب أن تكون النتيجة وفق رأيه لأنه خرق الاتفاق. في كثيرٍ من الأحيان، يقترح الشبان نتيجة أكثر حدة من تلك التي فكّر فيها الوالدون. هكذا يمكن أن تقرروا العواقب المستقبلية التي تبدو عادلة لكلا الطرفين.
يوصى بالحفاظ على التوازن الإيجابي بين القواعد والنتائج: حاوِلوا أن تُعطوا أولادكم ستّ ملاحظات إيجابية تقريبا مقابل كلّ ملاحظة سلبية.
يُستحسن ألا تدخلوا في صراع قوى، بل أن تفكروا معا كيف يمكن أن تحافظوا على علاقات جيدة وتجدوا حلولا خلاقة تأخذ بعين الاعتبار احتياجات ابنكم المراهق إضافة إلى احتياجاتكم ومبادئكم. علاقتكم الجيدة مع ابنكم المراهق هامة له، حتى المراهق الغضوب والمتمرّد.
لماذا يفحص الشبان الحدود
على الشبّان أن يتطوروا ويصبحوا مستقلين. إحدى الطرق لتحقيق هذا الهدف هو مد الحدود، وعندها معرفة كيف يستجيب الآخرون. تعلّمهم هذه الخطوة عن التوقعات الاجتماعية. عندما يحصل المراهقون على تغذية مرتدة، يتعلمون ما هي السلوكيات المقبولة.
علاوة على ذلك، يمر دماغ المراهقين بتغييرات تطورية كبيرة أثناء سن المراهقة. نتيجةً لذلك، يجرّب الشبّان أمورا جديدة، ولكنهم لا يتخذون قرارات حكيمة دائما. فهم يتأثرون بأصدقائهم أكثر، ويكونون مفعمين بالحياة أكثر من البالغين.
في الوقت ذاته، يُحسِّن الشبّان تعليل قرارتهم وينجحون في رؤية الصورة الكاملة بشكل أفضل. إثر ذلك، يفحصون أكثر عالمهم الخاص ويستخدمون طرقا مبتكرة لحل المشاكل. يشكل فحص الحدود مرحلة هامة في بلورة الشخصية والهوية المستقلة ووجهة النظر الشخصية والبالغة.
كل هذه الأمور تجعلكم تشعرون أحيانا أنكم أنتم وابنكم تسيرون في طريق الضياع. حاولوا أن تظلوا شخصية هامّة بالنسبة لابنكم. اعملوا مع ابنكم لاجتياز العقبات في الطريق، وأرشِدوا ابنكم كيف يتجنب الحالات المعقدة.
تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.
© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.