النزاعات بين الإخوة في فترة الكورونا

إثر الجهود الوطنية للقضاء على فيروس كورونا، تجِد عائلات كثيرة نفسها حبيسة المنزل. يُضطَرّ أفراد الأسرة إلى قضاء الوقت معًا بشكل مكثّف. والاكتظاظ، مع الجوّ المتوتّر، قد يزيدان بشكلٍ ملحوظ وتيرة النزاعات بين الإخوة وشدّتها. فكيف يمكنكم أن تساعدوهم على حلّ المشاكل والتقليل منها؟

لمَ يحدث ذلك؟

تزيد النزاعاتُ بين الإخوة الشعورَ بالضغط والتوتّر في البيت، خُصوصًا حين يقضي أفراد العائلة وقتًا طويلًا جدّا معًا. يتخاصم الأولاد كثيرًا، لا سيّما حين يشعرون أنّ أمرًا غير عادل قد حدث، أو حين يرَون الأمور من وجهة نظر مختلفة. كما قد يتخاصمون نتيجة الضّجر، أو لأنهم يتنافسون على الاستئثار باهتمام والديهم. في سنّ المراهقة، يمكن أن تصل النزاعات بين الإخوة إلى ذروتها كجزء من مرحلة النموّ التي ينمّون فيها الاستقلالية. في هذه الفترة تحديدًا، حيث يؤثّر الجوّ في البيت بشكلٍ فوريّ على كلٍّ من أفراد الأسرة، قد تشعرون بضغط شديد لإيقاف الخصومات فورًا من أجل استعادة الهدوء. من المهمّ فهم وتذكّر أنّ ثمة هدفًا مفيدًا للنزاعات بين الإخوة: إنها فرص ثمينة لتعلّم كيفية التواصل مع النظراء. فمهارات حلّ المشاكل التي يتعلمها الأولاد من نزاعاتهم مع إخوتهم تساعدهم على تعلّم حلّ الخلافات، مواجهة الآراء المختلفة، التعبير عن حاجاتهم، إجراء التسويات، وحتى الاعتذار والمُصالَحة. وحين تُعالَج بشكل صحيح، تساعد الخلافاتُ الأولاد على أن يكونوا رفقاء زواج، أصدقاء، وعاملين أفضل حين يكبرون.

كيف يجب التجاوب مع خصام بين الإخوة؟

خلافًا لردّ الفعل الطبيعي الذي يمكن أن ينشأ حين يبدأ الأولاد بالخصام، ليس جيّدًا دائمًا التدخّل بسرعة؛ فحين تُتيحون لأولادكم حلّ الخلافات بأنفسهم، تساعدونهم علىتطوير مهارات حياتية هامّة.  إضافة إلى ذلك، يمكن لاهتمام الوالدين المفرط بالنزاعات أن يشجّع على سلوكيات مماثلة في المستقبل. مع ذلك، يحسُن الإشراف على ما يجري. فحين يتواصل الأولاد أو ينجحون في حلّ المشكلة بأنفسهم، امدحوهم على ذلك. وإذا دعت الحاجة، يمكن تقديم نصائح لهم، وكذلك توجيه المفاوضات بينهم. ساعِدوهم أن يفهموا ما سبب الجدال وأرشِدوهم ليفكّروا معًا في حلّ يأخذ في الاعتبار حاجات الجميع. اقترِحوا أفكارًا أخرى فورًا حين ترون أنّ الأولاد يستصعبون الاتفاق على حلّ للمشكلة. ويحسُن تذكيرهم مسبقًا بقواعد إدارة النزاع بشكل إيجابي، كما بالقول: “أنتم تتذكرون أننا نتكلم بلُطف واحدنا مع الآخر، أليس كذلك؟”.

متى يجب التدخُّل؟

حين يتحول الخصام إلى سُلوك عنيف ومؤذٍ، أو إلى كلمات بذيئة وشتائم، يجب التدخُّل ووقف الخصام بشكلٍ فوريّ. في حالاتٍ كهذه، يمكنكم أن تستعينوا بالخطوات التالية:

  • تدخَّلوا وافصلوا بين الإخوة قبل أن يبدأ البكاء. يمكن إرسال كلّ واحد إلى غرفة مختلفة كي يهدأ. إذا بدأ الأولاد بالجدال حول مَن المذنب، أوضِحوا أنه حين يكون هناك نزاع، يتحمل الجميع المسؤولية من جهتكم.
  • حاوِلوا الحفاظ على جوّ هادئ والتحكّم في مشاعركم. فردّ فعلكم غير المتّزن يمكن أن يفاقم الوضع. حين تستصعبون السيطرة، حاوِلوا أن تعدّوا إلى العشرة قبل التصّرف. وإذا لم يساعدكم ذلك، اطلبوا من بالغ آخر معالجة المشكلة، وخذوا استراحة قصيرة.
  • حدِّدوا وقتًا لاحقًا تتحدثون فيه عمّا حدث. ففور انتهاء الخصام، يكون الأولاد غاضبين جدّا ولا يمكنهم أن يناقشوا الموضوع. تذكّروا إجراء المحادثة كي تساعدوا الأولاد على حلّ المشاكل بينهم بشكل بنّاء.
  • استخدِموا العواقب القصيرة الأمد والفورية، وقرِّروا ماذا ستكون نتيجة النزاع: احرصوا ألا يحصل أيّ من الأولاد على الغرض الذي تخاصَموا عليه حتى يتوصلوا إلى حلّ، أجِّلوا النشاط المخطَّط إلى ما بعد أن يهدأوا، أو استخدِموا الوقت المستقطَع.

كيف يجب الحديث عن النزاع؟

  • تأكَّدوا من أنّ الجوّ قد هدأ قبل بدء المحادثة، وأنّ الأولاد يمكنهم التحدّث بشكل منطقي.
  • اطلبوا من أولادكم أن يُصغوا واحدهم إلى الآخر، وامنحوا كلًّا منهم فرصة التعبير عن رأيه. ساعِدوهم على تحديد محور الجدال، بدل التركيز على مَن بدأ به.
  • احرصوا ألّا تقفوا إلى جانب أيٍّ من الأولاد.
  • ساعِدوهم أن يفحصوا هل توقّعاتهم منطقية وأن يقترحوا حلولًا محتمَلة للمشكلة. يمكنكم أيضًا اقتراح حلول من عِندكم.
  • فكِّروا معًا في الحلول المقترَحة، شجِّعوا الأولاد على التفكير في إيجابيات الحلول المختلفة وسلبياتها.
  • شجِّعوا الأولاد على التوصل إلى توافُق على حلّ مقبول لجميع الأطراف. في حال لم ينجحوا، حاوِلوا أن تتحدثوا عن ذلك مجدّدًا في وقت لاحق، واطلبوا من الأولاد حاليّا أن يفكّروا في أفكار أخرى.
  • تأكّدوا من أنّ الحلّ المتّفَق عليه منصِف فعلًا للجميع، وتأكّدوا من تطبيقه.

ما الذي يمكن فِعله لتقليل وتيرة الخلافات؟

يمكنكم المساعَدة على تهدئة الجوّ وخفض التوتّر والاحتكاكات بين الأولاد عبر الحِرص على ما يلي:

الاهتمام الشخصي بكلّ ولد

اهتمّوا بمنح كلّ ولد اهتمامًا شخصيًّا وبتوزيع المعانقات، الابتسامات، والمديح للجميع، من أجل أن لا يشعر أحد أنّ عليه أن ينافس الآخرين لنيل اهتمامكم. يحسُن بكم أن تتأكدوا من أن يكون لكلّ ولد حيّز خاصّ به – جارور يضع فيه أغراضه الشخصية، وأوقات يمكنها فيها أن يمارس نشاطات دون أن يتدخل فيها الآخَرون – وحاوِلوا أيضًا تخصيص وقت نوعيّ، حتى لو كان قصيرًا، يمكنكم قضاؤه مع كلّ منهم على حِدة.

الإنصاف

اهتمّوا بأن يكون التعامل مع جميع الأولاد منصفًا، وتجنَّبوا التمييز أو المقارَنات بين الإخوة. لا داعي إلى التصرّف بالطريقة نفسها مع الجميع. فلكلّ ولد حاجاته الملائمة لسنّه ولمميزاته. لا تتجادلوا معهم حول ما هو مُنصِف – أوضِحوا أنّ الاختلافات في السنّ تُنشئ اختلافات في الحقوق والواجبات. مع ذلك، من المهمّ الاهتمام بالمساواة، حتى يشعر الأولاد أنّهم يُعامَلون بطريقة منصفة، ولا يتمّ التمييز ضدّهم أو اتّهامهم دائمًا.

الاهتمام الإيجابي

أعطوا الأولاد تغذية مرتدة إيجابية حين يتصرفون حسنًا، أوضِحوا ما هو السلوك الذي أحببتموه، وامدحوهم بشكل محدّد على ذلك. هكذا تزيدون احتمال تكرار هذه التصرفات في المستقبل، وتعلّمون ابنكم أنّ في وسعه أن يحظى باهتمامكم عبر سُلوك إيجابي.

حدِّدوا قواعِد عائلية

حدِّدوا مُسبقًا عددًا قليلًا من القواعد الواضحة والبسيطة التي تساعد أولادكم أن يفهموا توقّعاتكم ويُذوِّتوها. حاوِلوا صياغة القواعد بشكل إيجابي وتحديد أية تصرفات هي مقبولة ومرغوب بها. يمكنكم أن تكتبوا القواعد وتعلّقوها في مكان بارز في البيت. أوضِحوا مُسبقًا عواقب الإخلال بالقواعد. أثناء الخصام، يمكنكم استخدام القواعِد التي حُدِّدت كي تذكِّروا الأولاد بالسلوك المنشود.

المثال الشخصي

انظروا إلى خلافاتكم مع رفيق زواجكم أو مع الآخرين كفرصة تمنحون فيها الأولاد مثالًا شخصيّا بالنسبة للطريقة التي يجب حلّ المشاكل فيها. فإذا حرصتم على التعامل حسنًا أثناء الخلاف، يمكنكم أن تعلّموهم كيف يديرون مُفاوَضات دون أن يتخاصموا. وإذا رآكم الأولاد تعتذرون وقت الحاجة، يُرجَّح أن يتعلموا ذلك هم أيضًا.