الخصوصية، المراقبة، والثقة في سنوات المراهقة

عند بدء سن المراهقة تنشأ حاجة طبيعية إلى الخصوصية. في الوقت ذاته، ما زال الشبّان يحتاجون إلى دعمكم لاتخاذ قرارات جيدة. مفتاح إيجاد التوازن بين حاجة ابنكم إلى الخصوصية وبين حاجتكم لمعرفة ما يحدث هو الثقة.

الحفاظ على الخصوصية وعلى الثقة

الخصوصية

عندما يكبر ابنكم يحتاج إلى خصوصية أكثر، إلى استقلالية، وإلى حيز شخصي ونفسي أكبر، لأنه يواجه تغييرات كبيرة ويحاول أن يفهم مَن هو. كما أنه يكتسب قدرات جسمانية وذهنية جديدة، ويُنمي مجالات اهتمام اجتماعية جديدة. جزء من المراهقة هو معرفة كيف يمكن مواجهة هذه التغييرات بشكل مستقل ومسؤول.

السرية

إن الحاجة إلى الحفاظ على خصوصية أكثر ووقت خاص لا تعني بالضرورة أن ابنكم يُخفي أمرا ما عنكم. السرية وتطوير الاستقلالية هما جزء طبيعي من المراهقة.

رغم ذلك، عندما تكون السرية متطرفة، قد تكون إشارة إلى أمر خطير. فإذا كان ابنكم يقضي ساعات كثيرة في غرفته، لا يريد أن يتحدث معكم أبدا، أو يبدو منطويا على نفسه – حتى عندما تحاولون التواصل بشكل مفتوح معه – قد تكون هذه علامات تحذيرية لصعوبات اجتماعية، اكتئاب، قلق، تدخين،  استهلاك الكحول أو المخدرات، أو نشاطات إشكالية أخرى. كذلك، عليكم أن تنتبهوا إذا كان ابنكم يقضي معظم أوقاته وحده في غرفته، أمام الحاسوب أو الإنترنت.

المراقبة

ليس الشبّان مستعدين بعد لمواجهة عالَم البالغين وحدهم.فما زال دماغ المراهقين يتطور، إذ إنهم قد يتسرعون في اتخاذ القرارات ولا يفكرون دائما في عواقب سلوكياتهم. قد يشكل هذا السلوك خطرا عليهم، لذا ما زالوا يحتاجون إلى نصيحة ودعم.يحتاج ابنكم المراهق أن تحافظوا على التواصل معه، تعرفوا ما الذي يفعله، وتستمروا في الإشراف عليه.

رغم ذلك، بسبب حاجة ابنكم إلى الخصوصية والاستقلالية، عليكم مراقبته بشكل مختلف عما فعلتم عندما كان أصغر، متحلين بمزيد من الحساسية والحذر.

احترام خصوصية ابنكم

قبل أن تخترقوا خصوصية ابنكم، اسألوا أنفسكم ما الذي تحتاجون إلى معرفته حقا، لكي تعرفوا أين هي الحدود. هناك أمور يتعين عليكم معرفتها، مثلا: أين سيقضي أمسية نهاية الأسبوع، كيف سيصل إلى هناك، وكيف سيعود إلى المنزل. أمّا بعض الأمور الأخرى فقد تبقى بين وبين أصدقائه، مثل ما تحدّثوا عنه في الحفلة أو مع مَن رقصوا.

احترموا خصوصية ابنكم بالطرق التالية:

  • اطرقوا باب غرفته قبل أن تدخلوا إليها
  • اطلبوا إذنه عندما تدخلون إلى غرفته أو تهتمون بأغراضه، مثل حقيبته المدرسية
  • افحصوا إذا كان ابنكم يريد أن تكونوا معه أثناء الفحص لدى الطبيب.

يُستحسَن أن تتحدثوا مع ابنكم حول موضوع الخصوصية، تحددوا قواعد أساسية، وتضعوا حدودا وفق الحاجة. تتغير القواعد والحدود عندما يكبر ابنكم. تحدثوا عن حالات تحتاجون فيها إلى اجتياز الحدود التي اتفقتم عليها. مثلا، إذا كنتم قلقين من أن شيئا ما ليس كما يرام لدى ابنكم.

أوضحوا لابنكم أنكم تحترمون خصوصيته، ولا:

  • تتنصتوا على مكالماته الهاتفية
  • تتفحصوا جواريره أو غرفته
  • تقرأوا يومياته، مراسلاته في الهاتف، أو بريده الإلكتروني
  • تتصلوا به كل الوقت لتسألوا عنه
  • تطلبوا منه أن تكونوا أصدقاءه في مواقع التواصل الاجتماعي. من المهم أن تعرفوا أنّ بإمكانكم أن تتفقوا مع ابنكم أنّ عليه أن يعطيكم رقمه السري في مواقع التواصل الاجتماعي، لكي تفحصوا بين الفينة والأخرى أن كل شيء يسير كما ينبغي في تواصله مع أصدقائه وأشخاص آخرين.

الإشراف على ابنكم بنجاح

طريقة الإشراف الأفضل هي الإشراف الخفيف، الذي يستند إلى الثقة والقدرة على أن تظلوا على تواصل مع ابنكم. يميل الأولاد الذين يتواصلون يوميا مع والديهم إلى أن يخبروهم بأعمالهم وأفكارهم.

القواعِد العائلية والروتين العائلي

  • إذا كان من الصعب عليكم أو على رفيق زواجكم التواجد في المنزل عندما يعود ابنكم من المدرسة، اطلبوا منه أن يخبركم عندما يصل. فهذا طلب معقول.
  • حَدِّدوا القواعد الأساسية حول استخدام ابنكم لأوقات فراغه، لكي لا تحتاجوا إلى متابعته كل الوقت. أمثلة على قواعد أساسية هي تقييد أوقات الشاشات أو أوقات العودة إلى البيت أيام الجمعة مساء.
  • انتبهوا ما الذي يقرأه ابنكم، يشاهده عبر التلفزيون، ويفعله عندما يستخدم الحاسوب أو الإنترنت. يُستحسَن أن يكون الحاسوب والتلفزيون في منطقة عامة في المنزل. كذلك، يُستحسن أن تنتبهوا إلى مقدار الوقت الذي يستخدم فيه ابنكم الشاشات يوميا.
  • حدّدوا هذه العادات في سنوات المراهقة المبكرة، لكي يحافظ ابنكم عليها في مرحلة متأخرة أيضا. مثلا، من المتوقع أكثر أن يوافق ابنكم على أنكم تريدون أن تعرفوا إلى أين يذهب ومتى سيعود إلى المنزل، إذا اعتاد على أن يخبركم بهذه المعلومات في سن أصغر.

الحفاظ على تواصل مع ابنكم

  • عندما يبدأ ابنكم بالتحدث معكم، توقفوا عما تقومون به في تلك اللحظة، وأصغوا إليه بشكل فعّال. هكذا تنقلون له رسالة أنكم تهتمون بما يحدث في حياته.
  • تناولوا وجبات عائلية معًا قدر ما يمكن، لكي تتسنى الفرصة للجميع للتحدث عن الأحداث اليومية وعن ما سوف يحدث.
  • تساعد معرفة أعمال ابنكم وسلوكه العادي على العثور على تغييرات في سلوكياته، قد تكون إشارة إلى مشكلة لاحقا.
  • في كل ما يتعلق بالمدرسة، يُستحسَن أن تراقبوا ابنكم وتنتبهوا لتقدمه في الدراسة، فروضه المنزلية، ومواعيد تقديمها – دون أن تتحكموا في طريقة فِعل الأمور. للقيام بهذه الخطوة بالطريقة الأسهل، يوصى بالحفاظ على علاقات جيدة مع طاقم المدرسة.
  • شجعوا ابنكم على أن يدعو أصدقاءه لزيارتكم واسمحوا لهم أن يشعروا بارتياح، حتى تتمكنوا من التعرف إلى أصدقاء ابنكم بشكل أفضل ولا تُضطَرّوا إلى إجراء تحقيقات عنهم. حافِظوا على علاقة مع والدي أصدقاء ابنكم، واهتموا بخلق بيئة آمنة يمكن أن يقضي ابنكم وأصدقاؤه أوقاتهم فيها مع إشراف بسيط.

حاولوا ألا تخسروا ثقة ابنكم أو تتدخلوا في خصوصياته. رغم ذلك، تذكروا أن هناك أوقاتا تحتاجون فيها أن تطلبوا من ابنكم معلومات بشكل حازم، مثل: “أين كنت؟” أو “إلى أين أنت ذاهب؟”، ولكن عليكم الحفاظ على استقلاليته الضرورية.

قد يجعل الإشراف الخفيف جدا الشبان يفتقرون إلى الدعم الذي يحتاجونه لاتخاذ قرارات حكيمة وآمنة فيما يتعلق بتصرفاتهم وعلاقاتهم. بالمقابل، قد يفهم ابنكم من المراقبة الصارمة جدا أنكم لا تثقون به. أما الإشراف الداعم والمستند إلى الثقة فيمنح ابنكم كل ما يحتاج إليه لكي يتعلم كيف يتخذ قرارات حكيمة وحده ويكون مسؤولا.

مواجهة خرق الثقة

قد يخرق ابنكم ثقتكم أو قد يستخدم خصوصيته بشكل سيء. كل مرة لا يكون ابنكم فيها على قدر الثقة يمكن أن تحرموه من امتياز إضافي – مثلا، منعه من مشاهدة التلفزيون أو استخدام الحاسوب، أو عدم أخذه بالسيارة إلى نشاط يحبه. يمكن أيضا أن تراقبوه بشكل مكثف أكثر لفترة معينة حتى تبنوا الثقة مجددا.

في حال خرق الثقة بشكل خطير، أو خرق الثقة الذي يحدث كل مرة مجددا، عليكم بناء الثقة تدريجيا ولفترة من الوقت. يمكن أن تستخدموا طرقا مثل:

  • إلغاء الامتيازات الإضافية
  • تجنب أخذه بالسيارة في سفرة غير ضرورية
  • عدم إعطائه مصروفا

فكروا معا في طرق عملية يمكن أن يكتسب ابنكم ثقتكم مجددا عبرها – مثلا، أن يُريكم أنّ في وسعه أن يكون مسؤولا عن مهامّ معينة لوقت ما. تأكدوا من أن ابنكم يعرف أنكم ما زلتم تحبونه رغم أنكم منزعجون من سلوكه، لكي يتعافى ويتعلم من أخطائه.

حسنات الإشراف

الإشراف على ابنكم يستأهل الجهد. الشبان الذين يُشرف عليهم والِدوهم كما يجب:

  • يميلون إلى التورط أقل في سلوكيات غير اجتماعية، مثل السرقة أو العنف
  • يتورطون أقل في استهلاك الكحول أو المخدرات في سن صغيرة
  • يبدأون بإقامة علاقات جنسية في وقت متأخر أكثر، وعندها تكون هذه العلاقات آمنة
  • يميلون أقل إلى أن يصابوا بالاكتئاب
  • يتمتعون باحترام ذات أكثر
  • يحصلون على نتائج أفضل في المدرسة، وتكون نسبة غيابهم عن المدرسة وإبعادهم عنها أقل
  • ينجحون في التعافي أفضل في الفترات الصعبة.

الحفاظ على قنوات تواصل مفتوحة مهم جدا في العلاقات بينكم وبين ابنكم المراهق.

 

تمت ملاءمة كافة محتويات الموقع للجمهور عامة.

© https://raisingchildren.net.au ، تمت ترجمة المعلومات وتحريرها بمصادقة موقع Raising Children Network.